بريطانيا ترسل وزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط إلى الرياض بعد شعورها بالصدمة من مجزرة صالة العزاء
يمنات – صنعاء
قررت بريطانيا إرسال وزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط إلى العاصمة السعودية الرياض في مهمة حساسة، وذلك بعد شعورها بالصدمة من المجزرة الناجمة عن الهجوم على صالة عزاء في اليمن السبت الماضي ما ادى الى مقتل 140 شخصا على الأقل، معظمهم من المدنيين، وجرح أكثر من 500 آخرين.
وبعد مرور أكثر من أربعة أيام على الغارة – التي تشير تقارير على نطاق واسع إلى أنها كانت لقوات التحالف الذي تقوده الرياض – لم تعلن السلطات السعودية حتى الآن مسؤوليتها بشكل علني.
واتخذت بريطانيا، التي لها علاقات طويلة الأمد ومربحة في المجالات الدفاعية والتجارية مع السعودية، خطوة غير معتادة بطلب “إشراف” على التحقيق الجاري في الهجوم.
هل سيكون هذا كافيا للتخفيف من حدة الإدانات المتزايدة لدعم الجيشين الأمريكي والبريطاني للحملة السعودية؟ هذا غير مرجح.
ومن المقرر أن يجري توبياس الوود، وزير الدولة لمنطقة الشرق الأوسط والرجل الذي لطالما وقف في البرلمان البريطاني للدفاع عن مبيعات الأسلحة البريطانية للسعوديين، محادثات حساسة مع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير والرئيس عبد ربه منصور هادي والمبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن.
ولن تتطرق المحادثات فقط إلى مجرد شرح كيفية وقوع كل هذا العدد المروع من الضحايا في هجوم واحد.
وبالنسبة لبريطانيا، سوف تتطرق المحادثات أيضا إلى طبيعة ومنطق التحالف الاستراتيجي المثير للجدل مع السعودية، الذي يريد نشطاء تقليصه فورا.
حرب فاشلة
في مارس / آذار 2015، ذهبت السعودية إلى الحرب في اليمن على رأس تحالف يضم 11 دولة.
وكان الهدف من هذا التحالف مواجهة تقدم أنصار الله، وإعادة الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته المعترف بها من الأمم المتحدة إلى سدة الحكم.
وتتميز القوات الجوية السعودية وحلفاؤها بتفوق جوي تام في سماء اليمن بفضل تسليحها بأحدث الطائرات الحربية والذخيرة البريطانية والأمريكية، وهو ما يعني أنه يمكنها وحدها أن تشن غارات جوية.
وفشلت هذه الحملة في طرد أنصار الله من العاصمة صنعاء ومن الكثير من غرب اليمن المكتظ بالسكان.
وكانت الأضرار التي لحقت بالمدنيين كارثية. وقالت الأمم المتحدة إن الضربات الجوية تسببت في مقتل 60 في المئة من إجمالي الوفيات بين المدنيين والذين وصل عددهم إلى 4000 قتيل.
وقد فشلت جولة بعد جولة من محادثات السلام في التوصل إلى اتفاق بحل وسط بين أنصار الله والموالين لهم وحكومة هادي التي لا تحظى الآن بشعبية كبيرة.
جرائم حرب؟
تحاول وزارة الخارجية البريطانية جاهدة أن تؤكد على أن بريطانيا ليست جزءا من التحالف الذي تقوده السعودية.
لكن الحقيقة هي أن معدات الجيش البريطاني والأمريكي هي التي تضمن استمرار الحملة السعودية، واليمنيون يعرفون ذلك.
كما تزود الولايات المتحدة التحالف بالمعلومات الاستخباراتية والوقود.
وحتى قبل الهجوم على مجلس العزاء يوم السبت الماضي، كانت هناك اتهامات بأن الضربات الجوية السعودية في اليمن تشكل خرقا لاتفاقية جنيف وربما ترتقي لجرائم حرب.
ويصر السعوديون على أنهم يلتزمون بقواعد صارمة، قانون النزاعات المسلحة، وأنهم لم يستهدفوا المدنيين عمدا، وهو ما يشكك فيه العديد من اليمنيين.
ويتعهد السعوديون أيضا بالتحقيق في المزاعم بأن طائراتها الحربية قتلت مدنيين، وسيجري هذا التحقيق من قبل هيئة تضم 11 دولة يطلق عليها اسم الفريق المشترك لتقييم الحوادث.
“مجرم يحكم على جريمته”
وهنا تكمن المشكلة. يقول السعوديون إن الفريق المشترك لتقييم الحوادث يعمل بالضبط بنفس المعايير العالية التي تتبع في تحقيقات مماثلة تقوم بها الولايات المتحدة وجيوش الدول الغربية الأخرى. وعلى الرغم من اعتراف الفريق المشترك لتقييم الحوادث ببعض الأخطاء في الاستهداف، فإن العديد من أعضائه هم أنفسهم من الدول المشاركة في التحالف الذي تقوده السعودية.
وبالتالي تصف وسائل التواصل الاجتماعي هذا بأنه مثل “مجرم يحكم على جريمته”. ومن هنا جاء طلب بريطانيا بأن يكون لديها ما تسميه “إشراف” (السعوديون يفضلون أن يطلقوا عليه اسم “مساعدة”) فيما يتعلق بهذا الحادث الأخير.
قال وزير الدفاع السير مايكل فالون إنه إذا تبين أن مدنيين استهدفوا عمدا يوم السبت الماضي فإن المملكة المتحدة “قد تراجع” العلاقات الدفاعية مع المملكة العربية السعودية.
ووعد السعوديون بالشفافية الكاملة. ويجب أن يؤدي ذلك، من الناحية النظرية، إلى الكشف عن الشخص الذي أمر بقصف الجنازة، وهو يدرك أن قيادات بارزة من الحركة الحوثية قد يكونوا موجودين، والأهم من ذلك هل كانوا يدركون أن أعدادا كبيرة من المدنيين سيصابون في الهجوم.
المصدر: بي بي سي