ارفعوا ايديكم عن سلطة القضاء ودعوا العدالة لبسطاء الناس
3 مايو، 2016
374 7 دقائق
يمنات
نجيب شرف الحاج
أي طرف يستحوذ ويسيطر على السلطة في هذا البلد نجده سرعان ما يبدأ يكشر عن انيابه و يستخدم القضاء كسوط و أداة يسلطها على خصومه السياسيين..؟!
القضاء اليوم ملزم اكثر من أي وقت مضى للنظر في كافة القضايا ذات الطابع السياسي، و المنظورة امامه و البت فيها من الناحية القضائية فقط، بعيدا عن الملابسات و المماحكات السياسية التي شهدتها و تشهدها البلد، خاصة و أن هذه الممحاكات و الدعاوي الانتقائية قد استدعتها ظروف و أحداث سياسية استثنائية في خضم هذا الصراع المرعب و في خضم ثورات وأحداث عنيفة ارهقت البلد والناس فلم يبقى للناس أي ملاذ يلجئون اليه سوى القضاء، الذي يتوجب عليه اليوم الحفاظ على شيء واحد لا يزال بإمكانه الانتصار له و المحافظة عليه في خضم هذه الاحداث والتقلبات و المتغيرات ؛وهو استقلاله و نزاهته و عدم خضوعه لتقلبات السياسة او الميل وفقاً لرغبات و أهواء الساسة، و غداً ستتغير الاحداث و سنجد القضاء سوطاً بيد طرف اخر يسلطه على خصومه السياسيين بقصد النيل منهم و ملاحقتهم و إسكات اصواتهم .. فماذا تبقى لبسطاء الناس..؟!
ان لم يكن القضاء غير عادل ونزيه، حتى و لو كان تحت سيطرة و ضغط قانون سياسي معين .. فكيف يمكن ان نسميه قضاء! و ماذا تبقى حينها من هيبة القضاء و من قدسية رسالته، فإذا كانت الكثير من القيم السامية قد دنست يتوجب اليوم على القوى المتصارعة و على الاطراف السياسية ان يتركوا على الاقل العدالة و محرابها القضائي للشعب، و ان يكفوا عن استخدام القضاء كسوط يسلطونه على رقاب خصومهم السياسيين من وقت لأخر.
هذا ما شهدته اليمن منذ حقبة طويلة و تشهده اليوم في ظل الملاحقات القضائية الانتقائية التي برزت مؤخرا ضد الخصوم السياسيين، و من قبل سلطة الامر الواقع التي جعلت من القضاء اداة لأحداثها، فتجلت ارادة الساسة على اعمال القضاء، و هذا ما سيجعل الامور تمضي دوما بالاتجاه الخطأ ضد المنطق و ضد العدالة و ضد مفهوم الحق و روح القانون، و ستظل اليمن تعاني من جرح مفتوح كلما شعر الناس بضعف العدالة و خذلان القضاء و عدم انتصاره لهم في مواجهة السلطة و القوة و النفوذ، فلا يزال الناس في هذا البلد يتطلعون الى وجود قضاء ينتصر للضعيف قبل القوي، فالقوة و الضعف لا يؤخذان في الحسبان، و ما يؤخذ في الحسبان هي الحقوق، و هي مسئولية سيتحملها القضاة امام الله و أمام الأمة و الضمير الانساني، فوثائق و مداولات و أحكام و قرارات القضاء تسجل وقائع تاريخية مهمة؛ و تعطي مصداقية كبرى لرواية احداث التاريخ، كما تعكس ثقافة و حضارة الشعوب و طرق تفكيرها و القوانين و الأعراف السائدة فيها؛ في مرحلة معينة و منها يتبين تطور القوانين و العقوبات و طرق و تنظيم العلاقات داخل الدولة و علاقتها مع الخارج.
ارفعوا ايديكم عن سلطة القضاء و دعوا العدالة لبسطاء الناس و لعامة الشعب. فالقانون لا يعرف شيء اسمه غطرسة القوة.