هل فاز “أرودغان” باستفتاء شعبي على توجهاته وتحالفاته القومية..؟ أم بتغيير نظام سياسي مضاف إليه تبعات وتحديات حقيقية..!؟
يمنات
عبد الخالق النقيب
للمرة الأولى بعد دورة قرن كامل تقريباً استيقظ الأتراك صباح الأحد وقد تحول النظام السياسي من برلماني علماني إلى رئاسي، وتيقن زعماء المعارضة الهشة أن أردوغان لن يذعن بسهولة، وقد يمضي في استعادة مجد الأمبراطورية التركية يحفزه لذلك طموحاته التي لا تزال مرتفعة، فأردوغان يتعثر وينحني أوروبياً و إقليمياً و سرعان ما يستدير للعمل وفق منطق “مدارات التأثير” و يستثمر الهجوم الأوروبي ضده في شد العصب و الوتر القومي التركي، ثم يبني عليه سياسة التحشيد إلى أن ينصاع المزاج الشعبي حوله و يشمخ داخلياً، بعد أن يعتقد خصومه في الداخل و الخارج أنه قد بات مجرداً من أوراق القوة وتعترضه عقبات عديدة غير قابلة للتجاوز..!
على أية حال الفوز الذي أحرزه أردوغان بفارق ضئيل كان قريباَ من عتبة الرفض، و كشف عمق الانقسام بين “الطبقة المتوسطة في المدن التي ترى مستقبل تركيا في الإطار الأوروبي، والفقراء المحافظين في الريف الذين يؤيدون قضبة أردوغان القوية”، غير أن هذا الانقسام لا ينفي أن أردوغان قد تمكن فعلاً من صناعة تركيا جديدة، و أصبح زعيماً ثانٍ يدخل تاريخ الجمهورية التركية بعد ما كان مصطفى أتاتورك زعيم الجمهورية الأوحد إثر إمبراطورية تتابع على حكمها 36سلطاناً و خليفة تداولوا السلطة فيها لأكثر من ستة قرون، لتصبح التعديلات المصادق عليها و التي ستدخل حيز التنفيذ بعد انتخابات 2019 الرئاسية قد حسمت النقاشات التي دامت أكثر من قرنين حول طريقة إدارة الدولة وصولاً لتعديل النظام السياسي و إحداث عملية التحول السياسي في تركيا بالطريقة الصعبة، ليبدوا أردوغان ممسكاً أكثر من أي وقت مضى بمفاصل الحكم.
المستقبل الآن لأردوغان و قد صار رئيساً مطلق الصلاحيات، لكنه على الأرجح لم يفز باستفتاء شعبي على توجهاته و تحالفاته القومية، و مسارعته للانخراط في مجمل حروب المنطقة و مشاركته في إداراتها و تغذيتها. خيارته في الانفتاح على الدور الإقليمي يأتي متزامن مع تواصل انهيار النظام الرسمي العربي و محاولاته التمدد في الفراغ الذي أنتجه ذلك الانهيار بحثاً عن دوري قومي إسلامي سني أوسع مدعوماً هذه المةه بنظام رئاسي، فهل سيدرك حزب العدالة و التنمية أنه فوز مضاف إليه تبعات و تحديات حقيقية، و سيبقى هشاً ما لم يكن مجبولاً بالعودة إلى صياغة تفاهمات وطنية و احتواء صلب لحراك الطيف السياسي المناهض، فالانعطاف التركي الصعب بحاجة لاستعادة ما خسره أردوغان و حزبه أثناء الذهاب للاستفتاء الذي أسفر عنه انقسام تركي حاد، و توجب عليه الآن الحصول على تركيا جديدة بهيئة بلد موحد و أكثر تماسكاً عن طريق استكشاف استراتيجية جديدة تستدرك تصرفات أردوغان مع خصومه إثر الانقلاب الفاشل، حينما ذهب إلى تمتين جدار الخصومة و شنه حملة واسعة لقمع الحريات داخل تركيا على مستوى الصحافة و اعتقالات و مداهمة للأحزاب السياسية ثم تصعيده ضد الدول الأوروبية، فهل سيتدارك أردوغان و حزب العدالة و التنمية تلك التصرفات قبل أن يعيدوا تموضع تركيا الحالي و مستقبلها بجدية…!!
على المدى المتوسط ستتحدث الأيام عما يمكن أن يؤول آليه مستقبل تركيا..!!
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا