عندما يشتكي الامراء من المعاملة “المزرية” للسفارات الاجنبية لهم واخذ بصماتهم.. فماذا يقول العامة والبسطاء من عامة الشعوب؟
1 يوليو، 2016
341 11 دقائق
يمنات
اثار الامير طلال بن عبد العزيز قضية على درجة كبيرة من الحساسية، عندما اشتكى من المعاملة “المزرية” التي تعرض لها عندما تقدم بطلب للحصول على تأشيرة دخول الى بريطانيا بقصد الزيارة، وطالب حكومة بلاده بتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل على اعضاء الاسرة الحاكمة والمواطنين البريطانيين الذين يريدون زيارة السعودية.
من الواضح ان هذه الشكوى “الغاضبة” التي وضعها الامير في رسالة وجهها الى وسائل الاعلام، جاءت بسبب تعرضه لاجراءات مشددة من بينها اخذ بصمات اصابعه العشرة، في معاملة وصفها بأنها اشبه بمعاملة “المشبوهين”.
شكوى الامير طلال، شقيق العاهل السعودي محقة، وفي مكانها الصحيح، لان المواطنين العرب والمسلمين، وليس الامراء فقط، يواجهون المعاملة نفسها، ان لم يكن اكثر اهانة، عندما تفرض عليهم الحاجة الى السفر لزيارة بعض الدول الاوروبية، او الولايات المتحدة الامريكية حيث اجراءات طويلة ومعقدة، ومطالب بمستندات عديدة، من بينها كفالات مالية، وحسابات في البنوك، وتزكية من المؤسسة التي يعمل بها وهكذا.
الحصول على “الفيزا” للمحظوظين لا يعني نهاية درب الآلام، ولكن قد يكون بدايتها، حيث يواجه المسافر العربي المسلم اجراءات تفتيش مهينة جدا في المطارات، والامريكية على وجه الخصوص، بما في ذلك التفتيش الذاتي، والحاسوب، وبطاقات الائتمان، بل وذاكرة الهاتف المحمول في حالات عديدة، ونحن هنا لا نقع في خطيئة “التعميم”.
وربما يجادل البعض، بأن العرب والمسلمين هم الذين يقفون خلف الغالبية الساحقة من الهجمات الارهابية التي ضربت عواصم، او مدن غربية، مثل بروكسل، وباريس واورلاندو، واسطنبول (باستثناء عملية مطار اتاتورك يوم امس التي نفذها انتحاريون من دول القوقاز يحملون جوازات سفر روسية)، كما انهم يمثلون معظم اللاجئين الذين يركبون البحر للوصول الى اوروبا وامريكا واستراليا ولذلك من حق هذه الدول ان تدقق جيدا في هويات من يودون زيارتها، تجنبا لتكرار مثل هذه الهجمات على اراضيها، وللحد من الهجرة اليها.
هذا الجدل ينطوي على الكثير من الصحة، ولكن هل من الممكن ان يكون شخص فوق الثمانين من العمر محملة حقيبته اليدوية بطرود من الادوية ابتداء من الضغط، ومرورا بالكوليسترول، وانتهاء بحبوب علاج مرض السكر والقلب ارهابيا مثلا، او باحثا عن عمل، بغض النظر عن كونه اميرا او من عامة الشعب؟
الامر المؤكد ان الامراء الكبار في السعودية ودول الخليج الذين يزورون بريطانيا او امريكا، في مهمات رسمية او زيارات شخصية، لا تؤخذ بصماتهم، ولا يواجهون المعاملات المهينة في المطارات الامريكية، ولا حتى الرهط الكبير من المساعدين المحيطين بهم، ابتداء من الوزراء وانتهاء بالطباخين، ولكن وزراء خارجية وسفراء عرب يحملون جوازات سفر دبلوماسية واجهوا، ويواجهون، ما تعرض له الامير طلال نفسه، حتى ان وزيرا فرنسيا اسمر البشرة من اصول عربية، عاد ادراجه من احد المطارات الامريكية احتجاجا على محاولة تفتيشه ذاتيا، مما يؤكد ان الامر ليس صدفة في بعض الحالات، وان الاهانة متعمدة بل مقصودة.
ذريعة الارهاب والخوف منه، لا يمكن انكارها، او الدفاع عنها وتبريرها، ولكن لا يجب اخذ جميع العرب والمسلمين بجريرتها، واهانتهم عندما تجبرهم الظروف على زيارة دول غربية والولايات المتحدة على وجه الخصوص، حيث من المتوقع ان تتطور الامور الى الاسوأ في حال نجاح دونالد ترامب المرشح الجمهوري في انتخابات الرئاسة.
الطيارون الامريكيون والبريطانيون الذين قصفوا العراق وليبيا، وقتلوا في الاولى اكثر من مليون انسان، ودمروا البنى التحتية، وكذلك جيوشهم ودباباتهم لم يحصلوا على تأشيرات دخول الى البلدان العربية المستهدفة، ولم يدخلوها من المطارات والمراكز الحدودية، وهذا التدخل الذي يقصفنا ويقتلنا يتم باسم الديمقراطية وحقوق الانسان وحريات التعبير.
ما نطالب به هو حسن المعاملة لمواطنينا فقط، واحترام كرامة الانسان، اميرا كان او غفيرا، بغض النظر عن لونه او دينه او الجنسية التي ينتمي اليها، وجواز السفر الذي يحمله.
ندرك جيدا ان الكثير من المواطنين العرب ممنوع عليهم دخول الكثير من الدول العربية، او حتى التجرؤ على التقدم بطلب تأشيرة دخول اليها، واذا دخلوا يتعرضون الى اهانات، وربما احتجاز لساعات، او ايام في اقبية المطارات، (الفلسطينيون منهم خاصة في مطار القاهرة)، ولكن هذه الدول لا تعرف في معظمها الديمقراطية، ولا تحترم مطلقا حقوق الانسان، سواء كان هذا الانسان من مواطنيها او مواطني دول غيرها، باستثناء حملة الجوازات الغربية، خاصة اذا كانوا شقر البشرة بعيون زرقاء.
مطالبة الامير طلال، وهو احد اعضاء الاسرة الحاكمة في بلاده، بمعاملة البريطانيين او الامريكيان بالمثل، اي اخذ بصماتهم لن تجد آذانا صاغية للأسف، لاسباب عديدة يعرفها الامير نفسه، وتحتاج الى صفحات لسردها، وليس هذه المساحة الضيقة.