القاعدة في اليمن… إلى “الأخونة”
يمنات – العربي
قد لا يعني ابتعاد تنظيم “القاعدة” عن نهج تنظيم “الدولة الإسلاميه” اقترابه من جماعة “الإخوان المسلمين”، من وجهة نظر بعض المقرّبين، الذين وضعوا كثيراً من تحولات “القاعدة” الأخيرة، خصوصاً فرعها اليمني، في سياق المراجعات وتصحيح الأخطاء ومراعاة السياسة الشرعية.
ويرى هؤلاء أن الخلاف بين “القاعدة” و”الإخوان” لا يزال حول قضايا جوهرية في قائمة الثوابت، كالديمقراطية وغيرها من القضايا المتعلّقة بوسائل التغيير و”الولاء والبراء”. وذهبوا إلى أن تأييد “إخوان” اليمن لـ”عاصفة الحزم” السعودية ضدّ “أنصار الله” والرئيس السابق، علي عبد الله صالح، جمع الطرفين عند نقطة هموم رئيسية مشتركة.
وأضافوا، أن تنظيم “القاعدة” مستعد لتجاوز الخلاف مع الكيانات المحسوبة على السنّة حين يتعلق الأمر بالحرب على “الخصوم الطائفيين”. وبحسب هؤلاء المقرّبين، الذين فضلوا عدم الكشف عن أسمائهم، فقد لعبت سيطرة “أنصار الله” على مؤسّسات الدولة أواخر العام 2014م دوراً في تحولات “قاعدة” اليمن، وفي إعادة ترتيب أولوياتها.
ويعتقدون أن توقف “القاعدة” عن استهداف قوات الجيش والأمن في نظام هادي، وعن استهداف النظام السعودي، رغم أنها دشنت ذلك أواخر العام 2014م بعمليات في شرورة، لا يعني أن موقف التنظيم من هذه الجهات قد تغيَّر، لكن استهدافها في هذا التوقيت سيخدم العدو المشترك، حد وصفهم.
ويذهب آخرون إلى أن كل التغييرات التي طرأت على “القاعدة” لها علاقة بخلافات التنظيم مع تنظيم “الدولة”.
مسافة
وعلى خلاف ما بات عليه الوضع الآن، عرف عن فرع تنظيم “القاعدة” في اليمن، قبل العام 2014م، قربه الزائد من تنظيم “الدولة الإسلامية”، إلى درجة أن معظم التحليلات توقعت مبايعة هذا الفرع، تحديداً، لـ”الدولة”. كما إن معظم أعضائه كانوا مهيئين للبيعة، وكان الحديث عن هذا الأمر لا يُقابل بالإنكار من قبل قادتهم، بل إن تأخر مبايعة قيادة فرع اليمن لـ”الدولة” هو الذي قوبل بالإنكار من قبل الأعضاء.
وحين سجَّل القيادي الدعوي في “قاعدة” اليمن، مأمون عبد الحميد حاتم، كلمة صوتية بعنوان “النصرة اليمانية للدولة الإسلامية” لم تعترض عليه قيادة التنظيم، بل إنه، ورداً على سؤال خاص حول ما إذا كان هذا موقفه الشخصي أم لا، قال إن موقف باقي القادة على مقتضى الكلمة المسجلة، غير أن ما حدث بعد ذلك كان مختلفاً.
عملياً، حاكى فرع اليمن، كثيراً، عمليات تنظيم “الدولة”، إذ كان ينظر إلى التنظيم كنموذج جهادي متقدم. لكنه، وبعد رفضه البيعة، وتأكيده على عدم شرعية إعلان دولة وخلافة، بدأ يتخلى عن أمور كثيرة اشتهر بها “الدولة”، بل وهاجمها. فرغم ممارسته لعمليات القتل ذبحاً أكثر من مرة، إلا أنه، بعد الخلاف من تنظيم “الدولة”، اعتبرها بشعة ومخالفة للفطرة السليمة، حد تعبير القيادي نصر الآنسي، كما تخلى عن فكرة السيطرة على الأرض وإقامة حكم إسلامي على المدى المنظور.
وقد حرص هذا الفرع، من وراء ذلك، على خلق مسافة كبيرة بينه وبين تنظيم “الدولة”، تساعد الناس على التفريق بين التنظيمين، لكنَّ كثيرين رأوا أن المسافة بينه وبين جماعة “الإخوان” تقلصت كثيراً.
غير واضح
ورغم أن “الإخوان المسلمين” باتوا، بالنسبة إلى “القاعدة”، أقرب من “الدولة الإسلامية”، إلا أن الحديث عن “تأخون” تنظيم “القاعدة” ليس دقيقاً، كما إن “القاعدة” لم تعد أيضاً “قاعدة”، مقارنة بنهجها وأهدافها قبل ظهور “الدولة الإسلامية”، حيث تبدو، حالياً، كياناً غير واضح المعالم والأهداف.