المشهد اليمني يشابه المشهد المصري في عشرينات القرن الماضي
27 أبريل، 2016
400 8 دقائق
يمنات
د. فؤاد الصلاحي
في اليمن حاليا عبث سياسي ممنهج و مخطط له من قبل مراكز القوى في نظام قامت ثورة ضده ومعهم الخارج الاقليمي.
مع اختلاط الاوراق السياسية والاولويات تراجعت قضايا السياسة والوطن نحو تصفية حسابات واعادة توزيع الادوار، والمواقع وهو المسار الذي تحقق بنزول الجماعة اياها الى ساحة التغيير بعد جمعة الكرامة و بقبول احزاب المشترك المبادرة ومنح الحصانة وتقاسم السلطة.
اليوم الموقف زاد تعقيدا فمن تمت دعوتهم الى صنعاء والى الحوار يمسكون بسلطة الامر الواقع بتحالفهم التكتيكي مع من كان عدوهم سابقا.
و الشرعية التي تتواجد خارج اليمن، كنا و لا نزال داعمين لها، تعيش حالة من الاهتزاز و فقدان التوازن وفق انتهازية المحيطين بها و انتقال جزء من صناعة القرار الى الدولة المضيفة قائدة التحالف.
و هنا يسعى الكثير من الافراد والجماعات الى الحصول على مكاسب وامتيازات مقابل اعلان وقوفهم مع الرئيس او اعلان عدائهم له مقابل الاصطفاف مع الطرف الاخر بنفس الشروط .. و هو نفس الوضع ايام ثورة سبتمبر باقتسام كثير من القيادات القبلية وغيرها الى جمهوري وملكي او نهارا جمهوري وليلا ملكي.
و هو وضع خلق عدم يقين في المسار السياسي الرسمي وعدم يقين في ثبات المواقف والمواقع للكثيرين، خاصة وان الازمة بمساراتها الميدانية والسياسية متحركة دوما لا تقف عند نقاط ثابتة تؤسس لرؤية ومسار واضحين وفق مرجعية وطنية.
صالح لا يزال رئيس المؤتمر لكنه خارج السلطة الرسمية وعمليا يمتلك مصادر قوة كبيرة. و هادي يريد استقطاب قيادات المؤتمر لصالحه وفق مفهوم الشرعية لكنه يفتقد للقوة الميدانية. تعاظم تحالف صالح مع انصار الله وتعاظم تحالف هادي مع المملكة.
هنا يتشابه المشهد مع ما كان سائد في مصر في عشرينات القرن الماضي في الصراع القوى بين طرفي حزب الوفد و زعامتين لهما حضور في الحزب والمجتمع، و كان انصار سعد يقولون (الاحتلال مع سعد خير من الاستقلال مع عدلي) المقصود بالأول سعد زغلول زعيم الامة و زعيم حزب الوفد، و الاخر عدلي يكن وهو باشا له حلفائه في المجتمع وفي القصر ايضا.
و هكذا كانت النخب تتصارع وفق اهوائها ومصالحها بالدرجة الاولى وهو الامر ذاته في اليمن اليوم حيث الصراع القائم، و الذي دمر اليمن، يرتكز على مصالح ومطامع اطراف محددة هي جزء من النظام الذي يسميه البعض سابقا وهو عمليا لايزال قائم بكل هيئاته وشخوصه مع دخول لاعب جديد أكل حصة كبيرة كانت بعض الاحزاب قد اعتبرتها من نصيبها .. مع مصالح اقليمية جعلت اليمن ساحة لتصفية الحسابات وفقا لتحالفاتها محليا.
و هكذا هناك من يقول ان الاستقرار مع صالح خير من الدولة مع هادي الذي شرعن حضور قوات التحالف و اخرين يهرولون نحو الانصار كلاعب جديد مع افتقاره للخبرة والكوادر والمشروعية الشعبية مقابل رفض الشرعية التي يربطونها بالاحتلال ويقصد به التحالف مع المملكة.
و في الاول والاخير كلا طرفي الصراع وما بينهما من فئات وجماعات هم يشكلون مركز واحد متعدد الجماعات الداخلة في تركيبه كانوا و لا يزالون جزء من نظام قامت ثورة ضده وضدهم جميعا .. لكن سخرية القدر والانتهازية السياسية انحرفت بمسار الثورة وصولا الى وضع اليمن الارض والشعب والدولة رهين مغامرات خاسرة وغير محسوبة العواقب لا تخدم مصالح اليمن لكنها جميعا تخدم مصالح الخارج الاقليمي والدولي واعوانه..