هل سيبقى الدواء المستورد والعلاج في الخارج ممنوع عن صنعاء..؟ ولماذا رفضت الأمم المتحدة إدارة المطار..؟ ومن يتحمل مسؤلية حماية المدنيين..؟
يمنات
عبد الخالق النفيب
تتضخم معاناة اليمنيين أمام تضاؤل فرص فتح المنفذ الجوي الموصد بوجه المدنيين في اليمن لأكثر من عام، و وسط خلط المتحاربين للكثير من الأوراق يضيع حقهم في الحصول على الدواء المستورد والعلاج في الخارج، بعد رفض الأمم المتحدة للعرض الذي قدمه التحالف العسكري السعودي بشأن استعداده لرفع حضر فرضه على مطار صنعاء مقابل إدارة أممية للميناء الجوي الوحيد للمحافظات اليمنية ذات الكثافة السكانية العالية، في محاولة من التحالف لامتصاص موجة عالية من الغضب والسخط الدولي لكثير من العواصم النافذة والمنظمات الإنسانية والدولية تجاه إجراءات التحالف السعودي التي تضع حياة المدنيين على المحك، باعتبار أن مطار صنعاء الذي يبعد 15 كم من وسط العاصمة يعد شرياناً حيوياً للمسافرين المدنيين في (صنعاء ، عمران ، حجة، المحويت ، ذمار ، إب ، البيضاء) وهي المحافظات التي تحتضن تكتل بشري هائل يتجاوز الـ10 عشره ملايين مدني، وهو الأمر الذي لا تستطيع المنظمات السكوت عنه لفترات أطول، ما يعني أن المدنيين في اليمن باتوا يعيشون بدون ضمانات منذ إغلاق مطار صنعاء في التاسع من آب أغسطس العام الماضي كإجراء اتخذته عاصفة الحزم وتستمر في تكراره وإبقاء الوضع على ما هو عليه إما بذرائع لا يمكن التعاطي معها في إطار مساحة الحرب، أو بوضع اشتراطات تعجيزية لا شأن لها بحياة من تبقى من المدنيين ولا تأبه بتداعيات حرب مأساوية يدور رحاها في المناطق والمدن اليمنية منذ عامين ونصف العام خارج قواعد الحروب ومواثيقها.
في الحرب التي تشنها أغنى دول العالم على بلد فقير كاليمن، تعززت هيمنة عاصفة الحزم منذ أول طلقة لها في سماء صنعاء، وبما أنها كانت تُخضع جميع الرحلات الجوية المغادرة منه أو القادمة إليه إلى تفتيش دقيق في مطار “بيشه” جنوب العربية السعودية، فإن قضية تحييد المدنيين ومساعدتهم في الوصول للدواء المستورد والعلاج في الخارج تبدو مهمة ميسرة بالنسبة لقيادة التحالف في عاصفة الحزم، وهو في النهاية أمر يدخل في صميم مسؤليتها التي تترتب على حربها المعلنة ولا يمكنها البقاء بمنأى عنه، ما يفسر أن تكتيكات الحرب قد انتهت بقيادة تحالف عاصفة الحزم إلى انتهاج خط عسكري جديد يستخدم المدنيين في معارك العاصفة ويضعهم في محارقها بدون ضمانات في إطار خطة عسكرية تفرض عقاباً جماعياً يطال الابرياء والنساء والأطفال لا يمكن التستر عليها أو القبول بها بحسب المنظمات والكثير من المراقبين، وهو ما يفاقم الخطر الذي يهدد حياتهم ويدفع باتجاه المزيد من الضغط الدولي تجاه التحالف العسكري السعودي لرفع الحضر الذي يفرضه على المطار وهو الحد الأدنى الذي لا يحتمل إخضاعه لأي اشتراطات تتلوها شروط إضافية.
ترى المنظمات الإغاثية والدولية والإنسانية أن المدنيين في اليمن يدفعون ثمن حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، وأن محاولات تحييدهم عن كل أنماط الصراع قد باءت بالفشل، فيما التحذيرات المتكررة التي تطلقها بوجه الأطراف وتخص بها الطرف الأقوى والمتحكم في مسار الصراع “عاصفة الحزم” قد وصلت إلى طريق مسدود، ولم تلقَ استجابة مسؤلة تضع حداً لكل الانتهاكات التي تطال المدنيين الأبرياء.
إضعاف الدور الأممي إزاء حرب التحالف في اليمن انعكس على مجمل الانتهاكات بحق المدنيين التي لا تجري على هامش الصراع بل صارت جزاءاً من حيثياته الأساسية وأدواته المستخدمه بصورة علنية، ورغم الضغوط التي مورست لم يتغير شيء في المشهد ولازال مستقبل مطار صنعاء حتى اللحظة غامضاً رغم تسببه بوفاة أكثر من 13000 توفوا بسبب منعهم السفر للعلاج في الخارج، وأن أكثر من 95000 ينتظرون ذات المصير، وعلى عكس ما يذهب إليه البعض فإن رفض الأمم المتحدة للعرض السعودي بإدارة وتسيير مطار صنعاء، رد منطقي وليس مفاجئ لاعتبار أن إغلاق التحالف للمطار جاء بدون مسوغات ولا يحمل تبريرات مشروعة يمكن الاستناد عليها، وأن أي اشتراطات جديدة للتحالف تحمل شكلاً من أشكال المرواغة، وتأتي في إطار الترتيبات التفاوضية للحصول على تنازلات أكبر من طرف صنعاء سواء فيما يتعلق بميناء الحديدة أو ما يتعلق بنمط التفاوض عند الانتقال لمسار سياسي قادم.
إصرار قيادة التحالف على موقفها الرافض لفتح مطار صنعاء أمام الرحلات المدنية والإنسانية كحد أدنى، يصفه بعض المراقبون بجرائم حرب وواحدة من الأخطاء الاستراتيجية التي يرتكبها التحالف في اليمن، وأنها ليست إلا ضمن سلسة طويلة من الحقائق والانتهاكات التي اصطدم بها العالم، وتضع استفهامات عريضة عن مصير المدنيين ومن يتحمل مسؤلية حمايتهم إزاء انتهاكات عاصفة الحزم التي لا تتوقف..؟!
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا