الحوثيون والإخوان يستعرضون شعبيتهم بعد سقوط عمران ولواء القشيبي
يمنات
انتقل الصراع المسلح في محافظة عمران، شمال البلاد، بين الحوثيين و الإخوان (تجمع الإصلاح)، و الذي آلت نتائجه لصالح الحوثيين، بعد إكمال سيطرتهم على مدينة عمران أمس الأول، إلى استعراض الطرفين لشعبيتهما، عن طريق الاحتشاد و التجمع.
و يبدو أن الطرفين يريدان من تلك الاستعراضات الشعبية، توجيه رسائل متبادلة للداخل و الخارج.
و كان زعيم جماعة الحوثي، ألقى أمس الأول الأربعاء، كلمة متلفزة بتثتها قناة المسيرة، التابعة للجماعة، تحدث فيها عن القضية الفلسطينية و مستجدات الأوضاع في الساحة المحلية، بعد سيطرتهم على عمران، و وجه من خلالها رسائل طمأنة للداخل و الخارج، عن نظرة جماعته للانتصار الذي حققته في عمران.
القضية الفلسطينية منطلق دعوة الحوثي
و دعا الحوثي، في كلمة الشعب اليمني، للاحتشاد، أمس الخميس، و الخروج بمسيرات تضامنية مع الشعب الفلسطيني.
و خرجت أمس الخميس، في عدد من المحافظات، مسيرات حاشدة، تلبية للدعوة، كانت ابرزها، في العاصمة صنعاء، التي شهدت حشود جماهيرية، أكدت حجم شعبيتة الحوثي المتنامية في الاقليم المحيط بالعاصمة صنعاء.
الثورة والجمهورية منطلق دعوة الاخوان
وردا على الاحتشاد الحوثي، دعت ما تعرف باللجنة التنظيمية للثورة، التي لم تعد تمارس أي أنشطة، للاحتشاد، اليوم الجمعة، في شارع الستين بصنعاء، و مختلف الساحات في المحافظات، لأداء صلاة الجمعة، التي اطلقت عليها “دفاعا عن الجمهورية و وفاءا لشهداء الجيش”.
و يبدو أن الإخوان، استخدم تنظيمية الثورة، للدعوة للاحتشاد، لاضفاء صبغة ثورية على دعوته، و التلويح بالثورة في وجه خصمه اللدود، الذي بات يحقق انتصارات متتالية في أهم معاقل الاخوان و مواطن ثقلهم السياسي.
دعوة اللجنة للاحتشاد في مختلف الساحات، هي رد من نفس النوع، على الاحتشاد الحوثي، الذي شمل كثير من المحافظاتن غير أنه يختلف في منطلق الدعوة.
و يهدف الإخوان من الدعوة، إرسال رسالة للداخل و الخارج، بأنه موجود على الساحة، و أنه لا يزال يشكل رقما صعبا في المعادلة السياسية.
ضربة استباقية
الحوثي، نجح في توجيه ضربة استباقية في هذا الجانب، أكد من خلالها أن يريد فتح صفحة جديدة، بعيدا عن الصراعات الداخلية، التي باتت ذات نكهة طائفية.
و يبدو أن الحوثي، اراد من تلك التظاهرات ايصال رسالة للداخل بأنه ينأى بنفسه عن الصراعات الداخلية، و يرى أن على الجميع التوجه نحو القضية المركزية للأمة الاسلامية – قضية فلسطين – التي اتخذ منها منطلقا لدعوته، عشية الانتصار الذي حققه في عمران.
و في الوقت ذاته، وجه رسالة للخارج، اراد من خلالها بيان مدى تعاظم شعبيته في الساحة المحلية، و أنه بات رقما كبيرا لا يمكن تجاوزه في القرارات المتعلقة بالبلد و مصيره و مستقبله السياسي القادم.
تذكير بالثورة المأسورة
و في المقابل أراد الإخوان، تذكير الداخل، بالثورة الشبابية، التي اقتلعت نظام صالح، منطلقا من أن المرحلة تقتضي نفس الاحتشاد الذي شهدته الثورة، و لكن هذه المرة منطلقا من أن الجمهورية في خطر، في إشارة صريحة للحوثي، الذي يتهمه الاخوان بالسعي لإعادة الملكية، في استحضارا واضح لثورة سبتمبر التي قامت على الائمة في بداية النصف الثاني من القرن الماضي، و الذين ينتمون سلاليا لذات السلالة التي ينتمي إليها الحوثي.
فاعلية الدعوتين
و يبدو أن الحوثي، نجح في استمالة تعاطف الساحة المحلية من خلال قضية فلسطين، في حين أن دعوة الاخوان و منطلقها “الثورة الشبابية – الجمهورية” تبدو أقل استعطافا للشارع، كون الكثيرين باتوا متذمرين من أداء الاخوان في الحكومة، و عجزهم عن ترجمة أهداف الثورة الشبابية إلى واقع تنعم به جميع فئات الشعب اليمني.
الخارج أهم
و تبقى رسائل الطرفين إلى الخارج، هي الأهم كما يبدو من الدعوتين، و إن كان الحوثي نجح في توجيه الرسالة الاستباقية، التي بات الإخوان ملزمين بالرد عليها، حتى و هم يعانون من جراح عمران و قبلها حاشد و كتاف و دماج، التي سيكون لها بلا شك مرود سلبي على شعبيتهم في الساحة، التي كبرت مع الثورة الشبابية، و عادت للانتكاس و التراجع منذ العام الأول بعد الثورة.
الإصلاح بات محاصرا بالقوة الفتية للحوثيين من الناحية العسكرية، و حتى يحافظ على ما تبقى، بات حتميا عليه التوجه للعمل الميداني، ليؤكد للجميع بأنه حزب سياسي تقع عليه مسؤولية تبني الدولة المدنية، التي تشكل مظلة للجميع بمختلف توجهاتهم للتنافس على بناء الوطن.
و عليه أن يرد عمليا على الحوثي، بإغلاق الصراعات في الجوف و ذمار و إب و غيرها من المناطق التي باتت منزلقة نحو أتوب الحرب الطائفية، ليحشره في زاوية ضيقة، تضعه في امتحان صعب أمام الجميع في الداخل و الخارج.