مفاوضات الكويت قطعت مرحلة متقدمة بدخولها في تفاصيل الخطط التنفيذية واليمنيون ينتظرون البشرى السارة
27 مايو، 2016
702 10 دقائق
يمنات – سبوتنيك
عامر راشد
المعلومات الواردة من جلسات الحوار اليمني في الكويت، برعاية دولية، تبشر بانفراج في المواقف يرجح على نطاق واسع بأن يتوج باتفاق بين وفد الحكومة ووفد الحوثيين وأنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
أشاعت التصريحات الأخيرة للمبعوث الدولي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، أجواء إيجابية حول مجريات مشاورات السلام في الكويت بين وفد الحكومة اليمنية والحوثيين وأنصار الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، حيث أكد ولد الشيخ أحمد أن المشاورات تقترب من التوصل إلى رؤية تضم تصور الطرفين للمرحلة المقبلة، وأوضح ولد الشيخ أحمد، في بيان صادر عنه، أنه يتم العمل الآن على وضع على “تذليل العقبات الموجودة والتطرق إلى كل التفاصيل العملية لآلية التنفيذ، ما يجعل الجلسات أكثر حساسية ويجعلنا أقرب للتوصل إلى انفراج شامل”.
و لم يسبق للمبعوث الدولي أن أدلى بتصريحات على هذا المستوى من التفاؤل والثقة بإمكانية تذليل العقبات العالقة، من خلال الخروج بحلول توافقية يقبل بها الطرفان، بعد أكثر من شهر راوحت في المفاوضات في مكانها، وكادت أن تنهار غير مرة بتعليق الوفد الحكومي لمشاركته، آخرها نهاية الأسبوع الماضي، لولا تدخل أطراف إقليمية ودولية أقنعت الوفد الحكومي بالعودة إلى طاولة المشاورات، بإعطائه ضمانات لاسيما بخصوص تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، ومخرجات الحوار الوطني و”المبادرة الخليجية”، وكانت هذه النقاط الثلاث محور خلاف حاد بين المتحاورين.
يبدو من تصريحات المبعوث الدولي أن المشاورات قطعت مرحلة متقدمة، بدخولها في تفاصيل خطط تنفيذية، وفقا لما قاله ولد الشيخ أحمد “تم خلال اللقاءات – التي عقدت يوم الأربعاء – تداول بعض الرؤى حول القضايا العسكرية والأمنية، بما فيها تلك التي تتعلق بآليات الانسحاب وتجميع القوات وترابط الشق السياسي بالإطار الأمني مع دراسة معمقة لكيفية تزمين الأحداث في المرحلة المقبلة”، سيعرضها المبعوث الدولي في إحاطة سيقدمها لمجلس الأمن الدولي في جلسة مغلقة.
و استبقت مصادر دبلوماسية غربية جلسة مجلس الأمن الدولي بتقديرات أكدت روح التفاؤل والثقة، التي عبّر عنها ولد الشيخ أحمد، إذ أشادت تلك المصادر في تصريح لوكالة “فرانس برس” بالنتائج المحققة في جلسات الحوار الأخيرة، وأضافت: “لم نرَ هذا الزخم تجاه السلام منذ عام ونصف العام”، مشددة على ضرورة أن تتكلل مشاورات السلام بالنجاح في وضع خطة طريق.
أجواء طيبة اليمنيون بأمس الحاجة لها، ورغم أنه لا يجب التقليل من المصاعب التي مازالت تعترض مسار الجهود الهادفة إلى وضع خطة طريق، إلا أن جلسات الحوار الأخيرة قدَّمت نموذجاً حياً على إمكانية تذليل خلافات كبرى عبر إبداع حلول توافقية، المثال الأبرز على ذلك، اقتراح المبعوث الدولي تشكيل “حكومة خلاص وطنية”، لتجاوز الخلاف حول تشكيل “حكومة توافق وطني”، “سيتم تشكيلها على أساس توافقي وجامع ووفق المرجعيات القانونية، وستحل مكان الحكومة الحالية فقط عندما لا تصبح صنعاء ومؤسسات الدولة بيد أطراف غير تابعين للدولة”، على حد ما صرحت به المصادر الدبلوماسية الغربية، وهذا يمثّل أرضية لتطبيق القرار الدولي 2216، وتشكيل حكومة توافق وطني، في آن واحد، ومما لا شك فيه ستكون المسألة معقدة ودقيقة، وتحتاج إلى أن يبدي طرفا الحوار مرونة كبيرة، ويتم تقديم تنازلات متبادلة، وتوفير دعم دولي وإقليمي، لا يقف عند حدود خروج المشاورات بخريطة طريق، بل باستمرار المواكبة الحثيثة وتقديم ما يلزم من دعم، كي يتم ضمان تطبيق المتفق عليه، وتذليل أي عقبات يمكن أن تبرز على الأرض.
و لعل القضية الأهم في المرحلة القادمة، والتي ستكون حاسمة في إحلال السلام في ربوع اليمن، مساعدة اليمنيين على إعادة بناء مؤسساتهم الوطنية، واجتثاث الجماعات الإرهابية المتطرفة، وتمكين الدولة من بسط سلطتها وممارسة صلاحياتها، وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني وما تبقى من “المبادرة الخليجية”، بخصوص المرحلة الانتقالية، وكذلك القرار الدولي 2216، ناهيك عن إعادة إعمار ما دمرته الحرب، ومن الإنصاف أن نقول: يجب أن تتحمل دول مجلس التعاون الخليجي العربي، وفي المقدمة منها المملكة العربية السعودية، مسؤولية خاصة في عملية إعادة الإعمار، ومساعدة اليمن اقتصادياً، لأن أمن واستقرار تلك الدول مرتبط بأمن واستقرار اليمن، الذي لن يتحقق إلا بمعالجة آثار الحرب، والتخفيف من معاناة اليمنيين، الذين ينتظرون بشرى سارة من مشاورات السلام في الكويت، وأن يمد لهم أخوتهم يد العون انطلاقاً من وحدة المصير المشترك.