ما الذي يُميّز “بركان2” الذي استهدف مطار الرياض عن غَيره..؟ وهل أصاب المطار فِعلاً..؟ وهل بداية لمرحلة جديدة من التصعيد تشمل الشرق الأوسط..؟
يمنات
باتت المملكة العربيّة السعوديّة صانعة الأخبار ومِحورها، بعد أن كانت مُتلقّيةً لها بتثائبٍ لافت، وكان علينا أن ننتظر ثلاثة أيام على الأقل لمَعرفة رد فِعلها على أحداثٍ هامّةٍ ومصيريّة، مثل زيارة الرئيس محمد أنور السادات إلى القدس المُحتلّة، أو توقيعه لاتفاقات كامب ديفيد.
نحن لسنا بصدد الحديث في هذا الحَيّز عن اعتقالات 11 أميرًا، بَعضهم من الوزن الثقيل مثل الأمير الوليد بن طلال، وقبله الأمير متعب بن عبد الله، رئيس الحرس الوطني السابق، بتُهم الفساد، فذلك تطوّرٌ سيَتم تناوله في مكانٍ آخر، ولكنّنا سنتحدّث عن الصّاروخ الباليستي الذي أطلقه تيّار “أنصار الله” الحوثي، ووصل إلى الرياض، وأثار حالةً من الارتباك غير مَسبوقة.
ليست المرّة الأولى التي تُطلق فيها جماعة “أنصار الله” صاروخًا باليستيًّا على السعوديّة، وعلى العاصمة الرياض بالذّات، ولكنّها المرّة الأولى، وحسب شبكة الـ”بي بي سي” المُخضرمة، التي يَصل فيها إلى هَدفه بدقّةٍ مُتناهيةٍ، أي مطار الملك خالد في الرياض.
البيان الرسمي الصادر عن وزارة الدفاع السعودية قال أن الصّاروخ جَرى اعتراضه فوق المِنطقة الشماليّة من الرياض، وسَقطت شظاياه قُرب أرض المطار، لكن حركة الطيران استمرّت كالمُعتاد.
شُهود عيان نقلت عنهم وكالة “رويترز” العالميّة للأنباء قولهم أنّهم سَمعوا أصوات انفجارات كالرّعد، وقال أحدها أن عددها تراوح بين سِتّة إلى اثني عشر انفجارًا.
برقيات واتصالات التّضامن التي انهالت على العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، من مُلوك كل من الأردن والبحرين ورؤوساء الإمارات ومصر، وأمين عام الجامعة العربية، ونَظيره أمين عام مُنظّمة التعاون الإسلامي وغيرهم، تُؤكّد أن هذا الصّاروخ، وهو من نوع “بركان2” الإيراني الصّنع يأتي مُختلفًا عن كل الصّواريخ السّابقة، من حيث قُدرته على تَهديد أمن المملكة الدّاخلي.
حتى الرئيس دونالد ترامب، دَخل إلى حلبة التّعليق، ولكنّه كان أكثر وضوحًا وكشفًا لما يُمكن أن تَحمله الأيّام والأسابيع المُقبلة من مُفاجآت، عندما قال في إحدى تغريداته وهو على متن طائرته “وجّهت إيران ضربةً على ما اعتقد إلى السعودية، وأسقط نِظامنا الصّاروخ الباليستي في الجَو”.
المملكة العربيّة السعوديّة ردّت بقوّةٍ على هذا الصّاروخ بتكثيفِ غارات طائراتها على مواقع الحوثيين في صنعاء، وأماكن أُخرى شمال اليمن، وأوقعت خسائر كبيرة مُعظمها في أوساط المَدنيين، مِثلما أفادت تقاريرٌ ميدانيّة.
إنّها حرب بالنّيابة بين إيران والسعوديّة يُمكن أن تتطوّر إلى حربٍ مُباشرةٍ في المُستقبل المَنظور بدعمٍ من الولايات المتحدة الأمريكيّة وإسرائيل.
هذا الصّاروخ الذي وَصل إلى الرياض قد يَكون من أهم الصواريخ وأكثرها أهميّة بين نُظرائه في مِنطقة الشرق الأوسط، ليس بسبب تأثيره النّفسي والعَسكري فقط، وإنّما لأنه قد يكون بداية لمرحلةٍ جديدةٍ من الصّراع في المِنطقة.
حالة الرّعب والقَلق التي أحدثها الصّاروخ في العاصمة السعوديّة غير مَسبوقة، وسارعت محطّة تلفزيون “العربيّة” الرسميّة السعوديّة لعَكسها دون أن تَقصد، عندما هَرعت كاميراتها إلى مطار الرياض لتُؤكّد أن حركة الطيران تسير بشكلٍ مُنتظم دون انقطاع، ولكنّها عندما رَكّزت عَدساتها على لوحة المُغادرة، تبيّن أن جميع الرّحلات كانت للطّيران المحلّي، ولا نَعرف ما إذا كان هذا التّركيز مَقصودًا أو من قبيل الصّدفة، الأمر الآخر أن بعض المُغرّدين شِبه الرّسميين على وسائل التواصل الاجتماعي، طالبوا المُواطنين في الرّياض عدم نَشر أي صور أو تفاصيل عن آثار الصّاروخ، لأن هذا يُحدث نوعًا من البلبلة، ويَخدم أعداء المملكة.
المملكة باتت في قَلب العاصفة، مِثلما باتت هي مَصدر العَواصف في الوَقت نفسه، سواء الحاليّة باتجاه اليمن، وربّما القادمة باتجاه قطر ولبنان، وإيران لاحقًا.
صاروخ “البركان2” الحوثي الباليستي يُؤرّخ لنهاية مَرحلة وبداية أُخرى، قد يَكون عُنوانها تغيير مِنطقة الشّرق الأوسط، وحُدودها ومُعادلات القوّة فيها.. والأيام المُقبلة حُبلى بالمُفاجآت.
افتتاحية رأي اليوم
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا