“مُسيَّرات” صنعاء تكسر التفوق العسكري .. السماء ليست حكراً على «التحالف»
يمنات
رشيد الحداد
أنهت طائرات صنعاء المسيرة تفرد طائرات «التحالف» في سماء اليمن. تطور عسكري انعكس سريعاً في معادلة القوة، بين حركة «أنصار الله» والحكومة الموالية لها، و«التحالف» الذي تقوده السعودية، والحكومة الموالية لها. أهداف عدّة هذا الأسبوع، من «أرامكو الرياض» إلى القصر الجمهوري في مأرب، أوصلت رسالة جوية إلى غرف القرار السعودية والإماراتية، بأن «توازن الرعب» قابل للكسر بقدرات الطائرات المسيرة، قليلة الكلفة.
أثبتت العمليات العسكرية التي تنفذها قوات حكومة «الإنقاذ» بواسطة طائرات مسيرة فاعليتها في الآونة الأخيرة، وأصبح استخدامها في ضرب أهداف عسكرية يوازي استخدام الصواريخ الباليستية بأنواعها المختلفة، وهو ما يكشف تطور الصناعات العسكرية التابعة لحركة «أنصار الله» التي تتجه للاكتفاء الذاتي من الصناعات العسكرية، في ظل فرض مجلس الأمن الدولي حظراً على استيراد الأسلحة من قبل صنعاء وفق القرار 2216.
أكثر من عملية عسكرية نفذت من قبل القوات الجوية التابعة لصنعاء خلال الأشهر القليلة الماضية بواسطة سلاح الجو المسير «الطائرات بدون طيار»، إلا أن تلك العمليات نفذت في مناطق يمنية ومن مناطق قريبة لا تتجاوز الـ200 كيلومتر، كالعمليات التي استهدفت منظومة «باتريوت باك 3» التابعة لـ«التحالف»، في مدينة المخا الساحلية غرب محافظة تعز في التاسع من فبراير الماضي، وكذلك العمليات التي استهدفت منظومة «باتريوت باك 3» ومبنى القيادة الإماراتية في مدينة مأرب في الـ 23 من فبراير الماضي، والتي نفذت بالشراكة مع القوة الصاروخية.
وعلى الرغم من أن العمليات العسكرية التي نفذت بواسطة سلاح الجو «المسير» لم يتجاوز عملية إلى عمليتين خلال الربع الأول من العام الجاري، إلا أن تلك العمليات أخذت بالتصاعد خلال الثلاثة الأشهر الماضية، مايو ــ يونيو ـ يوليو الجاري، وأخذت مديات أطول.
عام الطائرات «المسيرة»
مصدر في «أنصار الله» أكد لـ«العربي» أن «تصاعد العمليات العسكرية لم يكن عشوائيا أو مرتجلاً، بل عمليات منظمة وتنفيذاً لوعد السيد عبدالملك الحوثي قائد الثورة (21) سبتمبر، والذي وعد في خطابه الذي ألقاه في الذكرى الثالثة للعدوان على الشعب اليمني، أن تشهد القدرات الصاروخية للجيش واللجان وكذلك الطيران المسير تطوراً نوعي كبير».
وأكد أن «العام الرابع للعدوان على الشعب اليمني سيكون عام المفاجئات»، مدشناً العام الجديد بقوله: «قادمون في العام الرابع بمنظوماتنا الصاروخية المتطورة والمتنوعة التي تخترق كل وسائل الحماية، قادمون بطائراتنا المُسيَّرة ذات المدى البعيد والفاعلية الجيدة والقدرة العسكرية الممتازة».
ولفت المصدر الإنتباه إلى أن زعيم «أنصار الله» تحدث عن امتلاك اليمن لطائرات مسيّرة يتم العمل على تطويرها لتصل الى مئات الكيلو مترات، معتبراً تصاعد عمليات سلاح الجو المسير، تنفيذاً عملياً لوعد زعيم «أنصار الله»، والذي «ما إن يعد بشيء حتى يأخذ وعده طريقه العملي الى التنفيذ».
معادلة ردع جديدة
قبل تنفيذ العملية الهجومية التي طالت شركة «أرامكو» السعودية في الرياض أمس الأول بأسبوعين، أصدرت القوات الجوية اليمنية بياناً، أكدت فيه انتقالها من وضع الدفاع إلى وضع الهجوم عسكرياً، وتوعدت بمفاجئات قادمة، إلا أنها لم تكشف في بيانها عن أي طراز جديد من الطائرات المسيرة. كما اكتفت منتصف الأسبوع الجاري وعقب تنفيذ سلاح الجو التابع لحكومة صنعاء، عملية استهداف «أرامكو» في الرياض بالإعلان عن طراز جديد من الطائرات «المسيرة» بعيدة المدى، والتي حملت «صماد 2» من دون ذكر تفاصيل أخرى.
ذلك الإعلان أثار عدة تساؤلات عن الطراز الأول من الطائرات المسيرة بعيدة المدى وهو «صماد1»، وعن سبب عدم الكشف عنها، وهو ما فتح باب الاحتمالات والتوقعات بشأن الطراز الأول من منظومة طائرات «صماد»، فهناك من أكد أن طائرة «صماد 1» دشنت في الخامس من يوليو الجاري باستهداف مقر «التحالف» العربي في عدن، وفريق آخر توقع أن يكون هذا النوع من الطائرات يحمل مفاجأة قد تتجاوز الرياض إلى أبو ظبي.
