خطيئة “صالح” في الجنوب
يمنات
فتحي بن لزرق
كان “علي عبد الله صالح” ذكيا إلى حد لا يوصف ولكن و لأن “الكمال لله” كان للرجل إخفاقات كثيرة بحياته و بسبب هذا الإخفاق تسبب الرجل بكارثة كبيرة لليمن.
و تظل إخفاقات الرجل جنوبا أكثر الإخفاقات التي يمكن الوقوف أمامها و تفحصها مليا.
أتذكر “صالح” اليوم وانا أرى حجم بيع المواقف والتنقلات السياسية جنوبا و الانبطاح و نسف القضية الجنوبية من أساسها و الثمن سيارات و مصفحات و حزم قليلة من الأموال.
حينما انطلق الحراك الجنوبي في 2007 قرر صالح مواجهته بالحديد و النار و الاعتقال و المصادرة و محاولة وأد التظاهر و كان مخطئا بخياره هذا.
كان للجنوب و لا تزال قضية و ثورة حقيقية و مطالب عادلة لكن الكثير من الأسماء التي تصدرت المشهد وتحدثت باسم هذه القضية تاجرت بها أيما متاجرة.
قلتها قبل سنوات ان “قضية الجنوب” تحولت إلى فراش عاهرة و غضب البعض و مع كل يوم يزداد إيماني بما قلت..
اخطأ صالح حينما لم يفكر قط بشراء ولاء الكثير من القيادات الجنوبية و ليته “فعل” كان جنب البلد و الناس الكثير من الشقاء و العذاب و الدمار الإضافي.
قالوا لصالح: “هؤلاء شرذمة يمكن القضاء عليهم بالحديد و النار لم يفكر أيا من مستشاريه قط بأن يجرب ان يرمي “عظمة” و ليتهم فعلوا.
“عظمة” واحدة كانت ستحدث الكثير..
لم يكن “هادي” أذكى من صالح قط بشيء و لا أكثر منه احترافية في عالم السياسة إلا ان هادي تفوق على صالح في تعامله مع القيادات الجنوبية، ربما لأن هادي “جنوبي” و اخبر بإخوته.
لم يواجه “هادي” هذه القيادات بالحديد و النار و لم يقرر مواجهة التظاهرات و لم يعتقل احداَ، ذهب الرجل إلى رمي العظام في كل جانب .. الفتات من المناصب، تلاهثت القوم كالكلاب الجائعة المشردة المحرومة منذ زمن و أعلنت الولاء و قالت عن “هادي” بأنه الرمز الكبير.
رمت الكثير من القيادات شعاراتها خلف ظهرها و انطلقت تلهث خلف “هادي” و مناصبه و باعت القضية و المطالب و كل شيء..
التفت “هادي” إلى مستشاريه و هو يرى من ناصبوه العداء متشدقين بشعارات الحراك و الاستقلال الجنوبي لسنوات و هم يتمسحون بأحذيته و قال: “مش قلت لكم خبز يدي و العجين”.
راقب “الإماراتيون” عقب الحرب هادي و هو يرمي عظامه في كل جانب و قالوا لبعضهم الثمن بخس و الأرض أثمن و البلد اكبر و أغلى و العظام “ارخص” و القيادات ارخص و أرخص.
جربوا حظهم و رموا بعظام كثيرة في كل جانب لقيادات مقاومة – حراك – و خلافه الكثير. و تهاوش الجمع عاضا بعضه البعض للظفر بـ”عظمة”.
سار “الإماراتيون” على خطى “هادي” الذي اثبت للجميع ان كل شيء (جنوبا) قابل للبيع و الشراء.
قال الشرعيون أنهم يحبون الجنوب و يناضلون لأجله فيما كانوا يساوون مؤخرة القضية على قضيب “الإصلاح” و مثلهم فعل “الانتقاليون” و هم يتحسسون دخول قضيب المؤتمر أيضا في مؤخرة القضية.
أتخيل “صالح” و هو يجلس بخيمته الصغيرة بمنزله وسط صنعاء قبل أشهر من مقتله و يحادث رفيقه الوفي “عارف الزوكا” و يتابعان مع بعض أخبار ما يحدث في الجنوب.
يلتفت صالح إلى الزوكا ويقول: “خدعونا يا عارف، قالوا اقمع واقتل واعتقل ليتهم قالوا (اشتري الذمم) ليتهم أشاروا لي بذلك، ما كان حدث ما حدث.
أثبتت “الأحداث” و وقائع اليوم ان ثمن اكبر شنب “جنوبي” سيارتين صالون مصفحة و مخصص شهري لا يتجاوز الـ 100 ألف ريال سعودي على اكبر تقدير.
أتخيل قياداتنا الجنوبية من حراك و مقاومة و غيرها و هي تعرض للبيع بمزاد علني يطوف حولها سعوديون و إماراتيون و قطريون و شرعيون. و أمام كل شخص تتدلى لوحة صغيرة أسفل عنقه مكتوب عليها “سعره”.
يقول المشتري و هو يتفحص الورقة: هذا بكم..؟
يقول الوسيط: 100 ألف سعودي بالشهر و سيارة و فيلا.
يقول المشتري: غالي ما في ارخص..!!؟
يهز الوسيط رأسه و يقول: هذا حراك ومقاومة وكان شرعية مواصفاته قوية بس معنا حراك صافي بـ20 ألف سعودي بالشهر بس مش ولابد و الا تريد مقاومة صافي بـ30 ألف.
يشير “المشتري” بيده صوب شخصية أخرى ويقول: و هذا بكم..؟
يقول الوسيط: هذا مقاومة و الآن باسط أراضي ومعه مجموعة مسلحة يشتغل بالقطعة بس لو تريده قطاعي ممكن نأخذه سعره 40 ألف ريال سعودي بالشهر.
و في جنوب مابعد “الحرب” طحن الجوع كل الأطراف و كل الأطراف الجائعة الباحثة عن “عظمة” تتحدث عن أشياء كثيرة، عن الوطن و الوطنية و الجنوب و القضية و النزاهة و لا شيء من هذا يحدث على الأرض.
و في جنوب ما قبل الحرب و بعده لا يزال البسطاء الحالمين بالجنوب، الانقياء، الصادقين، هم الضحية و لا شيء سواهم.
و تتواصل الأحداث لكن خطيئة صالح تظل هي الأكبر، ليته اشتراهم مجتمعين و اختصر مسافة الوجع هذه..
المصدر: حائط الكاتب على الفيسبوك
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا