هل ضغطت إسرائيل على السعودية لإلغاء صفقة الاسلحة الفرنسية للجيش اللبناني؟ ولماذا منح هولاند ولي العهد السعودي اعلى وسام في الدولة؟
7 مارس، 2016
389 10 دقائق
يمنات – رأي اليوم
اعلان السيد عادل الجبير وزير الخارجية السعودي ان صفقة الاسلحة الفرنسية، التي كانت مقررة لتسليح الجيش اللبناني، وقيمتها تصل الى ثلاثة مليارات دولار، سيتم تحويلها الى الجيش السعودي، يؤكد ان الهدف من هذه الصفقة ليس الحرص على الجيش اللبناني وتطوير قدراته الدفاعية بأسلحة حديثة متطورة، وانما “رشوة” السلطات الفرنسية، ودعم صناعتها العسكرية بالدرجة الاولى.
الجيش السعودي لم يكن بحاجة “ماسة” الى هذه الاسلحة والمعدات، لأنها اقل حداثة وتطورا بالمقارنة مع نظيراتها الموجودة في مخازنه، مضافا الى ذلك ان معظم الاسلحة السعودية مصدرها امريكي، ولا نعتقد ان فرنسا يمكن ان تقدم للجيش اللبناني معدات متطورة يمكن ان تلحق ضررا بإسرائيل وطيرانها، الذي لا يتوقف مطلقا عن اختراق الاجواء اللبنانية.
الخبير العسكري المتقاعد العميد امين حطيط قال “ان صفقة الاسلحة هذه ظلت تخضع لدراسة امور تقنية اساسية تتعلق بنوعية السلاح “المسموح” للجيش اللبناني امتلاكها، فهناك تخوف من وصول فئة معينة من السلاح الثقيل قد يهدد دولة اسرائيل، كما ان هناك تخوفا من وقوع السلاح في يد “حزب الله”، ولهذا تم شطب نحو 70 بالمئة من لائحة الاسلحة التي طلبها لبنان”، واضاف “ولهذا فان هذا يعني ان السلاح المتبقي سيكون من فئة سلاح حفظ الامن الداخلي فقط”، اي ان الصفقة لن تمكن الجيش اللبناني من امتلاك قوة جوية ونارية وصاروخية فاعلة.
كلام العميد هذا يوحي بأن هناك اعتراضات وضغوط اسرائيلية مورست على فرنسا من اجل الغاء هذه الصفقة بصورتها الاصلية، وربما تكون هذه الضغوط هي التي تقف وراء القرار السعودي بإلغائها تحت ذريعة تحفظ السيد جبران باسيل على قرار لوزراء خارجية جامعة الدول العربية يدين التدخل الايراني في الشؤون الداخلية العربية.
اسرائيل لا تريد وصول اي اسلحة حديثة للجيش اللبناني تزيد من قدراته الدفاعية والهجومية، في ظل التقارير والتقديرات العسكرية الاسرائيلية التي ما زالت تتوقع حربا وشيكة في لبنان، فالجيش اللبناني المختلط الذي تتمثل فيه كل الطوائف، لن يقف مكتوف الايدي في حال حدوث عدوان اسرائيلي، وسيتصدى لمثل هذا العدوان.
اللبنانيون تعايشوا مع القرار السعودي بإلغاء هذه الهبة، ووضعوا مصلحة لبنان فوق كل الاعتبارات الاخرى، بما في ذلك “استجداء” الرضا السعودي، وشاهدنا السيد نهاد المشنوق وزير الداخلية، والذي يمثل تيار “المستقبل”، الحليف الاوثق للسعودية في لبنان، يتحفظ بشجاعة على فقرة في بيان وزراء الداخلية العرب تصف “حزب الله” بالإرهاب”.
وما يؤكد نظريتنا ان صفقة الاسلحة هذه التي كانت مخصصة للجيش اللبناني هي لارضاء فرنسا بالدرجة الاولى، الاحتجاجات الفرنسية على الغائها، وطيران السيد الجبير الى باريس بشكل سريع، واعلانه من هناك ان الاسلحة ستحول الى الجيش السعودي، الامر الذي اثار الارتياح في الاوساط الفرنسية، وجرى التعبير عنه بمنح الامير محمد بن نايف ولي العهد وزير الداخلية السعودي، وسام جوقة الشرف من قبل الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، اثناء زيارة الاخير لفرنسا قبل ثلاثة ايام، وهو اعلى وسام في الدولة الفرنسية، ولا يمنح عادة الا لزعماء الدول.
من المفارقة ان تحويل صفقة الاسلحة هذه الى الجيش السعودي جاء بعد يوم واحد من تصريحات ادلى بها السيد عبد الله المعلمي، وطالب فيها لبنان “بادارة شؤونه بنفسه بعيدا عن “ابتزاز″ ميليشيات “حزب الله” كشرط اساسي لمراجعة علاقته بالسعودية والتراجع عن قرار الغاء منحة الثلاثة مليار دولار”، فيبدو ان السيد المعلمي كان مغيبا تماما عن سياسات حكومته ومواقفها الحقيقية.
ربما يكون لبنان خسر صفقة الثلاثة مليارات هذه، ولكن السعودية قد تكون خسرت لبنان، واحرجت اصدقاءها، وسلمت هذا البلد لخصمها الايراني وانصاره وميليشياته في المقابل، وهذه خسارة اكبر بكثير من صفقة اسلحة “خفيفة” لا تغني ولا تسمن من جوع.
البدائل عن هذه الصفقة متعددة، فهناك عرض ايراني وآخر امريكي، ولا نبالغ اذا قلنا ان هذه الهبة السعودية ما كانت ستقدم لولا العرض الاول، اي الايراني، في ظل الصراع المتأجج بين الجانبين على النفوذ في لبنان، وانسحاب السعودية، وسحبها لعرضها صب في مصلحة ايران حتما، وشكل انتصارا لها، تماما مثلما سلمت السعودية العراق لإيران بتواطؤها مع العدوان الامريكي، ومن قبله الحصار التجويعي القاتل لإطاحة نظام الحكم العروبي فيه.