قلق واضح على هادي وكبار المسؤولين في حكومته من التسوية المقترحة من الدول الكبرى والتي تقترب من انتزاع صلاحياتهم
12 يوليو، 2016
904 9 دقائق
يمنات – RT
محمد الأحمد
بعد ساعات قليلة على تهديدات الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بمقاطعة مباحثات السلام في الكويت، تراجعت وكالة الأنباء الرسمية، وحذفت تلك التهديدات.
وقد تضمنت التهديدات رفضا لتشكيل حكومة شراكة مع انصار الله وأتباع الرئيس السابق علي عبدالله صالح؛ لكن الوكالة أعادت بث خبر زيارة الرئيس هادي القصيرة إلى محافظة مأرب، وأبرزت، بدلا من تهديده بالحرب، قوله إنه ليس داعية حرب، ولا يقرع طبولها.
وحمَّل انصار الله وأتباع الرئيس السابق مسؤولية القتال. وزادت الوكالة على ذلك، فنسبت إليه القول: “نحن دعاة سلام وأصحاب حق وقضية، ومسؤولون عن شعبنا اليمني من أقصاه ألى أقصاه”.
ولأن من الواضح أن خطاب هادي أثار غضب الدول الراعية للسلام في اليمن، وأن حذف تلك التصريحات هو نتاج طبيعي لذلك الغضب، فإن الوكالة غيرت مضامين الخبر المنسوب إلى الرجل، وقالت إنه جدد حرصه على السلام المبني على تطبيق القرار الأممي 2216 والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني. لكنه لم يخف خشيته من اقتراب ساعة مغادرته الحكم، فقال إنه: “لن يسمح مطلقا بشرعنة انقلاب المتمردين، ولن يجدوا إلا صمودا في كل ميادين الشرف والإباء”.
وبما أن التسوية المقترحة من الدول الكبرى تقترب من انتزاع صلاحيات هادي، إما لمصلحة نائب رئيس يتم الاتفاق عليه، أو لحكومة شراكة جديدة، فإن الجانب الحكومي ظهر متخبطا في موقفه منذ رفع جلسات الحوار في مباحثات الكويت؛ حيث تراجع عن الالتزام، الذي قطعه للحكومة الكويتية والأمم المتحدة بالعودة إلى المباحثات نهاية الأسبوع الجاري.
بل إن وزير خارجيته هاجم المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ أحمد بسبب حديثة عن خريطة طريق للسلام، مع أن “مضامين هذه الخريطة معروفة للجميع والدول الكبرى، التي ترتكز أساسا إلى تشكيل لجنة عسكرية تتولى مهمة نزع الأسلحة، والإشراف على انسحاب المليشيات من المدن، وتشكيل حكومة شراكة تحضر لانتخابات عامة.
فالقلق بات واضحا على الرئيس اليمني وكبار المسؤولين في حكومته من فقدان مناصبهم ويظهر ذلك بوضوح عبر التصريحات المتناقضة عن ضرورة الحسم العسكري والالتزام بالسلام والتخندق خلف نصوص قرار مجلس الامن الدولي 2216، رغم العجز الواضح عن تحقيق أي تقدم عسكري جديد على الارض، وإدراك هؤلاء أن المجتمع الدولي لا يؤيد مطالبهم، بل يؤكد أن المفاوضات تعني فشل الحل العسكري، وتستدعي تقديم تنازلات، وأن ما يطرحه الجانب الحكومي أشبه بشروط استسلام غير ممكنة.
ولأن الحال كذلك، فقد ذهب الرئيس هادي يتحدث عن انتصارات حدثت قبل عام، وخاطب الحضور في مأرب عما كان عليه وضع حكومته قبل سنة من الآن، وما هي عليه اليوم بفضل دعم دول التحالف العربي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية. وقال إنه مثلما احتفل بالذكرى الأولى لتحرير عدن، فـ”سنحتفل معا وقريبا بتحرير العاصمة صنعاء وبقية المحافظات المحاصرة، وسيرتفع علم اليمن فوق جبال مران”. هذا، في حين أن حكومته عجزت عن تأمين القصر الرئاسي والمناطق التي حررتها، ولم يعد بمقدوره البقاء في مدينة عدن التي اختارها عاصمة مؤقتة للبلاد.
ومنذ بداية مباحثات السلام في نهاية أبريل/نيسان الماضي في الكويت لم تغادر الحكومة اليمنية موقع المطالبة بعودتها إلى حكم البلاد، وأن يسلم انصار الله وأتباع الرئيس السابق أسلحتهم لها وأن ينسبحوا من المدن.
في حين أن الواقع على الارض لا يعطيها أفضلية وضع شروط صعبة ومستحيلة كهذه. كما أن مقتضيات أي حل سياسي لأي حرب داخلية في العالم تتطلب تنازلات حقيقية من الجانبين إذا لم يكن هناك انتصار عسكري فعلي لطرف على الآخر، وهو ما لم يتحقق في الحالة اليمنية.
ولأن ما هو متاح في مباحثات السلام في الكويت يتطلب التواضع في تضخيم القدرات من الجانبين، وإدراك حجم المأساة التي يعيشها ملايين اليمنيين، والقبول بحكومة انتقالية تتولى إدارة البلاد إلى حين الاحتكام لصندوق الانتخابات، أو الاستمرار في حرب عبثية ستقضي على أي آمال ببقاء الكيان اليمني موحدا وستدفع به نحو الصوملة.