حصري – قراءة لما وراء تصعيد غارات التحالف السعودي بعد أيام من التراجع ووصول “محسن” إلى مأرب
17 مارس، 2016
1٬616 16 دقائق
يمنات – خاص
أنس القباطي
صعد طيران التحالف السعودي من غاراته، الأربعاء 16 مارس/آذار 2016 على عدد من المحافظات، بعد أيام من تراجع الغارات، عقب الحديث عن مفاوضات بين السعودية و أنصار الله في الحدود.
تصاعد الغارات هذا جاء بعد استهداف طيران التحالف لسوق الخميس بمديرية مستبأ، بمحافظة حجة، الثلاثاء 15 مارس/آذار 2016، و ارتكابه مجزرة بحق المدنيين تجاوز عدد ضحاياها الـ”150″ بين قتيل و جريح.
مجزرة مستبأ تضع انصار الله على المحك
هذه المجزرة وضعت أنصار الله على المحك، خاصة بعد قبولهم بالتفاوض مع السلطات السعودية، و وقف العمليات العسكرية على الحدود.
و مع استمرار التهدئة على الحدود، و تصعيد الغارات على عدد من المحافظات، بعد يوم من مجزرة سوق مستبأ، تزداد الضغوط على أنصار الله، و تزيد حدة الانتقادات عليهم، و التي لم تعد مقتصرة على قيادات و ناشطين من خارج الحركة، و إنما توسعت لتشمل ناشطين و أعضاء في اللجنة الثورية محسوبين على الحركة.
فخ سعودي
تصعيد الغارات من قبل التحالف السعودي، يقرأ في اطار ما ذهب إليه البعض من أن انصار الله وقعوا في “فخ سعودي”، يستهدف ضربهم في اوساط مناصريهم، و محاولة سعودية لعزلهم عن المتعاطفين معهم، في ظل ضخ اعلامي من قبل الآلة الاعلامية التابعة للمعسكر اليمني الموالي لـ”الرياض”.
أنباء تداولت صباح الأربعاء، أشارت إلى انكسار زحف للجيش السعودي، على أطراف مدينة الربوعة السعودية الواقعة تحت السيطرة النارية لـ”أنصار الله”.
و في حال صحت هذه الأنباء، فإن هذا هو أول المؤشرات لما ذهب إليه البعض من أن المفاوضات بين السعودية و أنصار الله “فخ سعودي”.
البعض يقرأ تصاعد الغارات الجوية لطيران التحالف السعودي، على عدد من المحافظات، بأنها ضغط على أنصار الله، للقبول باستمرار التفاوض، خاصة تلك الغارات التي استهدفت مدينة تعز، حيث ركزت معظمها على مناطق التماس مع المقاومة.
غارات على مناطق التماس
و من خلال تتبع الغارات التي استهدفت الاربعاء مدينة تعز، نجد أنها استهدفت القصر الجمهوري و معسكر الأمن الخاص و حي السلال و حي الكنب، و هي مناطق تماس مع المقاومة شرق المدينة.
و في الجانب الغربي استهدفت الغارات تبة الدفاع الجوي، التي تشهد اشتباكات متواصلة منذ يومين بين مسلحي انصار الله و المقاومة.
اسناد طيران التحالف لمسلحي المقاومة و بالذات في تبة الدفاع الجنوي، شمال غرب مدينة تعز، و الذي يسيطر مسلحي المقاومة على مقدمة معسكر صغير، يقع اسفلها، مؤشر على رغبة السعودية في سقوط التبة الاستراتيجية، التي تطل على حي الحصب و تهيمن على أجزاء من معسكر اللواء 35 مدرع غرب المدينة، وتقع في مكان يمكن من خلاله السيطرة على مداخل شوارع الثلاثين و الأربعين و الخمسين و الستين شمال غرب و شمال المدينة و التي لا زالت تحت السيطرة الفعلية و النارية لـ”أنصار الله” و الجيش المساند لهم، فضلا عن أن سقوط التبة سيجعل من جبل الوعش الاستراتيجي المهيمن على شارع الخمسين و المطل على شارع الستين و تلال مجاورة له يسيطر عليها انصار الله كـ”تبة الزنوج” في مرمى نيران المقاومة.
