«الإصلاح» يختبر خياراته: هل يجتاز الحزب حقول الأزمة الخليجية؟
يمنات – صنعاء
خلت القائمة التي أصدرتها السعودية بعيد إعلانها مقاطعة قطر، والمتضمنة أسماء العشرات من عناصر جماعة «الإخوان المسلمين»، إلا من يمني واحد، وهو الأمر الذي أثار استغراب كثيرين؛ على اعتبار أن الشأن اليمني هو في متن الخلاف السعودي القطري بحسب وسائل إعلام موالية للسعودية والإمارات، تتهم قطر صراحة بمحاولة إفشال جهود «التحالف» في اليمن ودعم حزب «الإصلاح» والجماعات الإرهابية .
مراقبون يمنيون قالوا إنهم توقعوا ذلك؛ باعتبار أن 60% من قوام الحكومة «الشرعية» الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي هم من حزب «الإصلاح»، وعليه فمن غير المنطقي على الإطلاق أن يقول «التحالف» إنه يساند منذ أكثر من عامين ونصف عام حكومة نصف وزرائها ينتمون إلى حزب «إرهابي»، ناهيك عن قوة نفوذ وتغلغل جماعة «الإخوان المسلمين» في مراكز صنع القرار السعودي. فالهجرة «الإخوانية» الأولى لأعضاء الجماعة في زمن الرئيس الراحل، جمال عبد الناصر، كانت إلى المملكة التي احتضنتهم حينها، وجرى تعيين الكثير منهم لاحقاً في مراكز أكاديمية مرموقة.
ومع أن أعضاء «الإصلاح» انقسموا على أنفسهم بين مؤيد للقرارات السعودية المقاطعة لقطر ومعارض لها، تبقى المملكة بالتأكيد مطالبة، من قبل شركائها في «التحالف»، باتخاذ إجراءات عملية ضد «الإخوان» المحسوبين على «الشرعية»، وتحجيم دورهم ونفوذهم وصلاحياتهم. وما الصمت والسير بجانب الجدار، والذي بدا ظاهراً في تصرفات وتصريحات عناصر الحزب إلا محاولة لاتقاء الشرر المتطاير من بين ثنايا الأزمة الخليجية.
الخيارات الصعبة
ولذلك، تتطلب الأزمة من «الإخوان» عموماً و«إخوان اليمن» خصوصاً الإقدام على اتخاذ قرارات مصيرية، لم تعتد الجماعة القيام بمثلها طوال عمرها. على الرغم من وجود لقاءات فردية بين عناصر «إصلاحية» وقيادات من «أنصار الله» (الحوثيين) في مأرب تحديداً، إلا أن التقارب مع صنعاء خيار محفوف بالمخاطر، وسلوكه ليس مضموناً البتة.
قبل أكثر من ثلاثة أشهر، أفرج الحوثيون عن قيادي كبير في حزب «الإصلاح»، وهو ما رحّب به أيضاً تنظيم القاعدة وبصورة علنية، لكن أي تقارب مع صنعاء سيفضي إلى طلاق بائن بين الحزب والرئيس هادي من ورائه «التحالف».
هذا التعقيد الذي ستشتد عقده في قادم الأيام، لن يكون بمقدور «الإصلاح» الخروج منه إلا من خلال توزيع الأدوار بين أعضائه، وهو الإجراء الآني الذي بدأ الحزب تطبيقه بالفعل. فعناصره وقادته خارج الأراضي السعودية سيقفون مع قطر، فيما سيؤيد من تستضيفهم السعودية موقفها المعادي للدوحة بعبارات لا تحمل تجريحاً مباشراً لقطر، التي ارتفع سمت التحسس لديها تبعاً للمواقف المعلنة من جميع الأطراف وحتى الحليفة منها. لكن الإشكالية ليست هنا، بل في «الفحص العملي» الذي سيخضع له كل من ينتمي إلى الجماعة، والذي ستبدأ تطبيق إجراءاته بعد عيد الفطر بسحب ألوية الحماية الرئاسية من عدن إلى جبهات القتال. كما سيتبع ذلك إخضاع الجبهات المحسوبة على الحزب في كل من مأرب والجوف لإجراءات أكثر صرامة، في ما يخص الدعم المالي والمادي والعسكري، بالتوازي مع مطالبتها بتحقيق تقدم على الأرض.
مواجهة تأجلت
وكانت قيادات سياسية في الحزب قد طالبت «التحالف» في أكثر من لقاء جمع الطرفين قبل أكثر من عام بضمانات مكتوبة وأخرى إجرائية مقابل تحقيق انتصارات على الجبهات التي يقاتلون فيها، ومن بين تلك الطلبات منصب محافظ عدن، وحقيبة وزارة النقل التي أعطيت في محاصصة المبادرة الخليجية لـ«الحزب الإشتراكي». وهذان الطلبان رفضهما الرئيس هادي، وقال بأن تسليم عدن لحزب «الإصلاح» سيشعل انتفاضة، ولن تقبل به قوى الحراك الجنوبي. ولذلك، فقد رفض الحزب حينها المشاركة في عملية «تحرير» تعز ضمن خطة عسكرية أعدها «التحالف»، وقال إنه لن يكون «كبش فداء دائم» في معادلة الحرب والسلام في اليمن، وهو «لا زال يدفع ثمن تركه وحيداً يواجه الحوثيين في عمران وصنعاء وقبلهما دماج».
المصدر: العربي