أهم الأخبارفضاء حر

القمع لا يطفئ شعلة سبتمبر والحرية المنقوشة في قلب كل يمني ويمنية

يمنات

عبدالوهاب قطران

يا جماعة الخير، هل فيكم رجل رشيد؟!

منذ العشرين من سبتمبر الجاري، ونحن نعيش حالة استنفار جنونية لم يشهدها التاريخ، اعتقالات لا حصر لها، وملاحقات غريبة الأطوار، وأطقم بالعشرات والمئات تجوب القرى والقبل والمدن. لا أحد في مأمن من قبضتهم، ولا بيت في مأمن من زيارتهم، سيما في العاصمة صنعاء، حيث دجّنت الشوارع امس بالأطقم والعربات المسلحة، وكل من تجرأ أن يرفع شعلة أو يرفرف علمًا أو يهمّ بالاحتفاء بثورة ٢٦ سبتمبر، صار هدفًا مباشرًا لهم.

إنها مشهدية من الجنون البارد، التي تُظهر حجم الخوف والهلع لدى من يحاولون تكميم إرادة شعب بكامله. أطقمهم تجوب همدان وبني مطر وخولان وسنحان والحداء، تمتد إلى كل العزل، وتعتقل كل من نوى الاحتفاء بتاريخ غرس في قلوب اليمنيين منذ عقود. يا لها من مهزلة! ويا له من إنفاق هائل للمال العام، مليارات تُنفق على القمع والتعقب، بدل أن تُستثمر في تعليم أبنائنا، أو صحة مرضانا، أو مستشفياتنا التي تنهار يومًا بعد يوم.

لو صرفتم هذه الأموال على الناس، لكان خيرًا لكم وللشعب. لكنكم اخترتم سلوك الطريق المعكوس: الطريق الذي يقودكم إلى مواجهة إرادة شعب لن تُقمع. احتفلوا مع الناس كما تحتفلون بالمولد النبوي وكل مناسباتكم الخاصة، دعوا الفرح يجتمع مع الفرح، ودعوا الذكرى تعانق القلوب، بدل أن تتحول إلى مشهدية القهر والفزع.

أما أنتم، أيها الذين تتوهمون القدرة على وئد ثورة ٢٦ سبتمبر، فاعلموا أنكم تغامرون بالجنون بعينه. كل منع، وكل حظر، وكل محاولة لإخماد الفكرة، هو بالضبط ما يشعلها ويزيدها قوة. الشعب يتشبّث بتاريخها، يدرس رموزها، يتغنى بإنجازاتها، ويخلّدها في قلبه وروحه. تذكّروا ما حدث عندما مُنعتكم الدولة من ترديد شعار الصرخة، وكيف تحوّل المنع إلى انتشار أوسع، وكيف أن الفكرة التي أرادوا دفنها أصبحت حجر الزاوية اليوم !

الذين يظنون أنهم قادرون على إيقاف موجة الشعوب، كمثل من يحاول أن يردّ السيل الهادر مطلع ستجرفهم الأمواج، وتشق طريقها دون رحمة، ولن يستطيع أحد أن يوقفها. كل محاولة لإخماد الحرية، كل قمع لشعلة الاحتفاء، لن تُطفئها؛ بل ستشعلها أكثر، وستبقى محفورة في ذاكرة أربعين مليون يمني ويمنية، لن تُمحى، ولن تُنسى، وستظل تلهم الأجيال القادمة.

استمروا في حظر ومنع وملاحقة كل من يرفع علمًا أو يشعل شعلة، وستجدون أن كل فعل منكم هو وقود إضافي لنيران سبتمبر. الشعب يتشبّث بذكراه، تتردد أصواته في الأزقة والجبال، وتخترق الحنايا والبيوت، ويعلو صداها على كل مكبر صوت، لتصل إلى كل قلب يمني ويمنية، لتقول بصوت واحد: لا تُسكتوا إرادتنا، لا تُطفئوا شعلة حريتنا، لا تسحقوا روحنا التي تربت على حب الوطن والكرامة والحرية.

فلتعلموا أن معاداة ثورة ٢٦ سبتمبر ليست مجرد عداوة لتاريخ أو يوم، بل هي عداوة لشعب بأكمله، إنها تحدٍ لكل وجدان يمني، لكل قلب ينبض بالحرية، لكل روح تؤمن بأن الشعب لن يقبل بأن يُسلب حقه في الاحتفاء بتاريخ صنع مجده.

زر الذهاب إلى الأعلى