رضية المتوكل: لا منتصر بالحرب في اليمن
يمنات – صنعاء
ترى رئيسة «منظمة مواطنة لحقوق الإنسان»، رضية المتوكل، أن جميع الأطراف المنخرطة في الحرب في اليمن «خاسرة، ولن ينتصر أحد على الآخر»، لافتة إلى أن استمرار الحرب يزيد من المعاناة الإنسانية، مؤكدة أن الفرصة ما زالت متاحة للوصول إلى اتفاق سلام تشارك فيه جميع الأطراف.
وفي حوارها مع موقع «العربي»، تتحدث المتوكل عن تفاصيل حول مشاركة المنظمة بإفادة عن الوضع في اليمن أمام جلسة خاصة بمجلس الأمن يوم 30 مايو الماضي، كما تتحدث حول العديد من المواضيع الإنسانية والسياسية في البلاد.
نص الحوار:
البداية من حيث يتحدث الرأي العام… كيف وجدت «منظمة مواطنة» أصداء الإحاطة التي تقدمت بها أخيراً في جلسة مجلس الأمن حول اليمن في 30 مايو الماضي، سواءً على المستوى الرسمي الحكومي أو على المستوى العام؟
كان هناك نوعان رئيسيان من ردود الفعل: أحدهما ردة فعل أطراف الصراع، والتي أبدت انزاعجها بأكثر من طريقة على الإحاطة، تحت وهم التمايز، ولغة الحق والباطل التي يحب كل طرف في الصراع أن يتبناها باعتباره هو على حق والآخر على باطل. غضب كل طرف من الإشارة إلى انتهاكاته لحقوق الإنسان، وسوء إدارته للمناطق التي تحت سيطرته، كما أن هناك مستفيدين يغضبون دوماً من فكرة السلم وإنهاء الحرب. أما ردة الفعل الأخرى فهي للناس العاديين الذين لا ينتمون لأي من أطراف الصراع في اليمن، وقد كانت ردة فعل من تابعها منهم إيجابية، واعتبروا أن الإحاطة تعبر عنهم وعن معاناتهم. كما كان هناك أفراد لهم آراء مختلفة حول ما يجب وما لا يجب أن تتضمنه الإحاطة، وهو نقاش طبيعي وإيجابي.
لنتحدث بصورة ملخصة عن أبرز ما حاولت «منظمة مواطنة» أن توصله للمجتمع الدولي حول أزمة اليمن، من على منبر القرار في مجلس الأمن؟
حاولت منظمة مواطنة في عشر دقائق أن تسلط الضوء على معاناة المدنيين في مختلف المناطق اليمنية تحت سيطرة السلطات المختلفة، وعلى خطورة استمرار الحرب مع التأكيد على إمكانية وقفها، وأن الفرصة ما زالت متاحة للوصول إلى اتفاق سلام تشارك فيه جميع الأطراف اليمنية، مع الإشارة إلى أن ما هو ممكن اليوم قد لا يكون ممكناً غداً. كما أكدت مواطنة على تورط جميع أطراف الصراع الحالي في اليمن في انتهاكات القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وتلك الأطراف هي التحالف بقيادة السعودية والإمارات، حكومة الرئيس هادي والأحزاب والجماعات المسلحة الحليفة لها، جماعة أنصار الله المسلحة (الحوثيين) وحليفها الرئيس السابق صالح، وحثت على ضرورة إنشاء آلية دولية للتحقيق في انتهاكات جميع الأطراف، وطالبت أعضاء مجلس الأمن بوقف بيع الأسلحة للدول المتورطة في انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن بالإضافة إلى وقف الدعم لأي منها. ثم طرحت مواطنة عدة نقاط يمكن حث جميع الأطراف على القيام بها لبناء الثقة في ما بينها وتخفيف معاناة اليمنيين، وهي إطلاق سراح جميع المعتقلين والمختفين قسرياً، وقف استهداف المدنيين والأعيان المدنية، فتح مطار صنعاء الدولي، ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع المناطق، إيجاد آلية لتسليم الأجور والمرتبات، حماية ميناء الحديدة من النزاع المسلح وإعادة تشغيله، رفع القيود عن عمل منظمات المجتمع المدني والحريات الصحافية وإطلاق سراح الصحافيين المعتقلين.
منذ بدء الحرب، كان اليمن في مجلس الأمن ممثلاً بإحاطات المسؤولين الدوليين وبمندوب حكومة عبد ربه منصور هادي، هل تعتبر إتاحة فرصة لصوت يمني مناهض للحرب ومن وسط مستقل، دليل مراجعة لإتاحة مجال لأكثر من رؤية في المجتمع الدولي؟
بالفعل، استضافة منظمة مجتمع مدني معروفة بتوجهها المستقل يعتبر مؤشراً إيجابياً، وإن كان بسيطاً، في طريقة تناول الصراع في اليمن. لقد ظل هذا المنبر مقتصراً على أصوات أطراف الصراع، كل بطريقته ومن خلال أدواته، وقد انعكس ذلك إما على قرارات وبيانات المجلس المختلفة أو على غياب هذه القرارات والبيانات بالمرة رغم استعار الحرب في اليمن واتساع رقعة الضحايا بشكل مهول. ولأول مرة منذ 14 شهراً، أصدر مجلس الأمن بياناً رئاسياً بخصوص اليمن، وهذا بفضل المجهود الكبير الذي بذلته منظمات حقوق الإنسان والمنظمات الإنسانية، وبالرغم أن البيان لم يتبن جميع مطالب المنظمات الإنسانية والحقوقية، إلا أنه للمرة الأولى تكون معاناة الإنسان العادي وصوته حاضرين فيه. لا شك أن هذا البيان ليس عصاً سحرية يمكنها تغيير الوضع، لكنها خطوة صغيرة تحتاج إلى الكثير من العمل الصادق من أجل البناء عليها لتخفيف معاناة اليمنيين وتحقيق السلام في اليمن.
قبل أسابيع من انعقاد جلسة مجلس الأمن، وجهت منظمات دولية عديدة رسالة إلى المجلس، تندد بالحملة التي شنتها حكومة هادي على رضية المتوكل على خلفية حضورها في وقت سابق فعالية في الكونغرس الأمريكي،
هل كانت هذه المذكرة أحد ما ساهم بوصول المتوكل إلى مجلس الأمن؟
ما ساهم بوصول منظمة مواطنة إلى مجلس الأمن هو عملها في الميدان، جديتها في العمل، وحيادها ومهنيتها، وليس الهجوم الذي تتعرض له أو الدفاع الذي على تم على إثره. لقد التقت منظمة مواطنة ممثلة برئيستها رضية المتوكل، ومديرها التنفيذي عبد الرشيد الفقيه، بعدد كبير من المنظمات الإنسانية والحقوقية على مدار أسابيع في واشنطن ونيويورك، ضمن جولة مناصرة من أجل المدنيين في اليمن، بالإضافة إلى عدد من المسؤولين الحكوميين والبعثات الدبلوماسية المختلفة، وقد كان عمل منظمة مواطنة الجاد والمحايد وسمعتها الممتازة هو المنفذ الوحيد نحو هذه اللقاءات، وهو السبب الوحيد أيضاً لاختيارها لتقديم الإحاطة في مجلس الأمن.
هل تم اختيارك لتقديم الإحاطة من قبل الـ22 منظمة محلية ودولية، التي وجهت رسالة إلى مجلس الأمن، قبل أيام من انعقاد الجلسة، تطالبه فيها بالتدخل لوضع حد للحرب في اليمن؟
تقديم منظمة مواطنة للإحاطة في مجلس الأمن جاء بالفعل من خلال توصية منظمات حقوقية وإنسانية مختلفة، ليس بالضرورة أن الـ22 منظمة فعلت ذلك، لكن عدداً منها فعل. وقد ساعدت سمعة منظمة مواطنة وتقاريرها وبياناتها وكل الأعمال التي تقوم بها على جعل هذا الترشيح قوياً ومقبولاً لدى رئاسة مجلس الأمن التي قامت بتوجيه دعوة رسمية إلي كرئيسة لمنظمة مواطنة.
نشرت وسائل إعلام تابعة لحكومة هادي بياناً منسوباً لـ26 منظمة يمنية تتهم «منظمة مواطنة» بالانحياز خلال إحاطتها المقدمة لمجلس الأمن، لطرف «أنصار الله» و«المؤتمر الشعبي العام»، كيف تردين على تلك الإتهامات؟
أولاً أتمنى أن يكون هناك في اليمن 26 منظمة تعمل لصالح الناس بجدية وبدون تحيز لطرف، أؤكد أنه لو كان ذلك موجوداً لكان وضع اليمن مختلفاً كثيراً عن ما هو الآن. اليمن بلد ليس معقداً بقدر ما هو مهمل ومنسي، وأي جهد حقيقي فيه لا بد أن يثمر. وبالنسبة للبيان، فقد علمنا من بعض البعثات الدبلوماسية في مجلس الأمن أن الحكومة اليمنية أرسلت ذات البيان مرفقاً بأسماء 19 منظمة لأعضاء مجلس الأمن – ولا أعرف لماذا 19 وليس 26 – وقد تناوبت ردة فعل أعضاء البعثات الدبلوماسية ما بين الإستهجان من فعل الحكومة وما بين الإتجاه فوراً إلى الإنترنت للبحث عن إنجازات هذه المنظمات، التي كان غيابها وعدم وجود عمل حقيقي لأغلبها، خاصة أثناء الصراع الأخير، هو الرد الكافي. أما بالنسبة لإحاطة منظمة مواطنة فإنها متاحة للقراءة، ويستطيع أي شخص أن يتأكد من توازنها، واتخاذها لموقف واحد من انتهاكات جميع الأطراف، وهذا ما جعلها بالأساس قوية ومؤثرة، وقد تناولتها وتداولتها في شبكات التواصل الإجتماعي المنظمات الدولية الإنسانية والحقوقية أكثر من أي جهة أخرى.
أيضاً، قرأنا انتقادات موجهة لإحاطتك من قبل ناشطين وإعلاميين محسوبين على حركة «أنصار الله» في مواقع التواصل الإجتماعي، هل واجهت انتقادات رسمية من هذا الطرف ولو بالتواصل معك شخصياً؟
تابعت مثلكم ردود فعلهم الغاضبة من خلال شبكات التواصل الإجتماعي، ولم يصلنا شيء رسمي من قبلهم. وعادة هناك تواطؤ تلقائي بين أطراف الصراع لتناوب الصدارة في الحملات ضد منظمة مواطنة، للحوثيين وحليفهم فتراتهم، ولحكومة هادي وحلفائها فتراتها. وفي كل الأوقات لا يمكن لأي طرف يرتكب انتهاكات حقوق إنسان أن يرضى عن عملنا الذي هو بالأساس رصد هذه الإنتهاكات وتسليط الضوء عليها لصالح الضحايا، وهذا بديهي.
بالنسبة لدول «التحالف» التي تقودها السعودية والتي اتهمتها تقاريركم بانتهاكات، هل واجهتم أي ردود فعل منها؟
كتبت عدد من الصحف التابعة للسعودية ضد منظمة مواطنة، وفي الذكرى الثانية لحرب السعودية في اليمن هاجم السفير السعودي، محمد آل جابر، منظمة مواطنة عبر قناة «الجزيرة»، وكان ذلك بمثابة ضوء أخضر لمزيد من الحملات ضدها ما زالت مستمرة إلى حد الآن عبر وكلائها المتعددين. كما كتبت عدد من الصحف التابعة للسعودية ضد منظمة مواطنة.
