مفاوضات الكويت اختبار جديد لإرادات أطراف الأزمة اليمنية
28 مارس، 2016
437 10 دقائق
يمنات
عامر راشد
الجولة القادمة من المحادثات بين ممثلين عن الحكومة اليمنية والحوثيين وحزب “المؤتمر الشعبي العام” بزعامة الرئيس السابق علي عبد الله صالح ستبيِّن مدى نضج تلك الأطراف، والقوى الداعمة لها، لوقف الحرب والعمل على إيجاد حل بالوسائل الدبلوماسية.
وفق جدولة جديدة لاستئناف الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة، لبلورة تسوية سياسية في اليمن، أعلن المبعوث الدولي الخاص إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، عن اتفاق أطراف الصراع المسلح في اليمن على وقف إطلاق النار في كل أنحاء البلاد، اعتباراً من منتصف ليل العاشر من نيسان/أبريل المقبل، واستئناف محادثات السلام في الثامن عشر من الشهر ذاته، في دولة الكويت.
هدف المحادثات، استناداً إلى ما أكده ولد الشيخ أحمد في 22 آذار/مارس الجاري، التوصل إلى اتفاق نهائي ينهي الصراع في اليمن، ويسمح باستئناف الحوار السياسي على أساس قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، إضافة لقرارات مجلس الأمن الأخرى المتعلقة باليمن، ومبادرة مجلس دول التعاون الخليجي.
وعلى عكس الجولات السابقة من المباحثات، التي انتهت كلها دون الوصول إلى نتائج ايجابية على الأرض، يظهر من تصريحات المبعوث الدولي الخاص إلى اليمن أن الجولة المقبلة تمتلك حظوظاً كبيرة للنجاح، وأنها ستدخل مباشرة في صلب القضايا العملية، حيث يستدل على ذلك من النقاط التي حدَّدها ولد الشيخ أحمد كجدول أعمال للمباحثات، إذ أوضح أن “الحوار اليمني — اليمني سيركز على خمسة أمور، تتعلق بالانسحاب، وتسليم السلاح والترتيبات الأمنية، والحل السياسي الذي ينقسم إلى جزءين، الأول يضم إعادة سيطرة الدولة على كل المؤسسات العامة، واستئناف عملها، وفي مرحلة لاحقة استئناف الحوار السياسي وبحث الانتخابات والدستور وغيرها”.
تفاؤل بناه ولد الشيخ أحمد على ما سمعه في صنعاء والرياض، بالإضافة إلى الدعم الذي قدِّم له خلال زيارته لموسكو، وما لمسه من مواقف إيجابية في جولته التي شملت قطر والإمارات العربية والكويت، فضلاً عن أن الجدولة والمبادئ التي أعلنها المبعوث الدولي جاءت بعد عقده لمباحثات مكثفة مع ممثلين عن الحوثيين وحزب “المؤتمر الشعبي العام”، الذي يتزعمه الرئيس السابق على عبد الله صالح. وأعقب تلك المباحثات مباحثات مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وعدد من مساعديه العسكريين والسياسيين في الرياض.
مما يعني موافقة أطراف الأزمة الداخلية على العودة إلى طاولة الحوار، ودعم دول التحالف العسكري العربي، بقيادة السعودية، لوقف العمليات العسكرية، ودعم جهود التسوية السياسية، كما تبرز الأهمية الكبيرة للدعم الذي قدمته موسكو، ليس فقط لجهة إمكانيات وثقل روسيا كدولة كبرى، بل لقدرتها على التأثير في المواقف الإيرانية كي تكون طهران داعمة لمحادثات الكويت.
يسجل هنا؛ كان ولد الشيخ أحمد واقعياً ومحقاً وشفافاً حين شدَّد على أن حجر الأساس في الالتزام بالهدنة والحفاظ عليها، وإنجاح محادثات الكويت، يقع أولاً وأخيراً على عاتق اليمنيين أنفسهم، الذين سيقع على عاتقهم أيضاً تنفيذ كل ما سيتم الاتفاق عليه في المباحثات، في اختبار لإرادات الأطراف الداخلية للأزمة، الحكومة والحوثيين وأنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وفي الدائرة الأوسع اختبار لإرادات دول التحالف العسكري العربي ولإيران، واختبار أيضاً للمجتمع الدولي ومدى مقدرته على توحيد جهوده في دعم جهود مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن.
في مواجهة اختبار الإرادات؛ إن تقديم مصلحة اليمن وشعبه على الحسابات الفئوية كفيل بوضع مباحثات الكويت على قاعدة صلبة تضمن نجاحها، وعندها سيكون تأثير الموقف الداخلي اليمني هو الأقوى في معادلة وقف الحرب والوصول إلى تسوية سياسية للأزمة، بالعودة إلى الأساسين اللذين حدّدهما ولد الشيخ أحمد، تطبيق قرار مجلس الأمن 2216 وقرارات المجلس الأخرى المتعلقة باليمن، ومبادرة مجلس التعاون الخليجي، وتضاف إليهما مخرجات الحوار الوطني اليمني الشامل، الذي استمر منذ آذار/مارس 2013 حتى كانون الثاني/يناير 2014، ولو تم الالتزام بتنفيذ تلك المخرجات لما حدث بعدها ما حدث من حرب طاحنة، وتدخل عسكري خارجي.
وثمة فرصة سانحة لمنع سقوط المزيد من الضحايا، والحفاظ على ما تبقى من البنية التحتية لليمن التي لحق بها الدمار، والعودة إلى مسار إعادة بناء الدولة اليمنية، وطناً لكل أبناء اليمن، يتمتعون فيه بالحرية والديمقراطية والتعددية والمساواة وتكافؤ الفرص والحق في حياة كريمة.