اللدغ أكثر من مرة ومن ذات الجحر
يمنات
توفيق الجند
خلال الحرب العالمية الأولى قامت بريطانيا بتعزيز الحس القومي للعرب لتوظيفه ضد خصومها الأتراك فقاتل العرب في صف الإنجليز ضد الأتراك بحلم الدولة العربية الذي لم يصدق فيه الإنجليز بعد الحرب، بل قاموا مع الأمريكان بمحاربة القوميين العرب لاحقا، لأن هؤلاء أعادوا توظيف المشاعر القومية تجاه إسرائيل والغرب، وكانت أداة محاربة القومية العربية هي الجماعات الإسلامية العربية.
و خلال الحرب الباردة بين واشنطن وموسكو وظفت أمريكا الحس الديني الإسلامي وعززته ضد السوفيت باعتبارهم ملحدين، وضد القوميين العرب أنفسهم باعتبارهم ملحدين وموالين لموسكو (قائدة الإلحاد العالمي) أيضا، فقاتل المسلمون في صف واشنطن ضد موسكو في أفغانستان.
الجماعات الإسلامية ذاتها التي (جاهد) عناصرها ضد الإلحاد تحولت بعد إنجاز المهمة إلى هدف عالمي لذات الدول التي صنعتها ودربتها وسلحتها، باعتبارها جماعات إرهابية هذه المرة عندما وظفت مشاعرها وخطابها الديني ضد الغرب.
أعادت تلك الدول (أمريكا وحلفاؤها) للمرة الثالثة صناعة وتوظيف الحس الديني لهذه الجماعات ضد المسلمين أنفسهم لإبعادهم عن الأهداف الغربية (الكافرة) وذلك عبر تعزيز الحس المذهبي والطائفي (سنة وشيعة).
من المهم استمرار الحروب في المنطقة، والأهم أن تظل محصورة وتحت السيطرة ولا تتمدد آثارها باتجاه الغرب إلا عند اعتراض الناخب الغربي على تدخل بلاده في تلك الحروب البعيدة، لإشعاره بالخطر وابتزازه بالخوف من هؤلاء المتوحشين الأثرياء الذين يجب أن تصب أموالهم لشراء الأسلحة من الغرب، وطلب وضع أنظمة المنطقة تحت جناح الحماية الغربية، ونشر الديمقراطية وحقوق الإنسان بين هؤلاء لنزع مصادر الشر من نفوسهم وعقولهم كما تبرر وسائل الإعلام الغربية عمليات الموت الجماعي المنظم للرأي العام العالمي.
حتى الآن لا يبدو أن العرب/المسلمين قد فهموا شيئا من تلك الدروس التي تلقوها على يد الغرب ولدغوا بها من ذات الجحر أكثر من مرة، و (لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين).
للاشتراك في قناة يمنات على التليجرام انقر هنا