تفجير سان بطرسبورغ .. هل هو محاولة لفك الإطباق الروسي على الارهاب في سوريا..؟
يمنات
عبد الوهاب الشرفي
قتل 10 اشخاص وجرح 50 شخصا في تفجير ارهابي مزدوج استهدف احدى عربات المترو في محطة “سيننايا” بمدينة سان بطرسبرج شمال غرب روسيا ظهر اليوم الاثنين 3 ابريل 2017م
مثل الارهاب احد اهم المهددات للامن القومي الروسي على مدى السنوات الماضية, و سبق ان ضربت موجة من العمليات الارهابية العديد من المدن الروسية بما فيها العاصمة الروسية موسكو مستهدفة اهداف حيوية من بينها محطات مترو و مسارح وطرقات عامة ومصالح حكومية, وكانت الادارة الروسية قد تعاملت مع هذا التهديد باهتمام كبير باعتباره مهددا جديا للامن القومي الروسي فرض عليها تبني استراتيجية امنية قومية تتعامل مع الارهاب على مستوى دولي وليس فقط داخل الجغرافيا الروسية.
استخدم الارهاب ضد روسيا منذ وقت مبكر ضمن التنافس العالمي فقد كان احد صور استهداف الاتحاد السوفياتي في افغانستان وكان له دور في استنزاف الاتحاد السوفياتي كواحد من اهم العوامل التي ادت الى انهيار الاتحاد السوفياتي , كما استخدم في اكثر من ملف سياسي ذو علاقة بروسيا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي خصوصا في ملفات دول شرق اوروبا المتفككة من ذلك الاتحاد و ضمن الصراع الاوروبي الامريكي من جهة مع روسيا من جهة مقابلة.
استراتيجية قوية
ساعدت الاستراتيجية الامنية القومية التي انتجتها الادارة الروسية لمواجة تحدي الارهاب في تراجع الضربات الارهابية داخل الاراضي الروسية بقدر كبير , فتحول روسيا للمواجهة مع الارهاب في مناطق كثيرة من العالم خارج حدودها تمكن من ان يحد من وصوله الى داخل ارضيها وبالتالي عاشت روسيا هدوء نسبيا من الضربات الارهابية في السنوات الاخيرة القليلة الماضية.
انسحبت المواجهة الاوروبية الامريكية مع روسيا من شرق اوربا الى ارض جديدة كانت مثالية للحرب الباردة بينهما هي سوريا , فقد اجتمعت المصالح الاقتصادية والسياسية و الهيمنة العالمية للجميع في الجغرافيا السورية و لتنتقل المواجهة على ارضها , وكان لروسيا دخولها المباشر والقوي والفارض في سوريا بشكل تمكن من ان تكون لها الكلمة العليا في ساحات المواجهات في سوريا , فبعد ان تمكنت الاستراتيجية الامريكية الاوروبية الخليجية التركية المعتمدة على الارهاب من ان تحقق تقدما هيكليا ضد النظام السوري وانتزعت منه مساحات واسعة من الجغرافيا السورية وهددت النظام السوري داخل عاصمته جديا جاء التدخل الروسي ليقلب المعادلة و يعيد النظام السوري الى الصدارة , و كانت استعادة النظام السوري لحلب ثاني اكبر مدينة سورية نقطة فارقة بالنسبة لحيوية الجماعات الارهابية في سوريا و باتت الجماعات الارهابية التي تم الزج بها الى سوريا ضمن المواجهة مع النظام السوري تعاني تهديدا وجوديا حقيقيا .
سان بطرسبرج هي ثاني اكبر المدن الروسية وهي مدينة حيوية للغاية يسكنها مايزيد عن 5 ملايين نسمة لتكون بذلك رابع اكبر المدن الاوربية من حيث السكان كذلك , وهي مدينة تحظى بزخم ثقافي و تاريخي كبير و ضرب الارهاب فيها اليوم يعطي هذه العملية الارهابية دلالات عدة منها دلالة خاصة عنوانها عودة التهديد الارهابي لروسيا الى سابق عهده قبل تبني الادارة الروسية للاستراتيجية الامنية القومية التي اعتمدت على مواجهة الارهاب اينما وجد في العالم قبل وصوله الى اراضيها.
دلالات ومؤشرات
توقيت العملية في بداية مرحلة جديدة من التنافس العالمي في ضل الادارة الامريكية الجديدة هو ايضا امر ذو دلالة متعلقة بمفهوم الادارة الامريكية الجديدة للارهاب التي بدت مؤشراته انه توظيف سياسي للارهاب من خلال التركيز على تجيير الارهاب في مواجهة ايران وهذا الامر بدوره يضع العديد من التساولات حول امكانية التعاون بين الشرق والغرب في الحرب على الارهاب الذي كان الرئيس الامريكي ترامب قد تعهد به اثناء حملته الانتخابية قبل وصوله الى البيت الابيض وقبل ان يغلب عليه الحديث عن ان ايران هي اكبر دولة ارهابية في العالم كتوظيف سياسي للارهاب لا ينسجم مع التوجه الجاد لمحاربته ويساير بقدر كبير توجه الادارات الامريكية السابقة في توظيفها ملف الارهاب لصالح السياسات الخارجية في منطقة الشرق الاوسط وفي العالم .
وقوع عملية سان بطرس برج الارهابية المزدوجة ضمن موجة عمليات ارهابية تضرب اوروبا هو ايضا بعد دلالي اخر للعملية يضع بدوره العديد من الاسئلة حول حجم وعلاقات و شبكات الجماعات الارهابية التي تشكلت و التي تنمو يوما يوما عن يوم في اوروبا ومدى تهديدها للامن الاوروبي والامن الاوراسي والامن الروسي ومدى قدرة الادارات السياسية الاوروبية والروسية على مجاوزة الخلافات السياسية لصالح محاربة الارهاب الذي يهدد الجميع .
الدلالة الاكثر خصوصية هي تلك المتعلقة بالدور الروسي في محاربة الارهاب في سوريا الذي بدى جادا وفاعلا وتمكن من اضعاف تلك الجماعات في الجغرافيا السورية بقدر كبير , وهذه الدلالة لاستهداف الارهاب لثاني مدينة روسية و لرابع مدينة اوروبية من حيث السكان يحمل رسالة للادارة الروسية ان الارهاب يفكر بعقلية الرد في الداخل الروسي في محاولة لفك الخناق في سوريا , فما سيتسبب فيه النشاط الارهابي داخل الجغرافيا الروسية من اشغال للادارة الروسية عن محاربة الجماعات الارهابية في سوريا يمكنه من يمنح تلك الجماعات فرصة للملمة الشمل و معاودة النهوض وتهديد العالم باسره انطلاقا من الجغرافيا الروسية , خالص تعازينا لاسر الضحيا التي خلفها هذا العمل الارهابي وهو مدان اشد الادانة ورسالة للجميع بقبح الارهاب واستهدافه للجميع.
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا