أخبار وتقارير

طاهر :هناك قوى تريد تحل الآن تدريجيا محل النظام بأدوات قمعه، وبنفس تفكيره وأساليبه

 

يمنات – متابعات: قال المحلل السياسي الاستاذ عبد الباري طاهر في الوقت الذي تعيش فيه البلاد مرحلتها الحاسمة. وفي الوقت الذي يظهر أن هناك قوى تريد أو تحرص على سقوط نظام صالح، و بنفس القدر تحرص على بقاء النظام. . لأنها عبر تاريخها الطويل حليفة لهذا النظام وجزء منه، وهي أيضا لا تريد أن تغير في هذا النظام، ولا تريد دولة نظام وقانون، ودولة مؤسسات. ودولة مدنية وديمقراطية وحديثة، ولا تريد دولة العصر الحديث التي ترتبط بهذا العصر، وتريد الابقاء على النظام كما هو "انا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم لمقتدون".

وأضاف هم حريصون على بقاء النظام ربما اكثر من حرص على عبدالله صالح نفسه، لأنهم جزء منه ومن بنيته وايديولوجيته وتركيبته ومصالحه الضيقة جداً، ولذلك هم لا يريدون التغير. لكن هناك قوة جديدة يعبر عنها شباب الساحات. . يعبر عنها الحراك الجنوبي. . يعبر عنها الحوثيون. . تعبر عنها القوى المستقلة المدنية في كل الأحزاب الحديثة بما في ذلك شباب كثيرون جدا داخل الاصلاح والمؤتمر بكونهم قادمين من الطبقة الوسطى، من الفئات الصغيرة، والمهمشة. من القوى المدنية في الصحف والأحزاب والمجتمع المدني. . هذه كلها عندها طموح لإسقاط النظام وليس إسقاط صالح. تريد دولة مدنية حديثة وتريد الخلاص من الأطراف المعنية التي ارتكبت جرائم وشاركت في مسلسل جرائم عبر نصف القرن من القرن الماضي.


وحديثها عن المدنية والديمقراطية زائف، لأن مصالحها لا في الديمقراطية ولا في المدنية.. هي معادية للوحدة اليمنية، معادية للديمقراطية، معادية للتطور ومعادية في الأساس لدولة حديثة ولا تحترم حقوق الانسان ولا تعترف بالإعلان العالمي لحقوق الانسان، ولذلك تريد دولة لا تختلف قليلاً أو كثيراً عن الدولة التي أتت منها والتي كانت هي أساسها وبنيانها ، دولة صالح.
وإن هذه القوى أكثر الفاعلين وأقواهم، لأنهم أزاحوا رأس النظام وحلوا محله، لكنهم سيواجهون نفس المشكلة غدا أو بعد غد ، فالمطالب الشعبية ستكون موجهة إليهم أكثر مما هي موجهة إلى نظام صالح، لأنهم الآن يحلون محله، بلغته، بتعييناته، بكل عيوبه.

وللأسف. . هم يعتقدون أن المسألة انتهت، وأنه بمجرد خروج على عبدالله صالح من الحكم، يستطيعون لملمة أوراقهم وإعادة تحالفاتهم والالتفاف على طموح وإرادة الثورة. الآن هي في المدى المنظور مهيضة الجناح ، لكن هذا لا يراهن عليه كثيرا ، فهؤلاء الشباب الذين خرجوا إلى الساحات وتحدوا النظام بما يمتلك من القوة والجبروت هم قادرون ومعهم كل الشعب على اجتراح ثورة، ولكنها بالثورة القادمة التي ستوجه ضد النظام بكل حمولاته.


كل القوى النافذة التي أسهمت في كارثة حرب 94م، وشاركت فيها ودمرت وحدة البلاد وآمالها لبناء دولة، لابد أن تكون الآن خارج الحلبة، وهي قوى معروفة في القبيلة وفي العسكرة وفى الإسلام السياسي.. ولذلك لا يمكن إعادة بناء اليمن في ظل وجود هذه القوى على رأس الحكم.
والشعارات الزائفة التي ترفعها من أجل طمانة ابناء الجنوب لا معنى له، بدون الاعتذار للجنوب وإعلان هذا الاعتذار عن الفتوى بالحرب، والتخلي عن الفرع، الجنوب تم تدميره، دولة وكيانا وهوية، كانت هناك دولة قل عليها ما شئت، باطشة، ظالمة أو…، ولكن كان لها وظيفة اجتماعية وتقوم بدور الرعاية الاجتماعية ولديها مصالح ولدى الناس ممتلكات وبيوت ومرتبات.


لقد تم التعامل مع الجنوب ما لم يتعامل به بريمر في العراق . وهنا أجزم أنه لا يمكن إعادة صياغة وثيقة للمستقبل وبناء جديد بدون الخلاص من هذه الجرائم التي ارتكبت بحق الجنوب والاعتذار عنها.
وهذه القوى تعتقد أن بقاءها ‏يكمن في تدمير النسيج اليمني تدمير الحراك في الجنوب ، تدمير الثورة السلمية في الشمال، خلافات وفتن داخلية، تطرح قضايا مذهبية وطائفية، سنة، شيعة. وروافض. وما إلى ذلك من هذه اللغة القبيحة، هذه القوى هي الآن تتمسك بإرثها في الماضي، وتريد أن تتخلص من صالح وتبقي على نظامه ، كما أشرت سابقاً، ولكن الآن عدوها الحقيقي في الشمال والجنوب وبخاصة في الجنوب تعاديها كونها هي الأساس في فضح طبيعة حكمها، لإننا كما نعرف انها حكمت بمنطق الفرع والأصل وأن الجنوب فيد وغنيمة وسبية .

وحتى الآن، هذه الدولة لم تعمل شيئا يراهن عليه باستثناء خروج علي عبدالله صالح من الحكم وبعض القرارات في الوحدات العسكرية المحدودة الأثر، لا جديد، النظام كما هو، الفساد كما هو، الاستبداد كما هو، شباب الساحات يقمعون وتشن عليهم حملات تشهير وحروب.

 ومن أطراف تريد أن تكون في السلطة وفي المعارضة وفي الساحات، بل إن هذه الأطراف تقود مواجهة يومية مع الحراك في الجنوب مع الساحات وفي صعدة، وهي تحل الآن تدريجيا محل النظام القديم بأدوات قمعه، وبنفس تفكيره وأساليبه.


زر الذهاب إلى الأعلى