الخليج حين يجعل من اليمن لعبة “جيسكو”
يمنات
صــلاح السقلدي
أن تقل لي: هل التحالف سيحافظ على الوحدة اليمنية..؟ سأقول لك: نعم. وإن تقل: هل سيفصل الجنوب..؟ سأقول أيضا: نعم.
– سيبدو الأمر متناقضاً ومتضادا مع نفسه. ولكن حتى وإن بدأ كذلك من ناحية الظاهر, إلا أنه بالجوهر مختلف تماماً حين نسبر أطراف أغواره ….. فالتحالف- وتحديدا المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة الخليجيتن- لن يبق اليمن كما كان على هيئة وحدته السياسية قبل الحرب, وهذه صدمة للقوى التي استعانت بهذا التحالف وتمايلت طرباً بوصوله, ظنا منها أنه سيكون صاروخا يخرجها الى مدار الطموح, في ذات الوقت الذي تحلم فيه ببقاء ( يمن موحد على سنجة عشرة دون أي خدش أو رتوش).
– بذور اليوم هي ثمار المستقبل, فيمن ما قبل الحرب ليس كما بعدها, فهو سيكون يمن بعد التعديل, هذا الأمر مؤكد و مفروغا منه, فالقرار قد اُتخذ من واشنطن لهذا الغرض ليلة 23 مارس/آذار 2015 – تلك الليلة التي تبدّت لكاتب هذه السطور كــ (لَيلة سقوط غرناطة) بعكس كثير من المراقبين – ولن يعيدها – أي اليمن – أيضاً الى ما قبل عام 90م كما يتمنى البعض ويتصور البعض الآخر, ليس حُباً بيمنٍ موحدٍ ولا كُرها بجنوبٍ مستقلٍ, فبوصلةِ مصالح المهيمن وصاحب السطوة ممن بيده “كلما يسلّي ويحلّي ويعشي الحمار” هي من تحدد اتجاهات ومسارات القرارات والاهداف المرجوة لأصحابها.
– هذا التحالف و إنفاذا لمقتضيات مصالحه وأهدافه بهذه الحرب واطماعه التاريخية سيجعلها “اليمن” موحدة شكلا مفككة فعلا (يمن فسيفساء), يمن في غرفة العناية غير المكثفة ولا مركزة, موحدة الشخصية أمام العالم, متعددة الشخصيات أمام نفسها, ضعيفة متهدلة ولكن تحت السيطرة, السيطرة الاقتصادية على الأقل, وهذا يبدو واضحا من خلال المبالغة بإيقاع أكبر حجم ومساحة من الضرر التدميري بالبنية المادية مدنية وعسكرية واقتصادية عبر عمليات القصف الجوي الذي تم ويتم دون هوادة, التدمير الذي برغم مرور سنوات عليه في بعض المناطق المتضررة لم يتم حتى اللحظة رفع حجرة واحدة للتعمير, ناهيك عن دفعها – اليمن شمالا وجنوباً- بقوة نحو هاوية الإفقار و منحدر البؤس والامراض والتشظي الاجتماعي والفكري. فعملية المقايضة تبدو واضحة من التحالف تجاه الضحية من منطلق قوله: لن أرفع مبنى ولا أوضح معنى إلا بمقابل وثمن أنا مَــن يحدده ويحدد وقت دفعه. وقد قال ذلك صراحة ناطق التحالف السابق العميد العسيري: لا إعمار إلا بعد اسقاط الانقلابيين ودخول صنعاء..!
– لن يجعلها التحالف قوية البنية السياسية والاقتصادية متماسكة الداخل, مالكةٌ لقرارها ولإرادتها وقرارها السياسيين المستقلين, بل ولا حتى مالكة لنفسها “وفقا للحقيقة القائلة: مَــن لا يملك لقمته لا يملك قراره ولا نفسه. لكن بالمقابل لن يجعها بلدا منهارا, أو ورقة في مهب الريح ساقطة على النموذج الصومالي كما يعتقد البعض, ليس رأفة بها, ولكن خشية على أمنه – أقصد التحالف – بل ومصيره الذي سيتهدد بوابته الجنوبية المرتقلة أصلاً, خطر داهم من محيط جوار مضطرب الأمواج, عاتي الأنواء, تسونامي يقذف أمواج من الجياع المصحوبة بسلاح وتطرف و كتل من الإرهاب, والفكر المعاكس, تيارات جارفة من انتقامات واحقاد وضغائن ولّدتّها سنين من الشعور بألم تغطرس جيرة الشقيق المتجبر, ووجع تنطس الأخ المتكبر.
– إذاً فاليمن القادم سيكون أشبه بقطع لعبة الجيسكو, عبارة عن قطع مفككة يتم دمجها وفصلها بــ وعن بعض بالوقت الذي تحدده مصلحة ويد اللاعب المتلهي..
الجنوب سيُفصلُ عن الشمالِ شكلاً دون أن يعني بالضرورة العودة لعهد ما قبل 90م, فموقعه وثروته نقمة عليه وليستا نعمة له, هذا ما يحدثنا عنه منطق التاريخيَــن الحديث والمعاصر … الجنوب القادم سيُفك ارتباطه بالشمال, ولكن ستُحل اربطته وتُمزق عراه من داخله بمبضع أطماع الاقليم وسكين الشراكة اليمنية الافتراضية, ومدّيــة الفكر المتطرف, ومشرط صراعات جنوب ما قبل 90م.
– و في مركز هذه الدائرة المطبقة سيقبع سجين اسمه القضية الجنوبية يندب حظه العاثر إلى أن يعود اصحابها من تغريبة العقل …. جنوب مفصول ومفصّل الى غرفتين: اقتصادية وبشرية: الأولى: ثرواته وموانئه وجزره ومنافذه البحرية في قبضة المحرر الافتراضي وبمعية قوى محلية نفعية تعودت أن تقتات على مثل هكذا أوضاع.
– و الثانية: مخزون ذخيرة بشرية وبندقية محشوة وجاهزة إذا ما أزمة أزمتْ لأصحاب هيمنة قوى الدول الاقليمية والقوى اليمنية المتأقلمة … مخزون على شكل أرصدة وصكوك ببنوك مدّخرات الضرورة, تستخدم في دورات الصراعات خارجيا وداخليا.
* وخزة: احترس مــمن يدعــي انــه يحبــك وهــو يـستخدمــك كـلصقـة جــروح, يحتــاجــك كلمــا نــزف جرحــه.
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا