أسباب تدعو لايقاف حرب اليمن
يمنات
صلاح السقلدي
بعد أسابيع قليلة جداً ستدخُــل الحرب باليمن عامها السادس، دون أن تلوح بالأفق بوادر انفراجة أو مؤشرات حسم عسكري لأيٍ من الطرفين، فالفشل العسكري السعودي هو السمة السائدة على الجبهة العسكرية، و ما الهزائم الأخيرة التي تلقاها حلفاؤها شرق صنعاء العاصمة و مأرب و الجوف خير دليل على ما ظللنا نؤكده بأن لا حل عسكري باليمن.
كما أن هذه الحرب لم تحقق كل أهدافها أو حتى بعض من تلك الأهداف التي اعلنها السفير السعودي بواشنطن حينها عادل الجبير مطلع 2105م، متجاوزة بذلك مُدة الحرب العالمية الثانية، ناهيك عن الأولى.
صحيح أن السعودية حقّقتْ مُعظم أهدافها غير المُعلنة من هذه الحرب، إلّا أنها فشلت أو تعمدت الفشل – لحاجةٍ هي في نفسها – في تحقيقها الأهداف المعلنة ظاهرياً، مثل هدف استعادة السلطة اليمنية الشرعية الى سدة الحكم بصنعاء و هدف إسقاط من تصفهم المملكة بالانقلابيين في صنعاء، بالإضافة إلى الهدف المضاف و هو محاربة المد الإيراني باليمن، أو بالمصطلح الإعلامي السعودي: قطع يد إيران باليمن. فلم نر شيئا تحققا مما هو معلن، غير ما نراه من الدمار و القتل و الفوضى و الضياع شمالا و جنوباً.
و نقصد بالأهداف السعودية و الإماراتية غير المعلنة من هذه الحرب هي وضع قدمها عسكريا و سياسيا على الأرض في اليمن بالجنوب و الشمال على السواء, لغرض تحقيق مطامع تاريخية، اقتصادية و استعمارية تستهدف القرار السيادي اليمني، و خطف إرادته الوطنية المستقلة و إعادته إلى تحت عباءة التبعية السعودية, و السعي للهيمنة على منافذ البلد براً و جواً، و الإمساك بتلابيب الساحل اليمني للإطلالة النفطية السعودية على ساحل بحر العرب و الاقتراب من أسواق النفط و الهروب من شبح مضيق هرمز، هذا علاوة على الهيمنة البرية و الجوية اليمنية, و الاستحواذ على جزره و مضائقه و مدنه البحرية الاستراتيجية, و الاقتراب أكثر من منطقة الصراع الدولي و الاقليمي المحموم، نقصد منطقة الصراع بمنطقة البحرين: العرب و الأحمر، و القرن الأفريقي و شرق القارة الأفريقية التي أصبحت هذه المناطق الإقليمية بؤرة تنافس إقليمي دولي مستعر، و باتت مخزن يتجشأ سلاح في سلاح، و قواعد عسكرية تتناسل يوما إثر يوم على البر في “جيبوتي مثلا”، و على البحر كـــ”الجزر اليمنية و الإرتيرية و السودانية ببحريَّ العرب و الأحمر وصولا إلى شمال القارة الأفريقية, و في ليبيا على وجه التحديد.
فاليمن شماله و جنوبه و منذ آذار مارس 2105م، وجد نفسه فجأة على فوهة المدفع الخليجي تحت مسمى عاصفة حزم المملكة العربية السعودية زعمتْ أنها اتت لإعادة سلطة يمنية منتخبة، و هي المملكة التي لا تعترف أصلاً بشيءٍ اسمه انتخابات و لا ببدعة اسمها ديمقراطية. فعلى وقع التنافس الدولي بالمنطقة و باليمن تحديدا اُعلنت العاصفة المدمرة التي تطاول الأخضر و اليابس و تنال من البشر و الحجر و الشحر. ففوق أن هذه الحرب تستهدف أرواح الناس و تحيل حياتهم الى جحيم، و هو السبب الرئيس الذي يدعونا لتكرار دعواتنا السابقة لوقفها، فإنها أيضا أضحت سببا مباشرا لجعل اليمن مصدر خطر أمني ليس فقط يتهدده، بل يتهدد المنطقة بأسرها بعد أن اضحت كل مؤسسات الدولة في هذا البلد الممزق بما فيها المؤسسات العسكرية و الأمنية و القضائية خرابا يبابا، و ما بقي منها من أشلاء فينهشها الفساد و يفتك بها اللصوص من الداخل و من خلف الحدود من فنادق الخليج الوثيرة. و بالتالي فأول خطوة لاستعادة ما يمكن استعادته من مؤسسات أمنية و عسكرية و خدمية، و انقاذ ما يمكن انقاذه يمنياً و اقليمياً فهو وقف هذه الحرب على وجه السرعة، فقد بلغتْ القلوب الحناجر و بلغ ضرر تُـجار المقابر و الارتزاق المحليين، و عبث القوى الإقليمية مبلغا خطيرا، و الشروع بتسوية سياسية شاملة، تسوية سياسية كمدخل لإصلاح ما افسدته الحرب في شتى المجالات، و ما افسده وضع ما قبل هذه الحرب، من تشظي و حروب و صراعات و عصبيات، بعد أن أدركَ الجميع في السعودية و عموم الخليجي و في اليمن و المجتمع الدولي أن هذه الحرب لم تكن هي الحل لمشاكل اليمن بل هي ثالث اثافي مشاكل اليمن، بعد أن ضاعفت المشاكل فيه و أحالتها إلى كوارث داخليا و على محيطه الجغرافي.
فلا السلطة الشرعية اليمنية المزعومة عادتْ الى صنعاء، و لا إلى عدن، و لا يد إيران قطعت بل ازددت الحضور الإيراني اذكاء و استفادتْ من هكذا تدخل خليجي فاشل, و لا القضية الجنوبية التي تمثّل جذر الأزمة اليمنية تم حلها، بل ان هذه الحرب أدخلتها في دهليز من الضبابية و التشويش بعد أن جعل منها ساسة الخليج مجرد بندقية أجيرة، و ورقة ابتزاز و مساومة سياسية بوجه القوى الشمالية.
المصدر: رأي اليوم
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.