باحثة امريكية: حرب اليمن فتحت الباب لتنظيم داعش لبدء عملياته في اليمن وواشنطن معنية بالضغط على السعودية للخروج من اليمن قبل المفاوضات
يمنات – صنعاء
قالت الباحثة كاثرين زيمرمان في معهد “انتربرايز” الأمريكي للدراسات والتحليلات، “أن أهداف السعودية في اليمن تتماشى بشكل وثيق مع المصالح الأمريكية. ولكن استعانة المملكة العربية السعودية بسياسة الولايات المتحدة، عن طريق إدارة ترامب، هو نفس الفخ الذي سقطت فيه كل من إدارة أوباما وبوش. بدلا من ذلك، على الولايات المتحدة رسم مسارها الخاص في اليمن بشكل صحيح حتى يمشى عليها حلفاؤنا.
واضافت زيمرمان ، ان “الانحياز الأميركي مع قوات التحالف الموجودة في اليمن يبدو وكأن سياستها واضحة للوهلة الأولى. يبدو – للوهلة الأولى- أن حكومة عبد ربه منصور هادي، شريك جيد ضد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وداعش .
وأكدت ان هادي ليس شريكا جيدا في مكافحة الإرهاب. في الحقيقة، هادي لا يقاتل القاعدة أو تنظيم داعش، في الواقع، عمل هادي بشكل ضمني مع القاعدة في بعض المناطق. كما انه يفتقر الى الشرعية حتى بين أولئك اليمنيين المنحازين معه ضد الحوثيين.
وأوضحت ان الأمم المتحدة تسعى إلى اتفاق سياسي تتفاوض، بشكل واضح نيابة عن الرياض، بين سماسرة السلطة الذين لا يحظون في الواقع لولاء اليمنيين من جميع الاطراف. تجاهلت الأمم المتحدة المظالم الأساسية والصراعات المحلية التي ولدت الحرب في المقام الأول. ولذا فإن دعم هذه الجهود سوف يؤدي إلى الفشل حتماً.
ولفتت زيمرمان ان “لا أحد يفوز اليوم بهذه الحرب في اليمن. لم تتغير العمليات البرية للتحالف الذي تقوده السعودي في الخطوط الأمامية في الحرب في العام الماضي. استراتيجية التحالف والحكومة اليمنية، كانت بكل تأكيد مدمرة للسكان. كما ان عزمها للسيطرة على كامل سواحل البحر الأحمر – والتي قد تعزل حركة الحوثي- صالح في شمال ووسط اليمن – سوف تؤدي بكل تأكيد إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية”.
وبحسب زيمرمان ، استطاعت القاعدة استعادة الأراضي التي خسرها الربيع الماضي واستمر في القتال إلى جانب الميليشيات المحلية (التي تقاتل الحوثيين وصالح) في مقدمة الصفوف الامامية. يحتفظ تنظيم داعش ببصمة صغيرة، ويمكنه التوسع.
وأكدت ان إنهاء الحرب بشروط مقبولة للولايات المتحدة يتطلب الضغط على الحوثيين لقبول عروض معقولة في المفاوضات، والسلام في نهاية المطاف. يجب على أمريكا الدفع بشركائها للتركيز على هزيمة القاعدة في جزيرة العرب وتنظيم داعش الوليد، بدلا من ابرام صفقات مؤقتة معهم لدعمهم ضد الحوثيين وصالح كما فعل هادي في وسط اليمن، أو ببساطة تجاهل وجودهم على أرض المعركة. كما على الولايات المتحدة أيضاً، بذل مزيد من الجهود للتوصل لحلول العديد من الصراعات المحلية المتجاهلة، التي تسرع من انهيار أي تسوية على المستوى الوطني.
وقالت زيمرمان ان شركاء الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب في اليمن، هادي وقوات التحالف التي تقودها السعودية، ينظرون إلى القاعدة كعدو أقل في اليمن، إن لم يكن عدوا على الإطلاق، وكانت أولويتهم هزيمة التحالف الحوثي-صالح. تتسامح قوات التحالف التي تقودها السعودية بشكل كبير، وجود القاعدة على أرض المعركة، لطالما تحارب الجماعة ضد قوات الحوثي-صالح. على الرغم من أن الإماراتيين شنوا حملة مكثفة لطرد القاعدة من الاماكن التي تحتلها الامارات في جنوب اليمن في عام 2016، لكن الهجمات الإماراتية توقفت. ذلك أدى بالقاعدة الى الغوص داخل سكان اليمن وأنشأ ملاذات آمنة له داخل المجتمعات السكانية.