«العربي» حاول معرفة ما إذا كانت «صماد 1» قد دشنت، إلا أن مصدراً عسكرياً أكد أن الكثير من التفاصيل ستعلن في وقت لاحق، مشيراً إلى أن هناك عدة مفاجئات ستكشفها القوات الجوية بصنعاء عما قريب حول المديات والطرازات والتطور الكبير الذي تحقق في مجال تطوير الطائرات «المسيرة»، أكانت الاستطلاعية أو الهجومية وعن قدراتها التدميرية. ولفت المصدر الإنتباه إلى أن «طائرة صماد 2 بعيدة المدى كشفت عن نجاحها في تحييد المنظومة الأميركية المتطورة (باتريوت)، وهو ما يجعل السعودية والإمارات تفقدان جزءاً من ترسانتهما»، مؤكداً أن «سلاح الطائرات المسيّرة يرسم معادلة ردع استراتيجية في الصراع».
تدشين «صماد2»
وحول العمليات العسكرية التي تنفذها الطائرات المسيرة مؤخراً في جبهات الداخل، وعملية استهداف «أرامكو» السعودية من على بعد قرابة 1000 كيلو متر، أكد العميد عبد الله الجفري المتحدث الرسمي للقوات الجوية في صنعاء لـ«العربي»، أن «تلك العمليات التي ينفذها الطيران المسير تتم وفق عملية رصد دقيقة وعبر أجهزة بسيطة لا يتجاوز سعرها الألف دولار، وأكد أن الطائرات المسيرة تصيب أهدافها بدقة عالية كون تلك العمليات تنفذ بعد جمع المعلومات الاستخبارية عن المواقع المستهدفة».
وحول التحذيرات التي كررتها صنعاء، أكد العميد الجفري، أن «الأيام القادمة ستثبت أن التحذيرات الصادرة من القوات الجوية اليمنية إلى الشركات الأجنبية العاملة في الموانئ والمطارات وفي القطاعات النفطية في السعودية والإمارات، ستنفذ على أرض الواقع، ولذلك حرصاً منا على عدم تضرر تلك الشركات والعاملين فيها أصدرنا هذا التحذير».
وأشار إلى أن «استهداف مصفاة شركة ارامكو شرق الرياض، تجربة أولية وتدشين لمنظومة الطيران المسير بعيد المدى (صماد 2)»، متوعداً أن «تكون العمليات القادمة مؤلمة ومفاجئة».
خبرات يمنية
برغم اعتراف «التحالف» بالطائرات «المسيرة» أكثر من مرة، إلا أنه لم يوجه الاتهام لإيران بتهريب ذلك النوع من الطائرات، التي نفذت خلال الفترة الممتدة بين إبريل ويوليو الجاري أكثر من 23 عملية في جبهات الداخل، منها أكثر من 10 عمليات استهدفت تعزيزات عسكرية ومنظومة الاتصالات التابعة لـ«التحالف» في الساحل الغربي وفقاً لمصدر عسكري، وطالت عملياتها معسكر اللبنات في الجوف والقصر الجمهوري في مأرب، يوم أمس، وكذلك استهداف مطاري أبها وعسير السعوديين.
عدم اتهام «التحالف» لإيران نابع من عدم امتلاكها أي ذريعة يرفعها أمام المجتمع الدولي، فتلك الطائرات المسيرة التي يقال إن صنعاء باتت تمتلك خط إنتاج منها، هي محلية الصنع وبخبرات يمنية، وهو ما أكده مدير دائرة التوجيه المعنوي بوزارة الدفاع بصنعاء العميد يحيى سريع لـ«العربي»، والذي ألمح إلى أن «تلك الخبرات الوطنية كانت موجودة ولم تمنحها الأنظمة السابقة الدعم والتشجيع، بل أقصتها وهمشتها واهملتها، فتم توظيف تلك الخبرات والابتكارات التوظيف الأمثل، فكانت النتائج مثل هذه الابداعات وغيرها وما سيتم الإعلان عنه مستقبلا».
طائرات «صماد»
كان لرئيس «المجلس السياسي» السابق الشهيد صالح الصماد، الفضل في الإهتمام بهذا النوع من السلاح الجوي، فالصماد أول من افتتح معرض الطائرات «المسيرة» في العاصمة صنعاء في 26 من فبراير عام 2017م، وكشف الستار عن أربع نماذج أولية من الطائرات اليمنية المسيرة، والتي تؤدي الأغراض القتالية والاستطلاعية، وأعمال المسح والتقييم. ومن تلك النماذج «راصد 1» و«قاصف1»، والتي تحمل رأساً متفجراً يزن 30 كيلو من المتفجرات شديدة الإنفجار.
الحديث عن امتلاك «أنصار الله» طائرات «مسيرة» قوبل في ذلك الحين بـ«السخرية والتنذر» من قبل الموالين لـ«التحالف»، إلا أن الأيام أثبتت أن تلك الطائرات «المسيرة» التي تعمل البعض منها بمادة البنزين ليست مزحة. يشار إلى أن معظم هذه الطائرات تنفجر أثناء تنفيذ العملية، ولا صحة للأخبار التي تتردد عن إسقاطها بين الفينة والأخرى.
المصدر: العربي
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.