نجاح الحوار مقابل بناء القواعد

المستقلة خاص ليمنات
لم تقدم الولايات المتحدة الأمريكية في يومٍ من الأيام، وأي دولةٍ من دول العالم خدمات ابتغاء لوجه الله.. فهي تسعى دائماً وقبل كل شيء إلى تحقيق مصالحها والحفاظ عليها، وهي مستعدة في أي وقت لاستخدام جميع وسائل الضغط والمساومة لتمرير خططها وتوسيع نفوذها وهيمنتها العالمية، ولو أدى الأمر إلى استخدام القوة في سبيل ذلك..
تقوم واشنطن في الوقت الراهن وفي سباق تعاملها مع تطورات الأحداث على الساحة اليمنية على بلورة مواقف دولية موحدة لمساندة هادي على ادارة شؤون البلاد والامساك بخيوط اللعبة، كما تمارس ضغوطاً قوية على أطراف مختلفة للدخول والمشاركة في مؤتمر الحوار وتستخدم وسيلتها المفضلة «مجلس الأمن» والأمم المتحدة في إطار هذه الضغوط التي تتزايد مع اقتراب موعد انعقاد المؤتمر.. وعينها على الموقع الاستراتيجي المهم لليمن..
وتحاول الإدارة الأمريكية إخضاع كافة الأطراف السياسية والثورية في البلاد تحت مظلة سياستها من خلال أساليب الترغيب والترهيب، مثلما يحدث حالياً مع الحراك الجنوبي، بعد أن ضمنت أن هادي سيكون حليفاً رئيسياً لها في المنطقة وخصم قوي لإيران فإنها تسعى لإيجاد شرخ في صفوف الحراك بإستخدام ممثل الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر الذي عقد مؤخراً اجتماعاً ببعض قيادات الحراك في الخارج في مدينة دبي، فيما لم يتسنَ لمن دعاهم للمشاركة في الاجتماع من الداخل حضور الاجتماع وعلى رأسهم باعوم بسبب عدم تزويدهم بتأشيرات السفر.. وهي خطة مسبقة وتواطأ اشتركت اطراف محلية ودولية في تنفيذها حتى لا يتسنى تبني موقف موحد لقوى الحراك في الداخل والخارج..
ورغم أن اجتماع دبي الذي لم يحضره علي سالم البيض أو من ينوبه، خرج ببيان هش أكد على إلتزام قادة الحراك بالإطار السلمي لنضالهم، إلا أن ذلك ليس أمراً جيداً فمنذ 2007م تعهد قادة الحراك بعدم الخروج عن الإطار السلمي لنضالهم من أجل القضية الجنوبية، غير أن بعض شركاء حرب 94 هم من سعوا في 21 فبراير إلى جر قوى الحراك للمواجهة المسلحة ومع ذلك تم تفويت هذه الفرصة عليهم..
ومؤخراً تحدثت مصادر مختلفة عن توافق كامل بين السلطات اليمنية وأمريكا وموافقة الأولى لكلك مطالب الأخيرة وعلى هذا بدأت ملامح الأطماع الأمريكية تتضح يوماً بعد آخر.. رغم أن اليمنيين جميعاً يعلمون طبيعة أمريكا ونواياها تجاه اليمن.. فهي تعمل على استغلال الموقع الاستراتيجي المهم لليمن في انشاء عدد من القواعد العسكرية، وإتخاذ موانئها وخصوصاً ميناء عدن الاستراتيجي محطات لتزويد أساطيلها البحرية وبوارجها الحربية التي ترابط في المياه الاقليمية، فوجود قواعد أمريكية على الأراضي اليمنية ومياهها الإقليمية مهم جداً بالنسبة لواشنطن وستعمل كل ما بوسعها لتحقيق ذلك، وقد انجزت مراحل متقدمة منه..
كما أن قيام واشنطن بنشر ما يزيد عن 80 صاروخاً بعيد المدى على الأراضي اليمنية موجهة صوب إيران استهدافاً لمشروعها النووي، هو ضمن السيناريو الذي رتبت واشنطن لتنفيذه وجعل اليمن ساحة له..
لذلك فإن الإدارة الأمريكية لن تتوانى عن تقديم خدماتها للرئيس هادي، وبذل كل ما بوسعها لدعم مؤتمر الحوار ومحاولة شق صفوف الحراك سعياً لإفشاله، طالما أن كل ذلك سيؤدي في نهاية الأمر إلى خدمة السياسة الأمريكية ويعمل على تقوية هيمنتها ونفوذها في المنطقة، وخصوصاً في مواجهة الطموحات الإيرانية النووية، واستطاعت من خلال التحالف مع قيادات عسكرية واحزاب تقليدية أن تقطع شوطاً طويلاً في هذا الاتجاه.. فهل نتمكن من استكمال مشروعها لتصبح اليمن مجرد منقادة كما هو حال جيرانها أم أن للقوى الأخرى رأيٌ آخر..