بنظرك، ما الذي جعل منظمة مواطنة التي تأسست حديثاً تصبح هي صوت المجتمع المدني الذي وصل إلى طاولة مجلس الأمن، هل لأنها الوحيدة محلياً أو لأنها أكثر منظمة عملت على توثيق انتهاكات تتهم فيها مختلف الأطراف؟
لا يوجد سر في وصول منظمة مواطنة إلى مجلس الأمن، السبب هو العمل الجاد، المهني والمستقل لصالح الضحايا وضد انتهاكات حقوق الإنسان. ومن خلال متابعتي للتحليلات لهذا الأمر في شبكات التواصل الإجتماعي، أستطيع القول إن العديد من الناس لا يؤمنون بقدرتهم على الإنجاز، وبقدرة الإنجاز على تحقيق خطوات متقدمة، لهذا يلجأون إلى نظرية المؤامرة في محاولة تفسير نجاح شخص أو جهة ما، بينما الأمر هو أبسط من ذلك بكثير، هو فقط العمل الجاد والصادق.
وبالنسبة لتأسيس منظمة مواطنة فقد تأسست عام 2007 م، لكنها لم تحصل على التصريح إلا في عام 2013م ، حيث رفض نظام صالح ممثلاً بوزارة الشؤون الإجتماعية والعمل إعطاءها التصريح على مدار سنوات، وذلك بسبب عمل المؤسسين لها ضد حرب صعدة وضد الإنتهاكات التي كانت تحدث للحراك السلمي في الجنوب، بالإضافة إلى قضايا حقوقية أخرى، لذلك ظل العمل فيها مقتصراً على المؤسسين الذين عملوا مع منظمات دولية محترمة مثل هيومن رايتس ووتش، العفو الدولية، وأوبن سوسياتي، واكتسبوا خبرة وسمعة جيدة ساعدت على النهوض لاحقاً بالمنظمة.
بعد مشاركتك في فعالية حول اليمن في مقر الكونغرس الأمريكي، تعرضت لحملة شرسة من أنصار هادي، وقيل إن سفير اليمن في واشنطن، أحمد عوض بن مبارك، المعين من حكومة هادي، وجه مذكرة احتجاج على استضافتك، هل وصولك إلى مجلس الأمن بعد ذلك يعد رداً عملياً من المجتمع الدولي والحقوقي منه بالذات على تلك الحملة؟
المجتمع الدولي حقيقة غير مشغول بالرد العملي على أحمد بن مبارك وحكومة هادي، ولا نحن أيضاً، لم تكن الحملة تتطلب أكثر من رسالة من أجل حماية المستهدفين منها وقد تم ذلك. وصولنا كما أوضحت سابقاً له علاقة بعمل منظمة مواطنة وقوة تواجدها في الميدان، ولكني بالفعل أعتبر هذا الوصول رسالة تلقائية بأن منظمة صغيرة قادرة بعملها على تجاوز جهات ودول تملك المال والسلطة وتستخدمها من أجل التغطية على جرائمها وتشويه كل من يتصدى لها.
كرئيسة لـ«منظمة مواطنة»، ما هي أبرز التقارير أو الأعمال التي قامت بها المنظمة خلال الحرب؟
منذ سبتمبر 2014، وهو الشهر الذي سيطر فيه الحوثيون على العاصمة صنعاء بقوة السلاح، وما ترتب على ذلك من تدهور في الوضع وتدخل للتحالف بقيادة السعودية ونشوء جماعات مسلحة مناوئة للحوثيين، أصدرت منظمة مواطنة عدداً من التقارير والبيانات والأفلام الوثائقية ضد انتهاكات مختلف الأطراف. ومن ضمن البيانات والتقارير التي أصدرتها مواطنة: «سلطة الحوثي: عهد أسود في تاريخ الصحافة اليمنية»، «تعز: إستمرار الحصار الخانق يحرم المدنيين بقايا الخدمة الطبية»، «غارات عمياء» عن سقوط المدنيين في اليمن بضربات قوات التحالف العربي بقيادة السعودية، «ليسوا هنا» عن وقائع الإعتقال التعسفي والاختفاء القسري تحت سلطة جماعة أنصار الله (الحوثيون)، «فصول من جحيم» عن انتهاكات القانون الدولي الإنساني في النزاع البري المسلح في تعز، «قاتل مستتر» عن سقوط الضحايا المدنيين بالألغام الأرضية المزروعة من قبل جماعة أنصار الله (الحوثيين) وقوات صالح. وفي وقت سابق أصدرت منظمة مواطنة بالتعاون مع مبادرة المجتمع المفتوح تقريراً عن الأضرار المدنية للطائرات بدون طيار. هذا بالإضافة إلى عدد من الأفلام الحقوقية الوثائقية التي تناولت ضربات لتحالف الطيران بقيادة السعودية، التعذيب في سجون جماعة الحوثي، وضع المدنيين في تعز، وضحايا الطائرات بدون طيار. كما تقوم منظمة مواطنة بمتابعة قضايا المعتقلين والمختفين قسرياً لدى جميع الأطراف بشكل دائم، وتقدم كل ما أمكن من دعم قانوني بالتعاون مع عائلاتهم. وتُعتبر المناصرة والتوعية والتدريب في مجال حقوق الإنسان أيضاً من ضمن أعمال مواطنة الأساسية.
هل من الممكن تقديم نبذة عن آلية عمل المنظمة؟
تعتمد منظمة مواطنة في إصداراتها المختلفة على منهجية البحث الإستقصائي الميداني، ولا ننشر عن أي حادثة إلا بعد بحثها بشكل ميداني وعمل المقابلات مع شهود عيان، ناجين، وعائلات الضحايا، ونقوم بالتدقيق في هذه المعلومات عبر مراحل مختلفة، وهذا ما يتطلب جهداً غير عادي ووقتاً أطول. كما تستند مواطنة على القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان كمرجعية لها، وهو الأساس الذي نعتمد عليه في البحث وفي وضع الإطار القانوني وكذلك التوصيات.
وهنا أود التوضيح، أنه يوجد فرق بين المنظمات الحقوقية التي تقوم بالرصد والضغط والمناصرة، وبين المنظمات الإنسانية التي تقدم خدمات للضحايا كالعلاج والمأكل والملبس وغيرها، يوجد أيضاً فرق بين منظمات المجتمع المدني والإعلام الخبري، حيث أن الإعلام يتطلب نقل الخبر فوراً، بينما تحتاج منظمات حقوق الإنسان إلى وقت أطول في التحقق وليست مهمتها تقديم خبر.
تجتهد منظمة مواطنة في تأسيس ذاكرة حقوقية خلال فترة الحرب بحيث لا يضيع حق الضحايا، ويصبح ممكناً العودة لتفاصيل الإنتهاك وتحقيق العدالة ولو بعد حين، وهذا لا يتعارض مع طبيعة المناصرة المستمرة والمباشرة للتخفيف عن الضحايا وإنصافهم ومحاسبة المتسببين في الانتهاك. ولمواطنة شراكات متعددة مع منظمات حقوقية وإنسانية دولية تساعدها بشكل دائم على تطوير أدائها المهني، وتعمل معها على المناصرة وتسليط الضوء على كثير من الإنتهاكات.
لماذا يصر البعض من أنصار هادي على تصنيف «مواطنة» أو رئيستها شخصياً باتهامها بالانحياز لـ«أنصار الله»؟
تهمة الإنحياز لا ينفرد بها أنصار حكومة هادي، بل هي الطريقة التي تدافع بها جميع الأطراف المنتهكة عن نفسها في مواجهة المنظمات والقائمين عليها من المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان، فقد شن الحوثيون حملات متعددة ضد مواطنة وضدي باعتباري حليفة للسعودية. تعتقد الأطراف أن الحل الوحيد لتفنيد ما يتم رصده من انتهاكاتها هو بإلصاق تهمة الإنحياز لمن يقوم بذلك، رغبة منها في هز المركز الأخلاقي للمنظمات والقائمين عليها، تبذل كثيراً من الجهد في هذا الإتجاه ولكنه يظل ضعيفاً مهما كبر، وفي كل الأحوال أي متابعة سريعة لأعمال منظمة مواطنة بإمكانها تفنيد هذا النوع من الدعايات. العبرة بالإنجاز والعمل.
هل أنت شخصياً على استعداد لدور أكبر في المرحلة المقبلة، باعتبارك المرأة اليمنية التي ظهرت بشكل فاعل في جانب المجتمع المدني المنادي ضد الحرب؟ وما الدور الذي يمكن أن تلعبيه برأيك؟
لا أريد أن العب إلا الدور الذي أقوم به مع زملائي وزملاتي في منظمة مواطنة، من أجل إظهار الكلفة الإنسانية للحرب، وإنصاف الضحايا سواء في النزاعات المسلحة أو في الأوضاع الطبيعية، وأتمنى أن تتوقف الحرب حتى أتمكن من لعب دور أقل وأتجه نحو الدراسات العليا.
كم تواجدت في اليمن خلال الحرب؟
تواجدت في اليمن طوال فترة الحرب، باستثناء سفريات متقطعة سريعة، وخرجت منها في فبراير 2017، حين اتجهت إلى لبنان ومنها إلى أوروبا ثم أمريكا في زيارة مناصرة لم تنته حتى الآن.
من خلال لقاءاتك واجتماعاتك بالأطراف الحقوقية الدولية منذ أشهر، ومع متابعتك للتطورات في الشهور الأخيرة، هل ترين أن المجتمع الدولي بدأ التحرك بشكل إيجابي، وأن الحرب يمكن أن تنتهي في الوقت القريب؟
أثبتت لي هذه الزيارة وما صاحبها من لقاءات واجتماعات أن كل شيء ممكن. في بداية أبريل 2017، كانت لغة الحرب هي المسيطرة على المناخ العام في الولايات المتحدة الأمريكية في ما يتعلق باليمن، هذا غير أنها حرب منسية ولا تسترعي الإهتمام كثيراً من الناحية الإنسانية. لكن خلال شهرين فقط، وبسبب العمل الجاد لكثير من المنظمات الحقوقية والإنسانية في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وغيرها من الدول، تغير هذا التوجه، وأصبحت معاناة الإنسان اليمني حاضرة بشكل أفضل وإن لم يكن بشكل كاف، وتبدلت لغة الحرب بلغة السلم على مستوى أعلى هيئة دولية وهي مجلس الأمن، وأصبح هناك رفض أكثر وغير مسبوق على مستوى الكونجرس باتجاه صفقات الأسلحة التي تغذي الحرب في اليمن. هذا كله مؤشر إيجابي، ويدل على أن الجهد يمكن أن يثمر، لكنه ليس ضماناً نهائياً، لا بد أن يكون هناك تحرك أكثر باتجاه وقف الحرب وعلى أكثر من مستوى. أتمنى أن تنتهي الحرب في الوقت القريب، لكنها لن تنتهي من تلقاء نفسها، ويبقى خطر انفجارها وتمددها قائماً.
ما هي الرسالة التي تود رئيسة «منظمة مواطنة» توجيهها إلى الأطراف الفاعلة، سواء «أنصار الله» و«المؤتمر» أو حكومة هادي أو «التحالف» الذي تقوده السعودية؟
أحب أن أقول لهم كفى، كلكم خاسرون في هذه الحرب، ولن ينتصر أحد على الآخر. إستمرار الحرب يزيد من المعاناة الإنسانية، وتزداد معه حمولة كل طرف فيكم من الإنتهاكات والجرائم، ومهما بدا لكم أن الضوء أخضر ولا توجد محاسبة، فإن تجارب التاريخ تقول العكس. نهاية الظلم وخيمة.
وأيضاً للأوساط الحقوقية اليمنية؟
أوجه تحية تقدير كبيرة للمنظمات الحقوقية والنشطاء الحقوقيين الذين حافظوا على استقلاليتهم وحيادهم وسط هذا الحرب، هم نقطة ضوء، وعلينا جميعاً أن نؤمن بقدرتنا على التغيير مهما بدا ذلك صعباً، وكل عمل مهني مهما كان صغيراً لا بد أنه يساهم في وقف هذا الجنون.