هل سيطول الصمت السعودي على تحركات الامارات في حضرموت وهل ستحدد موقف من مقررات مؤتمر حضرموت الجامع..؟
يمنات
عبد الله بن عامر
أثارت مقرّرات مؤتمر حضرموت الجامع الكثير من الجدل، غير أن التساؤل الأبرز ظل يدور حول الموقف السعودي من ما يحدث في المحافظة اليمنية التي لطالما كانت محل اهتمام السعودية، إن لم نقل محل أطماعها.
فحضرموت التي تعتبرها السعودية الأقرب لها، باتت اليوم بحكم الأمر الواقع أكثر قرباً من الإمارات، أو على الأقل تتجاذبها صراعات العاصمتين الخليجيتين: الرياض وأبوظبي.
أين السعودية..؟
تسارع الإمارات في تنفيذ خطوات متقدمة لبلوغ الأهداف المرسومة، فيما يتعلق بدفع «أبناء حضرموت» لرفع سقف المطالب واستكمال تهيئة الواقع على الأرض لفرض مشروع إعلان كيان مستقل، في الوقت الذي تلتزم فيه السعودية بالصمت، على الأقل رسمياً، تجاه ما يحدث من تطورات.
تؤكد المعلومات وجود تحرك سعودي، غير مباشر، عن طريق جهات يمنية، بهدف استعادة الحضور الكامل في المحافظة، والبداية كانت بتحركات غير معلنة لإفشال مؤتمر حضرموت.
سعت حكومة عبد ربه منصور هادي، ومعها «حزب الإصلاح»، إلى توجيه ضربة للمؤتمر قبيل انعقاده بـ 24 ساعة، من خلال الإيعاز للعديد من المشاركين فيه بإعلان الانسحاب والمطالبة بأن يكون المؤتمر برعاية «الشرعية» ودول «التحالف» كافة، وهو ما حدث بالفعل، إذ أعلنت قبائل حضرمية، منها كندة، عدم مشاركتها في المؤتمر.
وتضمن بيان كندة إشارات إلى حقيقة الموقف، حين قال: «ومن الحكمة والعقل أن يجري هذا المؤتمر بتنسيق وتوافق مع قيادة التحالف العربي، وعلى رأسها المملكة السعودية والإمارات».
و ناشد البيان هادي بعدم السماح بعقد المؤتمر حتى لا يخلق «فتنة»، وأن يؤجّل حتى يتم التوافق على لجانه التحضيرية ويشكل إجماعاً حضرمياً يتوافق مع توجهات «السلطة الشرعية» ودول «التحالف».
و برر فصيل باعوم في الحراك الجنوبي مقاطعته المؤتمر بأنه مدعوم من السلطة المحلية في المحافظة، مطالباً بفتح مطار الريان وطريق الضبة وحل ملف المخفيين قسراً ومنع صيادي شحير من مزاولة عملهم، وجميعها ملفات مرتبطة بـ«التحالف». و يرفض الفصيل مشروع الأقاليم ويتمسك بالثورة الجنوبية.
وكان أبرز الأصوات المعارضة للمؤتمر ما أصبح يعرف بـ«لجنة تصويب مسار مؤتمر حضرموت»، التي اعتبرت قبيل انعقاد المؤتمر بيوم واحد أن هناك أشياء غير واضحة يتم التخطيط لها تمس كيان حضرموت، منتقدة عدم الإنصات للأصوات الأخرى.
التقليل من أهمية المؤتمر ونتائجه
نجحت الإمارات في فرض انعقاد المؤتمر الذي تولت قوات النخبة تأمينه، وبرعاية السلطة المحلية أنهى المشاركون مؤتمرهم في الوقت الذي حاول فيه تحالف «الشرعية» التقليل من أهمية الحدث والتشكيك في مستوى تمثيل أبناء حضرموت، بل واعتبار ما حدث بأنه تعبير عن حالة النفوذ الإماراتي وسطوة قوات «النخبة».
و يلفت الإنتباه الحرص الإماراتي، كما تتحدث مصادر، على عدم الإصطدام بالسعودية واعتبار انعقاد المؤتمر بأنه تعبير عن توافق سعودي إماراتي، وبأنه برعاية «الشرعية» ممثلة بهادي، وهو ما جسدته وسائل الإعلام المحسوبة على أبوظبي.
و لامتصاص أي ردة فعل، فإن وفداً من المؤتمر سيتوجه خلال الأيام القادمة إلى الرياض لتطمين المملكة والحصول على تأييدها لمقررات المؤتمر.
حضرموت… إقليم أم دولة؟
تتعامل السلطة المحلية في المحافظة مع الكثير من الملفات باستقلالية كاملة عن حكومة هادي، منها ملفات الثروة النفطية، الأمر الذي ضاعف من حدة الخلافات بين المحافظ المدعوم إماراتياً وهادي المحسوب على السعودية.
و يرى البعض أن اعتماد يوم دخول القوات الإماراتية للمكلا مناسبة رسمية، إضافة إلى ظهور المحافظ وهو يضع حجر أساس لمشاريع بقيمة 500 مليون على لوحة لم يشر فيها إلى هادي أو حكومته (على خلاف المتعارف عليه)، يؤكدان عمق الخلافات بين الطرفين.
وعلى الرغم من أن وسائل الإعلام سارعت إلى حذف صور حجر الأساس المشار إليه، وصدور تصريحات بشكل متكرر من المحافظ بأنه يعمل في ظل الدولة والجمهورية اليمنية، فإن الإمارات بدت أكثر رغبة في إيصال رسائل تؤكد عزمها على المضي نحو فصل المحافظة عن الجسد اليمني، وفق المشكّكين بالدور الإماراتي. وبحكم تعقيدات المشهد في بقية المناطق، فقد اختارت أبوظبي حضرموت لتكون رقم 1 في خطة التقسيم، بحسب هؤلاء.
أين المهرة مما يحدث..؟
في محاولتها لإفشال مؤتمر حضرموت، استدعت المملكة المحسوبين عليها من أبناء محافظة المهرة (شرقي البلاد) ليعلنوا مواقف ترفض مؤتمر حضرموت من زاوية أن محافظتهم تشكل مع حضرموت، وكذلك سقطرى، إقليماً واحداً بحسب مخرجات الحوار الوطني.
إلا أن تياراً لا بأس به في حضرموت اختار طريقاً مغايراً للرؤى السابقة كافة، ويتجه نحو إنشاء كيان مستقل قد يلتهم المهرة، إن لم تكن هذه المحافظة محل صراع بين الإمارات من جهة وسلطنة عمان من جهة أخرى. ولهذا بدت الخطوة السعودية في تحريك ملف المهرة غير مجدية.
أسباب الصمت السعودي
تعيد أوساط سياسية أسباب الصمت الرسمي السعودي وترك أمر حضرموت للإمارات إلى التوجه الأمريكي في الإعتماد الكامل على الإمارات، ليس في إدارة الوضع في المحافظات الجنوبية فقط، بل وحماية حركة الملاحة في البحرين العربي والأحمر، إضافة إلى تسليمها ملفات أخرى، كمعركة الساحل الغربي وجزيرة سقطرى.
المصدر: العربي
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا