العرض في الرئيسةفضاء حر

صناعة المزناوة

يمنات

فكري قاسم

تقولهم يا شجعان الزحمة، والله العظيم إن انا قلباً وقالباً وباطناً وظاهراً مع الشرعية وضد الإنقلاب وضد العدوان وضد المليشيات المسلحة التابعة لكل الأطراف وضد الحرب كلها جملة وتفصيلاً، وقلبي وعقلي ومشاعري كلها منحازة للسلام المجتمعي ولدولة النظام والقانون، يقولوا لك: لا لا، ما بلا أنت عفاشي خطير وتدقها مزناوة!

تقولهم يا شجعان الزحمة، أداء الحكومة الشرعية وأدواتها يمغصوا البطون، وما قدموش لليوم النموذج اللي يخليك كمواطن تلابج بعدهم وتدي رأسك معاهم وانت داغز ريش وطز بأم العالم كله، يقولوا لك: لا لا، أنت زيدت بالعفششه يا خطير!

تقولهم طيب يا عباقرة ويا مفكرين، لنفترض مثلاً مثلاً أنني عفاشي والا اخواني والا حوثي والا ما كان، قد كل الأطراف في بلادنا متهمة ومدانة وغبار ملابيجهم وصل إلى كل بيت، وما عدفيش في الحياة اليمنية السياسية الآن أي طرف منزه، ويمكن الإعتماد على مهاراته لإخراج البلد من محنتها اللي عصفت بحياتنا كلنا، يقولوا لك: لا لا، ما بلا أنت كاتب مأجور!

تقولهم والله ما انا كاتب مأجور، وكلما قلتوا مأجور تضربوا بي بس عند المؤجر اللي يقرأ هداركم هذا، وينبع يشتي الإيجار حقه أو اخرج من بيته، وانا وأسرتي نازحين منذ أكثر من سنتين، وقد تلبجنا من قرية إلى قرية ومن مدينة إلى أخرى بعد أن أتلفت حرب الشوارع المجنونة في تعز كل مدخراتي وحتى عفش بيتي، شأني بذلك شأن ناس كثير أرهقتهم الحرب، ينبعوا لك شوية عباقرة يقولوا لك: ما بلا أنت أعفش واحد!

طيب يا عباقرة ويا مفكرين، أنا أعفش واحد موشيقع، وفلان أحوث واحد موشيقع، وفلان متأخون موشيقع، وفلان داعشي وفلان قاعدي، وفلان حراكي موشيقع موشيقع، وقد كل جماعة مننا أصبحوا هكذا في وقت معين وعصيب محسوبين ومرجومين لا فوق طرف من هذه الأطراف اللي عجنت وعصدت حياتنا، يقولوا لك: لا لا، ما بلا أنت تبع حمادة وتشتي عفاش يرجع يحكم! يا زعم ما هو إلا مراعي لي أقوله خلاص ارجع يا فندم على ضمانتي والله محد يحاكيك!

طيب يا شجعان الزحمة، أنا أحب حمادة وأحب علي عبد الله صالح وأحب علي محسن وأحب حميد الأحمر وأحب عبد الملك الحوثي وأحب عبد ربه منصور وأحب عيدروس الزبيدي، ونفسي ومنى عيني أشوفهم كلهم هكذا مجموعين في صورة واحدة وهم واقفين في منصة واحدة ورافعين أيديهم المتشابكة ببعضها للأعلى، ويتصالحوا ويتسامحوا لأنوه ما فيش طرف منهم أساساً قادر يحسم الأمور لصالحه، ويخارجونا من هذا العذاب والدمار اليومي اللي خلى حياة اليمنيين كلهم، شمال وجنوب وشرق وغرب، مثل عصف مأكول، يقولوا لك: لا لا، ما بلا أنت يهودي!

طيب أنا يهودي إبن يهودي إبن يهودية، وانتوا المسلمين الحبوبين والمناضلين المرموقين، وانا وأسرتي نشتي نعيش معاكم بهدوء ومحبة وسلام، وشاندفع الجزية لرداد السلامي ولعبد الله دوبلة ولفتحي أبو النصر ولعزت مصطفى وسام الغباري والكل عنرسل له الجزية للسعودية، وماجدة الحداد عنرسل لها الجزية «ويستريونيون» إلى أمريكا، وأسوان شاهر عنرسل لها الجزية إلى تركيا، والله والله لا نرسل، يلعن أبوه اللي يكذب، أهم شي يا خبرة اقبلونا نعيش بينكم هكذا زيما خلقنا الله يهود، وإذا ما حدث وكتبنا في يوم من الأيام مقال أو منشور فيه يهوده، سهل يا ذاك اعتبروه من الأشياء اللي تسموها في دينكم الإسلامي حرية المعتقد! يقولوا لك: لا لا، ما بلا أنت بتتيهود علينا!

طيب يا نابهين ويا حقوق الإنسان، قدنا هاضاك اليهودي الخطير الذي يتمزنى عليكم وعلى الشعب، اسكه قعوا انتوا المتنورين اللي ما تيمزنوش ولا يتيهودوا، وقولوا للناس إن الكلمة المليحة تكسر العود اليابس، وإن السبوب والشتائم لأي طرف كان مش هو العلاج لمشاكلنا، يقولوا لك: لا لا، ما بلا أنت خطير وتشتغل من تحت لا تحت!

طيب يا شجعان الزحمة، أنا من تحت لا تحت، خلوكم أنتم الناس الواضحين اللي يتكلموا من فوق، وقولوا للناس في مجتمعكم التعبان والمربوش هذا إن بلادهم الطيبة قلبها مجروح من الكل بلا استثناء، وإن حالنا اللي عايشين فيه في هذه البلاد المكسرة من كل جانب ما عد يحتاج مهاترات ولبيج وتبادل اتهامات ومشاحنات سياسية، وإنما يحتاج إلى خطاب تسامح ومحبة ودفع باتجاه السلام. وانتوا عارفين يا شجعان الزحمة، ويا حداثيين ويا متنورين إن القلوب المجروحة لا تداويها اللقافة، ولا تشافيها إبر أي مبادرة أممية ولا مغذيات قرارات مجلس الأمن، وإنما يداويها السلوك الدغري والكلمة المليحة وبس.

وانتوا عارفين برضه إن شعبكم اليمني هذا الذي كلكم تتنابعوا تشتوا تنقذوه وتقعوا أبطال فيه، هو في الأساس شعب طيب وبسيط، وأكيد تكونوا عارفين إن معانا في موروثنا الشعبي الكبير مثل يمني شهير يقول «الكلمة المليحة تكسر العود اليابس». والله ما هي مزناوه مني ولا يهودة ولا حمدده ولاعفششة، قسماً بالله ما غير هي هذه الفكرة اللي قالها الأجداد زمان واقتنعت بها كما اقتنعت بأن الفم المكسور يجلب المصايب، جربوا هذه الوصفة يمكن تسبر ونتخارج وما عتخسروا شي والله، أما البطولات والعنترة والشتائم والاتهامات وأخر إفسح، فهذه جعالة قد جربوها اليمنيين كلهم، وما جنينا منها شي لليوم غير إنه حتى اللي تأكل أنت وهم عيش وملح تبكر الصبح وقدهم يهتوروك من شعرك ويقولوا لك: ما بلا، أنت تبع فلان وتبع زعطان واعترف أنك غزال!

أيواااااه، طيب أنا غزال ولا تزعلوا، وانتو ما هوه اسكه قولوا لي، إنتو ماهوه، وادوا الصدق؟!

المصدر: العربي

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى