العرض في الرئيسةفضاء حر

ارشيف الذاكرة .. استبدال الدولة بالقبيلة (3)

يمنات

أحمد سيف حاشد

قبائل تقتلنا وتقتل بعض .. برك من دم وولائم ثأر .. قتل باذخ .. سطو .. نهب .. ثيران تساق إلى ساحات الإعدام .. تجبر ضررا لم تأتيه ولم ترتكبه .. خطايا وأخطأ الغير .. كمد يعترش القلب المسكون بالألم الذابح .. حسرة موت ورثت مدينة كانت في الأمس هنا، واليوم باتت اطلالا ويبابا وخرائب..

يتوعدنا الموت.. يترصدنا النهب.. كل الأطراف تقتل فينا حينا، وتنهبنا أحيانا أخرى.. بتنا اليوم في حكم غنيمة صائل.. نتسربل بالدم.. نُنهب.. نتوعك.. نتلوّى بألم من نار.. نحن الشهداء القتلى.. نحن الضحايا والمنهوبين..

 …

نُنخس ونُباع في سوق الحرب حراج ببلاش.. النار تشوينا وتأكلنا بشراهة، ولا تشبع.. وحياة بتنا نعيش معها الجور الفادح ووزر الحال.. الغلبة سلطة جور وحشية تسحقنا تحت حوافرها وتستمتع.. حياة باتت بطعم الملح.. شربنا البحر المالح، وهم شربوا دمنا نبيذا، وما ثملوا منها ولا سكروا..

حياة أشقاها وجود عابث.. وحقوق يتلهّى بها خطر أعبث.. العبث بات هو الحاكم في قصر السلطان.. بات قصر الحاكم مسكونا بالجور وبالطغيان.. كان الجور ربيبا فصار ربا للقصر وربا للسلطان..

ما عاد العز عزيزا.. ما عاد كديدا يجني كدا او شيئا ذو بال.. آل الكد بددا ووبال.. الامل بات حطاما.. وحقوقا كانت ثمرة عمر نضال.. بات يعايرها التكفير، وفيها يقضي إن كانت صالحة أم لا.. هل جاءت من دار الأجداد والأحساب والأنساب، أم جاءت من دار الكفر وبلاد الإفرنج؟! والجوع لديهم ما عاد بكافر.. وبقايا أحلام باتت في قبضة ريح صرصار يذروها في قفر أجرد.. وحرب نتلاشى فيها كالوهم، سراب بعد سراب..

بتنا غنائم حرب..صرنا فرائس تأكلها ضباع يأكلها الجوع.. شعب بات ممنوعا من أن يفرح، أو حتى يأمل أو يحلم.. شعب منكوب مسلوب مقهور.. عقد الماضي وعاهات الزمن الغابر تحتشد وتثأر من رجل يلبس بنطال.. وحذاء مهترئ ورأس أثقله الهم.. كيف يُهجا وكيف يُلام..؟!! الجوع كافر والشعب يجوع.. الشعب بات مسحوقا، مهروس العظم..

يعايرني بسروال لا أملك غيره.. وأنا ما عايرت يوما قاتل بلباسه.. تعلمنا أن لا ننهب حين نجوع، بل نحفر بالصخر حتى نقتات أو نشرب من وجه الصخر.. تعلمنا أن لا نأخذ حقا للغير ولا نغتصب حقا رغما عن صاحبه، ولا نقتات حاجة محتاج.. تعلمنا أن لا نتجاوز نفرا في الطابور، ولا نقطع شجرة.. ولا نعتاش على نهب الناس.. لازلنا ننحت في الصخر بأظافرنا.. فيما الاحقاد العمياء لازالت تهاجمنا.. تنهبنا.. تستولي على  ما بقي لنا من حق لازال يقاوم..

الفقر عري كامل.. الفقر غارق في الكفر.. وهو الأولى باللوم.. قطار الجوع يمر ثقيلا فوق بطون الفقراء.. بطون عجفاء.. خاوية تأكل بعضا.. تتضور جوعا.. بات الجوع يأكل نفسه..

جوع ومظالم وشتات.. أرواح نزفت واعمار أزفت وذوت حتى باتت كالخشب المحروق.. اطلال بعد رحيل..

بتنا نتصحر.. نقتات القيض.. نتكوم كالملح.. نلاحق سراب في هجير الصحراء.. الحال خراب ومقابر.. أثقلنا حق تم مصادرته بالسطوة والغلبة وطغيان القهر.. بات النهب جريئا والقتل أكثر جُرأة، ويتم تحت عين الشمس اللاهب، في رابعة نهار يدججه القتلة..

أصاب دولتنا التمزيق من الداخل.. اصابها الوهن القاتل.. هزال ومرض عضال.. خنقتنا أعراف ما قبل الدولة.. أناخ الكمد بكلكله فوق الأنفاس.. أقام فينا الحزن مقامه.. صار بعض منّا.. لا فرق يميزنا عنه.. والعدل بات بلا ايدي ولا سيقان.. من يحمله في هذا الزمن المعطوب بالجوع والبؤس؟!! القبيلة خانوق .. القبيلة خازوق.. ونحن رعايا في وطن منهوب.. يسحقنا العوز.. ونهار تلطخه دماء ضحايا الغلبة..

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى