سجال وقف اطلاق النار في حلب .. هل ستسمح روسيا بخروج الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين بشيء من ماء الوجه..؟!
يمنات
عبد الوهاب الشرفي
تغيب الولايات المتحدة الأمريكية عن الحل الذي تم التوصل إليه بخصوص إجلاء المسلحين من حلب، و الذي كان يجب أن يكون نتاجا للمشاورات الروسية الأمريكية على مستوى الخبراء في جنيف، لكنه لم يتم نتيجة تلك المشاورات و ليأتي كنتيجة لجهود روسية و تركية و سورية، و بذلك تكون روسيا قد استفردت بالنتيجة في حلب قتالا و اتفاقا.
غياب الولايات المتحدة من اتفاق خروج من بقي من المسلحين من حلب يعكس فقد الحيلة تجاه النتيجة التي تحققت للنظام السوري و لروسيا في حلب لدرجة عدم استعدادها للقيام بأي دور في إنقاذ المقاتلين الذين يقاتلون ضمن مشروعها في سوريا، و يظل الأمر أبعد من ذلك فالولايات المتحدة ظلت تناضل حتى أخر اللحظات في سبيل عدم الاقرار بما تحقق للنظام السوري في حلب.
حراك كبير خاضته الولايات المتحدة و حلفاءها في سوريا لتلافي وقوع هذه النتيجة في حلب من خلال الاصرار على التوصل مع روسيا لوقف إطلاق نار في حلب وهو ما لم تتجاوب معه روسيا إلا وفق ترتيبات معينة عند الضرورات الإنسانية التي تقدرها هي و دون أن يؤدي ذلك إلى وقف العمليات العسكرية بشكل مستمر، و كانت تواجه مطلب الولايات المتحدة و حلفائها الغربيين بوقف إطلاق النار في حلب – الذي تراه محاولة من الولايات المتحدة و حلفائها الغربيين لإتاحة الفرصة للمسلحين لإعادة تنظيم صفوفهم – بمطلبين: الاول هو اشتراط إخراج العناصر الارهابية من حلب و هو المطلب الذي أفضى بدوره الى المطلب الثاني – و هو مطلب روسي قديم منذ بداية تدخلها عسكريا في سوريا – المتمثل في تصنيف المسلحين إلى إرهابيين و معارضة سياسية، و كلا المطلبين بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها أحلاهما مُرّ، فالأول يعني تحقيق النتيجة التي تريدها روسيا والنظام السوري بالعمل العسكري لكن بصورة اتفاقية، و الثاني هو القضاء على هامش التلاعب بين الإرهاب والمعارضة الذي تعتمد عليه الولايات المتحدة في مواجهة روسيا في الملف السوري ككل منذ البداية.
كان الواقع في حلب يسير في اتجاه فرض سيطرة النظام السوري على أحياء حلب بشكل حثيث تمكن من ان يسبق الصراع السياسي بين الولايات المتحدة وحلفائها وبين روسيا بشأن حلب و فرضت النتيجة المطلوبة للنظام السوري وحلفاءه كأمر واقع، ومع ذلك لم تتقبل الولايات المتحدة وحلفاءها الأمر فبدأت الولايات المتحدة في المناورة على من يقاتلون ضمن مشروعها العالقين في حلب تارة بقرار رفع الحظر عن تزويد حلفاء واشنطن في سوريا بأسلحة نوعية وتارة بالتشكيك فيما حدث في حلب من سيطرة النظام السوري عليها و تارة بتخويف المسلحين من مغادرة حلب بأن مصير من خرجوا من حلب غامض، وأخيرا بانسحاب ممثليها في جنيف من مناقشة إخراج المسلحين المحاصرين في أخر ما بقي بأيديهم من أحياء حلب، و كل تلك المناورات كانت تهدف لأطول صمود ممكن للمسلحين علها تتمكن مع حلفاءها الغربيين من الظفر بقرار وقف إطلاق النار الذي يعملون عليه في المسار السياسي بالاعتماد على دور إعلامي كبير فيما يتعلق بالحالة الإنسانية في حلب.
كما سبقت روسيا و النظام السوري للولايات المتحدة و حلفاءها الغربيين على الارض في العمليات العسكرية، سبقوهم أيضا بحل لمسألة إخراج ما تبقى من المسلحين و عائلاتهم بعيدا عن الحضور الامريكي في هذا الحل، و هو الحل الذي كانت الولايات المتحدة تتعمد عدم الوصول اليه بانسحاب ممثليها في جنيف، و بهذين السَبقين أصبح أمر حلب محسوما بالكامل لصالح روسيا و النظام السوري و حلفاءه.
خسرت الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين معركة حلب عسكريا و اتفاقا كواقع بات يعلمه العالم كله الان، و لم يعد بيدها ما تفعله للتخفيف من هذه النتيجة على الارض بأي قدر و لو يسير – حاليا على الأقل – لكن لا تزال الولايات المتحدة و حلفائها يصوّران حراكا سياسيا بائسا يهدف للحفاظ على “شكل خسارتهما سياسيا” من خلال الاستمرار في ديدن وقف إطلاق النار في حلب الذي لا زال ديدنهم حتى بعد سيطرة النظام السوري وحلفاءه على حلب بالكامل..!!.
لكن حتى شكل الخسارة السياسية التي يعملون على تلافي ما يمكن تلافيه فيها هي ايضا بيد روسيا حاليا، فبعد خروج ما تبقى من المسلحين من حلب لم يعد هنالك ما يدعم الولايات المتحدة وحلفائها لفرض قرار وقف إطلاق نار بهدف حفظ شيء من ماء الوجه بالتوصل لوقف اطلاق نار ولو بعد فوات الاوان، فلم يعد في حلب طرف أخر غير النظام السوري وحلفاءه لتقوم حاجة لاتفاق وقف إطلاق نار معه، كما لم يعد البعد الانساني قابلا للاستخدام للضغط بهذا الاتجاه بعد خروج المسلحين وعائلتهم ودخول الجيش العربي السوري لأحياء حلب دون الحاجة لعمليات قتالية .. فهل ستسمح روسيا بمرور قرار وقف اطلاق نار في حلب – و لو اتفاقا مع الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين – حتى ولو لم يعد له حاجة وفقط لتخفيف الحرج عليهم لخسارتهم للنتيجة التي كانوا يعملون عليها مضمونا وشكلا، أم أن روسيا ستمنع الولايات المتحدة وحلفائها حتى من الحضور الشكلي في نتيجة حلب و تلحق بهم هزيمة كاملة وثقيلة..؟!.
علق الرئيس الامريكي القادم ترامب على تطورات حلب بأن ذلك نتيجة للسياسات الخاطئة لإدارة اوباما في سوريا، وهو امر ملفت ان يعلق هكذا وهو في انتظار الدخول للبيت الابيض وقد جاوز مرحلة المنافسة الانتخابية، لكن حجم خسارة الولايات المتحدة و حلفاءها “لمضمون النتيجة” في حلب سمحت بمجاوزة اللياقة بحق ادارة رئيس هو في اخر ايامه، لكن ما الذي عسى ان يقول ترامب و المعنيين في الغرب في حال اضافة خسارة الشكل ايضا للنتيجة في حلب..؟ هل نتوقع وصف للإدارات السياسية الامريكية وحلفائها الغربيين بالغباء..؟!.
رئيس مركز الرصد الديمقراطي – اليمن
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا