أخبار وتقارير

الثقة تقود مشير إلى السجن وشقيقه إلى الجنون

المستقله خاص ليمنات
عندما يتحول الأمل إلى ألم، والثقة إلى خيانة، يصبح من الطبيعي أن يفقد شخص مخدوع عقله ويصاب بالجنون، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل يتجاوزه إلى أسرةٍ بريئة تدفع ثمن الثقة العمياء لأحد أفرادها بشخص، يبدو أنه غير جديرٍ بالثقة.. تداعيات مؤلمة ومشاهد حزينة يسردها من خلف القضبان الشاب مشير عبده عائض باعتباره أحد ضحايا الثقة التي وضعت في غير محلها.. يقول مشير: “الشراكة جمعت أخي بأحد الأشخاص، اتفق معه على فتح مطعم ليكون مصدر دخلٍ لهما، يطلبوا الله فيه، واتفقا على أن يمول أخي المشروع مادياً ويقوم بتجهيزه، ويقوم شريكه في المقابل بالاشتغال في المطعم وإدارته، وهذا ما تم فعلاً، حيث جمع أخي كل ما أستطاع جمعه من مال، لتجهيز المطعم، وبعد جهدٍ كبير تم افتتاحه، وبدأ العمل فيه، بعد أن وضع أخي ما فوقه وما تحته، في هذا المشروع، وأكمل الباقي عبر الديون من الناس، الذين وعدهم أنه سيقضيهم عندما يشتغل المطعم، وتحقق ما كان يريده أخي واشتغل المطعم وكان شريكه يقوم بالعمل فيه، لكن الحلم الجميل لم يدم طويلاً، فبعد مرور عدة أيام من الافتتاح، قام ذلك الشريك الذي أمنه أخي بجهده وماله بإغلاق المطعم، ليس ذلك فحسب، بل طالب أخي بدفع ثمانمائة الف ريال، بمبرر أنه قام بدفعها أثناء تجهيز المطعم، رغم أن أخي هو من جهز المحل بكل أدواته ولوازمه، أما صاحبه فكان حسب الاتفاق شريكاً يشغل يده فقط..”
ويضيف مشير بحزنٍ وأسى “بعد أن رأى أخي ما فعله شريكه، وإغلاق محله الذي كان يعول عليه كمصدر دخله الوحيد، فكر في الديون الكثيرة التي استلفها من الناس، وسمع صاحبه يطالب بذلك المبلغ الكبير، لم يتحمل كل ذلك، فقد كان مصدوماً بما حدث، وللأسف فقد أخي عقله، جنن بعد عجزه عن مقاومة الضغوط وهموم الدين.. والغريب أن شريكه لم يكتفِ بما فعل به والحال الذي أوصل أخي إلى الجنون، بل ذهب إلى المحكمة ورفع دعوى ضد أخي انتهت هذه الدعوى بإصدار المحكمة حكماً غيابياً، يقضي بضرورة قيام أخي بتسليم مبلغ وقدره ثلاثمائة ألف ريال، لقد كان الحكم مفاجئاً لنا، فنحن لم نعلم بالدعوى إلا بعد صدور الحكم، والمشكلة أن المحكمة تصر على ضرورة قيام أخي بدفع هذا المبلغ، وهو مجنون لا يستطيع فعل شيء ومحله مغلق، فكيف سيدفع كل ذلك المبلغ الكبير خصوصاً وأن المحكمة تريد حبسه إذا لم يسلم المبلغ..
ويواصل مشير الحديث عن قضيته “تدخلت أنا بعدما رأيت حال أخي، وارتضينا بالأمر الواقع، وطالما أن أخي قد صار مجنوناً ومحله مغلق وهو مطالب بدفع مبلغ كبير صدر به حكم جائر، بينما أسرته تبحث عن من يصرف عليها ويوفر لها لقمة العيش، وحالتنا لا يعلم بها إلا الله، وطالما أننا لا نتحمل غرامة وأتعاب الشريعة واستئناف الحكم والتردد على المحاكم، ذهبت أنا إلى القاضي لأضمن على أخي، وأتعهد بدفع المبلغ بالتقسيط، وكما يقال “نص البلاء ولا كله”، فنحن إذا لم نفعل نذلك قد ندفع أكثر من هذا المبلغ في الشريعة والمحاكمة ويعلم الله في الأخير كيف سيكون الحكم، وستضيع سنين علينا، وأسرتنا أحق بهذا كله.. لذلك ارتضينا بدفع المبلغ بالتقسيط رغم أن ذلك ظلم علينا، فاتفقت مع القاضي على أن أدفع كل شهر قسطاً مقدار عشرة آلاف ريال، ووافق القاضي على أن أبدأ بدفع المبلغ ابتداءً من الشهر القادم، خرجت من عند القاضي وذهبت أعمل في بوفية بأجر شهري وأنا ملتزم بدفع الأقساط، ولكن تفاجأت بشريك أخي يأتي إلى البوفية دون سبب ومعه عساكر فأخذوني إلى السجن في المحكمة، ورغم أن المدة المحددة لبداية التسليم لم تبدأ، لكن عندما وصلت إلى القاضي وحاولت أن اشكو له ضعف حيلتي وموقفي، لم يسمع مني أي كلمة وقال “احبسوه” وأنا الآن كما تشوف في السجن، وصاحبنا يشتي حقه الفلوس وأنا متحمل لأسرتي وأسرة أخي الذي أصبح مجنون، وزوجة أبي المتوفي وأسرته من زوجته الثانية، ولا يوجد لهم جميعاً بعد الله أحداً غيري، لكي يصرف عليهم، طالما أنني في الحبس فمن سيصرف عليهم، وكيف سيتدبرون معيشتهم، وكيف سيكون حالهم في غيابي، حتى القاضي قام بحجز محل أخي ولا أستطيع بيعه.. فأين رحمة القضاء من حالنا وقضايانا نحن المعسرين والمظلومين.. ولا حول ولا قوة إلا بالله

زر الذهاب إلى الأعلى