ثورة «اليمن السعيد» الـ26 من سبتمبر
يمنات
عبدالخالق النقيب
حالة الانسجام الشعبي في صف الثورة والاحتفاء بها ليست بحاجة إلى الدفاع وتفسير الخلفيات التي عاشها اليمنيون إبان الثورة ، الأمر متعلق بما تحدثه الثورة من تحولات محورية يترتب عليها جملة من المتغيرات وعوامل التأثير في المستقبل الجديد الذي يضيف لها قيمة ثورية خالدة.
الفتيان الذي عاشوا الـ26 من أيلول سبتمبر قبل 55 عاماً من الآن، كانوا يومها يتحدوثون عن اليمن الجمهوري في وجه الملكية، ويتبادلون الابتسامات الغامضة ، كأول مكسب يتحصلون عليه لقاء ثورتهم ، ذات الأهداف الستة كمعيار لأي ثورة لابد لها من أهداف تسير على خطاها ، وتختزل حدثاً هائلاً يعيد صياغة وتشكيل الحالة السياسية والاقتصادية والمجتمعية ، تمهيداً للانخراط في حياة ذات أفق أوسع ، بعد ان كانت تضيق الحياة باليمنيين وتصبح بالكاد كافية للتفكير في طريقة الحصول على لقمة العيش وشيئ من الحرية ومعرفة ما إن كان هناك بشر يعيشون على أرض غير الطائف والقاهرة ، باعتبارها أبعد نقطة وصلوا إليها أو عرفوا عنها شيئاً، وقتها لم يكن يعرف البعض منهم أن بلدهم قد وصف بـ«اليمن السعيد» .
في السنوات القليلة التالية للثورة بدأ إيقاع الحياة يتغير على نحو متنامي ووتيرة متزايدة ، ولم يعد المجتمع بحاجة إلى تفسيرات أوضح عن حالة الانسجام الشعبي في صف الثورة ، بعد أن سرى ذلك الانسجام حتى تحول إلى حاضنة شعبية تقاوم الأخطاء وتتعدى دائرة الأفكار الرجعية ، في ضوء ميزان التحولات الجذرية لثورة الـ26 سبتمبر التي عاشها المجتمع اليمني سياسيا واقتصاديا وشكلت نقطة محورية في نهضة وحياة ومستقبل اليمنيين وهو ما لم يستطع أي تحرك سياسي آخر المجيئ بأفضل مما جاءت به ثورة الـ26 من سبتمبر .
ليس غريباً ءن يتعاظم الاهتمام الشعبي بثورة الـ26 من أيلول سبتمبر والاحتفاء بها كقيمة ثورية ونضالية تقاوم حالة الانكماش السياسي والانتكاسة المجتمعية ، باعتبارها الثورة التي تختزل أبعاداً تاريخية وسياسية تتجاوز حدود المنهجيات القاصرة والأفكار السطحية ، والاحتفال بها نهج يأصله التفاف اليمنيين حول عبقها المتين بمختلف مشاربهم وانتماءاتهم ، فكلما شعر اليمنيون بالمخاطر التي تتربص بوطنهم وتعبث بمكتسباتهم الثورية أدركوا حاجتهم أكثر بالعودة إلى أسس ومنطلقات الثورة اليمنية الأم .
وفي ضوء المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد باتت ثورة الـ26 من أيلول سبتمبر إحدى الثوابت الوطنية التي يمكن البناء عليها للحفاظ على رمزية النضال الوطني وإرث الدولة اليمنية الحديثة ، فتعمقت مكانة الثورة اليمنية الأم شعبياً وتناقلها الأجيال ، وسيكون من الصعب التماهي مع محاولات التقليل من ثورة مجيدة بحجم ثورة الـ26 من أيلول سبتمبر 1962.