في الواقع، شكل تنظيم القاعدة عاملا مهما لبعض الميليشيات المحلية في المعارك ضد قوات الحوثي-صالح. كما وفر التنظيم المال والسلاح والتدريب والموارد لهذه المليشيات الموالية للتحالف وحكومة هادي، ومن خلال ذلك، استطاع أن يبني قاعدة شعبية أوسع. حتى أنه تلقى دعما ماليا من حكومة هادي من خلال سلسلة من العلاقات المشبوهة، لقيادة صفوف خطوط المواجهة الأمامية، ضد قوات الحوثي-صالح في البيضاء، حيث وقعت الغارة الأمريكية الأخيرة الفاشلة.
يجب على الولايات المتحدة تقديم شبكة دعم بديلة للميليشيات المحلية لكسر العلاقة مع تنظيم القاعدة الإرهابي، وينبغي تشجيع الشركاء مثل الإماراتيين بفعل الشيء نفسه، والضغط على الاطراف للعودة الى طاولة المفاوضات. والضغط على السعوديين للتخلي عن الشروط الحالية وإسقاط قرار مجلس الأمن الدولي 2216 الذي ينص على نزع سلاح قوات الحوثي – صالح والانسحاب من جميع الأراضي قبل البدء بالمفاوضات. هذه المتطلبات هي بمثابة استسلام غير مشروط للحوثيين وصالح. التمسك بمثل تلك الشروط سيطيل فقط الصراع الذي يضر بالجميع.
يجب على الولايات المتحدة البدء في قيادة جهود المصالحة على مستوى الدولة لحل الصراعات المحلية. كما يجب أن تدعم إنشاء قنوات مباشرة لمعالجة المظالم المحلية، وكذا بدء مناقشات حول مستقبل الحكومة المركزية اليمنية. لا ينبغي على الولايات المتحدة العمل بذلك لوحدها. فهناك المنظمات غير الحكومية على أرض الواقع التي تستطيع بالفعل تحديد نقاط النزاع، ويمكن للشركاء مثل المملكة المتحدة المساعدة في التوسط لحل النزاعات.
ببساطة، التورط أكثر في الحرب اليمنية من خلال زيادة الدعم العسكري الأمريكي لقوات التحالف التي تقودها السعودية، سوف يتسبب فقط في فشل حقيقي لشركائنا وبشكل أسرع وستُسقِط الولايات المتحدة في الطريق الخطأ. وبينما يُضخم السعوديون من التهديد الإيراني في اليمن، لم يفعلوا حتى القليل لمكافحة تنظيم القاعدة وداعش في اليمن.
يجب على الولايات المتحدة ترتيب شركائها لفهم المعركة، وتوجيه جهودهم نحو مصالحنا الأمنية الحيوية الوطنية، والتي تشمل تهدئة الحروب الإقليمية مثل الصراع الإيراني السعودي في اليمن وأماكن أخرى. زيادة الدعم الأميركي للتحالف القائم في اليمن، لن يقوي سوى أعدائنا ودفع الحوثيين أقرب إلى أحضان طهران.
صحيح، لا يمكن للولايات المتحدة أن تتخلى عن شركائها في التحالف الذي تقوده السعودية. لكن يجب أن يكون الدعم لإعادة توجيه الحملة الجوية لتحقيق الآثار الاستراتيجية بدلا من ترويع السكان لإجبارهم على الخضوع. الحصيلة العالية من الضحايا المدنيين، وتسييس التحالف وشركائه اليمنيين للمساعدات الإنسانية والاقتصاد، سيعزل السكان تماما عن التحالف وشركائه. أصبح التحالف برمته دولة منبوذة في نظر المجتمع الدولي في سعيها نحو تحقيق هذه الأساليب غير الفعالة، مما يقلل من استعداد المجتمع لدعم جهودها.
اعادة الانخراط الأمريكي في اليمن يجب أن يدرك بأن كلا من القاعدة وإيران تسعى لخطف المظالم المحلية لكسب النفوذ. الحرب هي مزيج مركب من عدة صراعات محلية، سمحت لأعداء أميركا بتوسيع نفوذها في اليمن. الحرب أيضا فتحت الباب أمام تنظيم داعش لبدء عملياته في اليمن. يجب على الولايات المتحدة أن تقود الجهود الرامية لحلحلة النزاعات التي تغذي الحرب. من خلال هذه السياسة، سيتم تجويع وتقليص تنظيم القاعدة وإيران من نفوذهما في اليمن.
المصدر: وكالة خبر