قراءة في خارطة التحالفات المستقبلية باليمن ودور عبد الملك الحوثي في صناعة التاريخ
30 نوفمبر، 2015
1٬372 20 دقائق
يمنات
عند التفكير في قوانين التناقض الجدلية العلمية “وحدة الاضداد، و صراع الأضداد، ونفي النفي” و إسقاطها على القوى المتناقضة المتصارعة دخليا، و إقليميا و دوليا علي ارض اليمن، سنجد أن القوى السياسية اليمنية، الفاعلة محليا، هي ثلاث قوى، سأرتبها حسب قوتها وفاعليتها وتأثيراتها، أنصار الله، المؤتمر الشعبي العام، الإصلاح “الإخوان المسلمين”، كل طرف له إمتدادته، واجندته ومشاريعه، وطموحاته، و خارطة تحالفاته الممتدة محليا واقليميا ودوليا، مع عدم الاغفال ان داخل كل حزب من تلك القوى اكثر من جناح، فأنصار الله، بماهم حركة ثورية. شعبية سياسية، تمثل الطبقة الثورية منذ ثورة الريف، وهم سلطة الأمر الواقع اليوم، يوجد داخلهم جناحين، جناح مبدئي ثوري وطني، يقود المعارك في الجبهات العسكرية داخليا وفي الحدود، واجندته وطنية تعبر عن القاعدة العريضة للبروليتاريا الزراعية الثورية التي تستبسل في جبهات القتال وتخوض حرب استقلال وتحرر وطني حرب عصابات ثورية وكفاح مسلح ضد الغزاة المحتلين، آل سعود وتحالفهم الارتزاقي، وعلى رأس هذا الجناح عبد الملك الحوثي، و جناح اخر انتهازي لا مبدئي، منقسم بين طرفي النظام السابق، المؤتمر والاصلاح، ولديه اتصالات وخطوط حتى مع السعودية و الامارات، وينفذ اجندة ايران البرجماتية، ومتصالح مع الفساد ومزاجه ارستقراطي برجوازي، يفكر ببرجماتية نفعية، و لا يمت بصلة للثورة وللطبقات الثورية الكادحة التي تقاتل بالجبهات، وهو من يقف خلف الفراغ السياسي، و يرفض استكمال الثورة، و اعمال الاعلان الدستوري، و يلهث بإستجداء مذل لتوسل ايقاف العدوان والضربات الجوية، وقدم لهم تنازلات مذلة انهزامية، ويتحين الفرصة ومنتظر بتلهف، موافقة اطراف الصراع الاقليمية والدولية، لتوقيع اتفاق تقاسم السلطة والدولة، مع المؤتمر والاخوان، وللاسف هو الجناح الذي يصنع القرار، داخل الحركة كما هو ملاحظ من سير الاحداث وصيرورتها منذ 21سبتمر 2014.
اما المؤتمر الشعبي وزعيمه صالح، فمنقسم الى جناحين برجماتيين نفعيين، اجندته لا وطنية، وكلا الجناحين مؤيد للعدوان والغزو، فجناح صالح الزوكا العواضي، وبقية من لم يذهبوا الرياض، مؤيد للعدوان والاحتلال الامارتي، ومرحب به، ومتعاون معه، وهو ما اكده صالح في اخر مقابلة له مع قناة الميادين قبل حوالي شهرين، وفي نفس الوقت ارسل من يمثله الي الرياض ليحتفظ له بخط رجعة، وهو من يتحالف مع الجناح الانتهازي اللامبدئ داخل حركة انصار الله، و لديه اتصالاته مع قوى محلية ودولية ومشروعه الان المقايضة لاخراج صالح من رئاسة الحزب وحتى من اليمن، مقابل الافراج عن اموال صالح ومنحه حصانة دولية من الملاحقة القضائية، وانتخاب احمد علي أمينا عاما للمؤتمر بدلا عن والده، والعمل علي التعجيل بانتخابات رئاسية وبرلمانية، تضمن وصول احمد علي للرئاسة واغلبية برلمانية مريحة، وقد اقنع انصار الله بالانسحاب من الحدود ومن عواصم المدن والاعتراف باتفاقية جدة عام 2000م التي تنازل فيها عن نجران وعسير اليمنية، وعدم فتح اي نقاش من انصار الله حول ملف تلك الاتفاقية، وموافق على فترة انتقالية يتقاسم فيها السلطة مع جناح الاخوان المسلمين السلفي التابع للسعودية، واقصاء جناح الاخوان التابع للتنظيم الدولي الذي يدار من تركيا وقطر، ومع جناح الانصار الانتهازي القريب من المؤتمر، غير الموالي لايران، ويقف خلف المؤتمر ويدعم مواقفه مصر السيسي والامارات وفرنسا. والسعودية ستوافق على ذلك مستقبلا بعد ان تنضج الظروف، وتضمن خروج صالح من رئاسة الحزب ومن اليمن وانتقال السلطة لمحمد بن سلمان بمباركة المؤتمر واحمد علي، علما ان قوة المؤتمر هي في سلطة رأس المال الضخمة التي تمتلكها قيادته والته الاعلامية المحترفة، وما يمتلكه من خبرة عبر عناصره البيرقراطية المسيطرة على مفاصل في جهاز الدولة والجيش والامن والمخابرات وبالذات الامن القومي، وقد استفاد من الصراع التناحري بين الاخوان والحوثي منذ عام 2011م، بل انه استثمر ويستثمر ثورة الريف، ويعمل بذكاء وحذر على توظيف اخطاء انصارالله، ويستقطب بعض القيادات ويلمعها، وبعد العدوان ظل محايد، عدى من الموقف الاعلامي الشكلي، ويستفيد من تصادم انصار الله مع السعودية والإصلاح، حتى يضعف الطرفين، ويتحفز ليكون بديلا، معتدلا عن الجميع.
أما الجناح الاخر في المؤتمر فهو جناح السعودية، المتواجد بالرياض والاردن والقاهرة، والذي يتبادل الادوار مع جناح صالح، ومؤيد للعدوان بشقية السعودي والاماراتي.
أما تجمع الاصلاح بجناحية السلفي السعودي، والتركي القطري، فبرجماتي ومؤيد للعدوان منذ لحظته الاولى، ومنخرط في جبهات القتال عبر مقاتليه اللذين يعملون كسند للغزاة المحتلين، ويراهن للعودة للسلطة مجددا مسنودا بالغزو الاجنبي والحرب الاهلية والفوضى. لكن السعودية والامارات ومصر تريد الجناح السلفي ومجمعة علي اقصاء الجناح الاخواني التنظيمي الموالي لتركيا والراضية عنه ايران، والمدعوم من قطر، اما امريكا، فسياستها برجماتية نفعية متحولة متبدلة، و هي مع من يحكم السيطرة على الارض ويفرض الامر الواقع، وكانت منذ البداية قد تخلت عن هادي والاخوان، ورحبت بالانتقال السلمي للسلطة، بعد استقالة هادي ووضعه تحت الاقامة الجبرية، وكانت ستتعامل مع انصار الله، بعد التفاهم على حماية مصالحها. لكن عبد الملك الحوثي تردد واحجم وتراجع وذهب يحاور الاخوان والمؤتمر ولم يفرض الامر الواقع، ويعلن الدولة والحكومة بصنعاء، حتى هرب هادي، وانتقلت السلطة في السعودية، من عبد الله الى سلمان، عندها وجدت امريكا ان الحوثي لا يمتلك الشجاعة والجراءة لفرض الامر الواقع على الارض ولم يعلن دولته، ومن مصلحتها أن تضرب السعودية بالحوثي الذي يناصبها العداء، ويردد شعارات معادية لسياستها، وبعد ان صمد الحوثي على الارض، بعد توجيه ضربات موجعة له عبر السعودية، ستقبل امريكا بالحوثي بعد ان تكون قد جعلته يقبل ان يكون شريك لها في محاربة الارهاب وبعد ان تضمن عدم تمرده على سياساتها وضمان مصالحها في البحر الاحمر والخليج العربي، وان ذهب الحوثي لتقاسم السلطة مع خصومه فلامانع لديها من ذلك ستتعامل معهم بما يخدم مصالحها وسيسهل لها ان تتدخل في الداخل عبر حلفائها البرجماتيين السابقين اخوان وصالح.
أما ايران فلا تريد منذ البداية ان ينفرد الحوثي بالسلطة وكانت معارضة لدخوله صنعاء، عشية 21سبتمبر، ولاتريده مستقل وطني، تريده مكون سياسي، تابع لها ينفذ اجندتها ويخدم مصالحها وجناحها داخل الحركة هو الذي يصنع القرار، حسب مايبدو.
ايران متحكمة في علاقات انصار الله مع روسيا تمر عبرها وزيارة ولد الشيخ قبل ايام لطهران تؤكد انها لاعب رئيس باليمن، وهي متفقة مع تركيا على ان يظل الاخوان المسلمين قوة في الدول العربية، وشوكة تستخدم لاخضاع العرب وتعادي ايران القومية العربية، ومن مصلحتها اضعاف العرب لمصلحة القوتين الاقليميتين – ايران وتركيا – الصاعدتين المتفقتين فيما يخص العرب.
ايران وتركيا، تريد شراكة بين انصار الله “الحوثيين” والاخوان وصالح، واقصاء جناح الاخوان السلفي الموالي للسعودية.
و أما ماستسفر عنه الحرب والمفاوضات، في قادم الايام والاشهر، فيتوقف على وعي عبد الملك الحوثي، وجناحه الثوري المبدئي الوطني الذي افشل العدوان وصمد علي الارض منذ ثمانية اشهر، وخلفه غالبية الشعب اليمني.
“عبد الملك الحوثي” بحاجة لعمل ثورة داخل الحركة واحدث تغييرات هيكلية جذرية لمصلحة الجناح الثوري الوطني المبدئي، وتقليص نفوذ الجناح الانتهازي، ويحتاج لخبراء محنكين لدراسته التناقضات الرئيسية والثانوية داخليا وخارجيا، وتوظيف خارطة التحالفات على المستوى المحلي والاقليمي والدولي، والعمل على ايجاد مشروع سياسي وطني، يستوعب القوى الوطنية والثورية من مختلف محافظات ومناطق اليمن والمسارعة في اعمال الاعلان الدستوري، وفرض سلطة الامر الواقع بصنعاء، و تشكيل مجلس دفاع وطني وحكومة ثورة، بعيدا عن وجوه النظام السابق بشقية المؤتمر والاصلاح، عبر حل الحزبين وطي صفحتهما، والانتقال لوثبة جديدة ومرحلة جديدة، واتخاذ قرارات ثورية حل ومصادرة وتأميم قطاعات اقتصادية كبرى – نفط واتصالات ونقل – علما ان مردودات شركات الاتصالات فقط في السنة سبعة مليار دولار سترفد الخزينة العامة، بثلثي الموازنة العامة للدولة تذهب الآن لجيوب اللصوص “البرجوازية الطفيلية”. واعلان الكفاح المسلح والحرب الثورية حتى تحرير كل شبر في اليمن من الاحتلال الأجنبي.
و بعدها كسر الحضر السياسي والدبلوماسي من قبل حكومة الثورة، وعقد تحالفات مع روسيا والصين وفنزويلا وكوريا والانفتاح علي الغرب وامريكا بما يخدم مصالح اليمن العليا.
أما اذا استمر عبد الملك الحوثي في الاعتماد على الجناح الانتهازي اللامبدئي داخل الحركة، فانه سيمضي بتنفيذ اجندات ايران وتركيا وقطر او مصر والامارات وغيرها، وسيتقاسم السلطة والدولة مع المؤتمر والاخوان، كمكون سياسي طائفي سلالي، لفترة انتقالية محددة، تغرق حركته خلالها بالفساد السياسي والمالي وتخترق وتجرف وبعدها سيذهبوا لانتخابات”ديمقراطية طائفية” تعيد قوى الثورة المضادة للسلطة سلطة رأس المال، وبعدها سيتم تقاسم الدولة على نفس الطريقتين العراقية واللبنانية.
و بعدها لابد ستشتعل ثورة شعبية اجتماعية عنيفة، ثورة جياع تجتث الجميع. ولكن بعد خراب مالطا.