ارشيف الذاكرة .. امتحان وفاجعة
يمنات
أحمد سيف حاشد
في سنة ثالث اعدادي تم تعيين (علي الخفيف) مديراً عاما جديدا لمدرسة الشهيد نجيب و هو من أبناء الجنوب بعد أن ذهب المدير السابق للعمل في الشمال.
كان المدير الجديد طيبا و ودوداً، و حال ما كنت أعيش اجواء الامتحانات الوزارية، و لازالت امتحانات ثلاث مقررات دراسية، نقل إليّ المدير الخبر الصادم، و لكن بالتقسيط الذي يتجاوز عبور تلك الامتحانات، بكلفة نفسية أقل .. حاول أن يبقي الأمل لديّ أن أخي لا زال يعيش حتى أنهي الامتحان بسلام، و يهيئني في نفس الوقت لتقبل الفاجعة تدرجيا، دون أن يسبب ما حدث انهيار محتمل، أو تداعيات نفسية سيئة..
لقد كان مدير المدرسة محقا وهو يحاول أن يقلل من تأثير الحادث على نفسيتي، و حتى لا يؤثر على نتائج امتحاناتي، و بنفس الوقت يهيئني للتصالح مع الحقيقة الصاعقة..
كانت الحقيقة هي تعرض أخي لكمين، و تم اسعافه إلى طور الباحة، و تقرر إسعافه إلى عدن، ثم وافاه الأجل في الطريق قبل الوصول إليها، و وارى جثمانه في مقبرة العيدروس بكريتر .. ألم أقل أن نصف حزني في عدن يا عدن .. من هذا الذي يقتلعني منك، و أحزاني مثل فرحي مثل حبي ضارب في حناياك و أعماقك يا عدن.
نجح مدير المدرسة في أن يجعلني أجتاز الامتحان بنجاح، و نجح أكثر في أن جعل ارتطامي بالحقيقة أقل وقعا و شدة..
اتممت امتحانات العام الأخير من المرحلة الإعدادية في طور الباحة، و تيقنت بعد حين و بالتدريج صحة خبر مقتل أخي، و مع ذلك ظل الوهم سلطان يساير ما ترغبه النفس و تهواه، و ظل وهمي يرفض هذه الحقيقة الأكثر مرارة في حياتي..
كم كانت الفجيعة طامة..؟! كيف لي أن أصدق الخبر..؟!! من فرط التعلق لا نصدق الوقائع حتى و إن شهدناها بأم أعيننا .. إنه الحب و التعلق بمن نحب.
تجاوزت المرحلة الإعدادية، و أحرزت نتيجة السنة الثالثة فيها بنسبة نجاح 78% و رغم تواضع هذه النسبة إلا أنني كنت راضيا عنها، و بها انتقلت إلى دراسة المرحلة الثانوية في مدرسة “البروليتاريا” الواقعة في الطريق الفاصل بين محافظة عدن و لحج..
***
يتبع..
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.