هل تقسيم سورية هي خطة كيري البديلة في حال انهار اتفاق وقف القتال..؟ وما هو حجم الخلافات بين الاسد وبوتين..؟ وما هي القضايا التي تدور حولها؟
24 فبراير، 2016
467 9 دقائق
يمنات – رأي اليوم
التصريحات التي ادلى بها جون كيري وزير الخارجية الامريكي امام جلسة استماع للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ وقال فيها “ربما فات الاوان لإبقاء سورية موحدة اذا انتظرنا وقتا اطول قبل الجلوس على مائدة الحوار” تأتي على درجة كبيرة من الخطورة، وتثير العديد من علامات الاستفهام حول ما يطرح في غرف المفاوضات والتفاهمات الروسية الامريكية المغلقة.
اذا ربطنا هذه الاقوال بالتهديدات المبطنة التي اصدرها كيري امس، وقال فيها ان بلاده تملك “خطة بديلة” ستلجأ اليها، في حال فشل اتفاق وقف العمليات العسكرية المقرر تطبيقه ليل الجمعة/السبت، فإن المرء يمكن الاستنتاج بأن “التقسيم” من بين هذه الخيارات، ان لم يكن ابرزها.
كيري لم يربط هذه “الخطة البديلة” بنجاح وقف اطلاق النار او فشله، وانما ايضا “اذا ما فشلت الجهود المبذولة لتشكيل حكومة انتقالية في سورية” التي اعلن، اي كيري انها ستتضح خلال شهر او شهرين.؟
ما يجعلنا نرجح ان يكون تقسيم سورية “يتصدر” ملامح الخطة البديلة الامريكية (الخطة ب)، ان معظم النزاعات التي دخلت فيها واشنطن طرفا، بشكل مباشر او غير مباشر، انتهت الى التقسيم للفصل بين المقاتلين، مثل كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية، وفيتنام الشمالية والاخرى الجنوبية، والتقسيم الطائفي العرقي للعراق، وكذلك السودان، ولا ننسى اوسيتيا الجنوبية التي انفصلت، او فصلت (بضم الفاء) عن جورجيا، بعد الدعم الامريكي للأخيرة، وتقسيم اوكرانيا الى غربية وشرقية، والامثلة كثيرة.
ما يجري طرحة حاليا في الاوساط الغربية هو احتمال دخول قوات برية سعودية خليجية اردنية من الجنوب باتجاه الرقة ودير الزور شمالا، بحيث تلتقي مع قوات تركية تنطلق من الشمال، بما يؤدي الى القضاء على “الدولة الاسلامية”، واقامة “كيان سني” في “سورية الشرقية”، ومحاولة اقامة كيان مواز في الشرق بمساعدة القوات التركية، ولكن المخططات في هذا الشأن تصطدم بالوعود الامريكية للأكراد بشكل عام، وسورية بشكل خاص، المتعلقة بقيام اتحاد فيدرالي كردي على طول الحدود السورية التركية، والتركية العراقية وصولا الى ديار بكر في الشرق التركي.
الرئيس السوري بشار الاسد منزعج من هذه المخططات التي بات من المؤكد انه على دراية بها، ويشعر بخطورتها، وهذا ما يفسر ارساله الدكتورة بثينة شعبان الى موسكو حاملة العديد من الاسئلة حول التفاهمات الروسية الامريكية الاخيرة حول الملف السوري، ومرحلة ما بعد وقف اطلاق النار.
لعل تصريحات الكرملين التي صدرت امس، وقالت ان موسكو ودمشق تجريان حوارا بشكل دائم حول تسوية النزاع المسلح في سورية، وان مواقفهما في هذا المجال متشابهة وليست “متطابقة”، هي تأكيدات اضافية ستعمق القلق الرسمي السوري في الوقت الراهن على الاقل، الامر الذي يفسر المرسوم الذي اصدره الرئيس بشار الاسد بالدعوة الى انتخابات برلمانية في الثلث الاخير من شهر نيسان (ابريل) المقبل، وهو المرسوم الذي يشكل “ضربة استباقية” لإجهاض تفاهمات فيينا التي تنص على فترة انتقالية بصلاحيات كاملة، وحكومة وحدة وطنية تتلوها تعديلات دستورية، وانتخابات رئاسية وبرلمانية.
ديمتري بيسكوف الناطق الصحافي باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال اليوم “ان هناك وجهات نظر متشابهة بين موسكو ودمشق لكن وجهات النظر هذه ليست متطابقة تماما، ولا شك ان هناك اختلافات”، وكانت المفاجأة الاكبر في رد بيسكوف على سؤال عما اذا كانت دمشق تشارك في المشاورات الروسية الامريكية حول ترتيبات الهدنة عندما قال “ان الحديث يدور عن مفاوضات روسية امريكية مغلقة”.
اذا كانت الخطة الامريكية (أ) مرعبة بالنسبة الى سورية والمنطقة العربية بأسرها، فكيف سيكون الحال بالنسبة الى الخطة (ب)؟
مجرد التفكير بتقسيم سورية سيكون خطا احمر بالنسبة الينا في هذه الصحيفة “راي اليوم”، ويجب ان يكون الحال كذلك بالنسبة الى السوريين والعرب جميعا دون استثناء، بما في ذلك الذين يضخون المليارات، وآلاف الاطنان من الاسلحة للإطاحة بالنظام السوري، لان تقسيم سورية سيكون مقدمة، او خطوة رئيسية لتقسيم دول عربية عديدة، وتفتيتها، ومن ضمنها المملكة العربية السعودية.