استهداف تبة الدفاع الجوي، شمال غرب مدينة تعز و بعدة غارات، يقرأها البعض بأنها ضغط سعودي على أنصار الله، بتمكين المقاومة من السيطرة على ما تبقى من مدينة تعز، خاصة في هذا التوقيت الذي لا يزالون فيه يحاولون التقاط انفاسهم، بعد خسارتهم للمنفذين الغربي و الجنوبي الغربي للمدينة.
إشارات من انصار الله
هذا التصعيد في الغارات، يقرأه البعض بأنها ضغوط سعودية ردا على اشارات تلقتها السعودية من “أنصار الله” بتعليق التفاوض معها، على خلفية مجزرة سوق مستبأ بحجة، و التي وضعت أنصار الله أمام امتحان صعب، في ظل اعترافهم بوجود لقاءات مع السعودية، افضت إلى تفاهمات مبدئية أولية، حسب ما صرح بهم صالح الصماد رئيس المجلس السياسي للحركة قبل ثلاثة أيام.
و من خلال الأماكن التي استهدفها طيران التحالف في بقية المحافظات، نجد أن الغارات استهدفت مناطق التماس مع المقاومة و قوات هادي، ففي محافظة صنعاء استهدفت الغارات منطقة العرقوب بخولان، و هي منطقة تماس مع مواقع المقاومة في صرواح بمأرب، و في غرب محافظة تعز، استهدفت الغارات اطراف مديرية ذو باب الواقعة على التماس مع مواقع قوات هادي، و في مأرب، استهدفت مواقع في مديرية حريب الواقعة على الحدود مع مديرية بيحان بشبوة التي يسيطر عليها أنصار الله أيضا، و تشهد بعض مناطقها اشتباكات مع عناصر المقاومة.
زيارة محسن إلى مأرب
هذه الضغوطات السعودية، كما يقرأها البعض، تزامنت ايضا مع ضغوطات أخرى، تمثلت بإرسال اللواء علي محسن الأحمر، نائب قائد الجيش المعين من قبل هادي مؤخرا، و معه قيادات عسكرية إلى محافظة مأرب.
و تقرأ زيارة “محسن” في هذا التوقيت، بأنها رسالة لـ”أنصار الله” بإشعال جبهة نهم، حوالي 70 كم إلى الشرق من العاصمة صنعاء.
لزوم انصار الله الصمت و عدم وجود رد على السعودية في الحدود، و صدور بيان خجول من المجلس السياسي للجماعة عشية مجزرة سوق مستبأ، يضاعف من الضغوط الشعبية على الحركة، و يضعها في مأزق “الفخ السعودي”، الذي بات البعض من انصار الحركة و من داخلها يرجحونه.
امتصاص الغضب
و أمام هذه الضغوط، يبدو القصف الصاروخي على تجمعات المقاومة و قوات هادي، باتجاه الجوف، و الوازعية غرب تعز، نوع من امتصاص جزء من هذه الضغوط و محاولة لمرضاة جمهور الحركة، الذي تعود على الرد داخل العمق السعودي.
رأي آخر
هناك من يرى أن تصعيد الغارات و زيارة علي محسن، مؤشر على عمل عسكري قادم قد يشمل عدة جبهات، ابرزها جبهة نهم، التي يمثل أي تقدم فيها ضغط كبير على انصار الله في العاصمة.
و هناك من يرى أن تفاوض السعودية مع انصار الله، هدفه ايجاد نوع من التراخي في صفوف المقاتلين و تذمر في الوسط الشعبي، ما يساعد للترتيب لعمل عسكري يحقق هدفه باستخدام عنصر المباغتة، كما حصل غرب مدينة تعز.
و من يرجحون هذا الرأي، يرون في زيارة “محسن” ترتيب لهجوم جديد و ارسال رسالة لمناصريهم بأن معركة صنعاء قادمة، و أن عليهم الاستعداد لها، و عدم التذمر من تفاوض السعودية مع أنصار الله.
في حين يرون أن استهداف مناطق التماس بغارات جوية، تهدف لتعبيد الطريق أمام أي عمل عسكري.
جبهة جنوبية
و هناك من يرى أن زيارة “محسن” إلى مأرب، بالتزامن مع غارات على منطقة العرقوب بخولان، فيها إشارة لفتح جبهة جديدة عبر خولان، لمهاجمة العاصمة من الجهة الجنوبية، بالتزامن مع هجوم آخر من الجهة الشرقية “نهم”.