أهوال السفر إلى الهند بحثاً عن العلاج
يمنات
الشيخ أحمد قائد البرطي
ما أسوأ الرحلة إلى الهند بحثًا عن العلاج، عبر محطات شاقة ومعيبة في حق النظام في اليمن.
ومنذ عقود، لا تزال اليمن تفتقر للأسف إلى مستشفيات نموذجية، مما يضطر اليمنيين السفر إلى الخارج، خاصة إلى جمهورية الهند الاتحادية. إذ يفترض أن يغادر المسافر عبر مطاري عدن، وصنعاء مباشرة إلى الهند، مثل بقية المسافرين في الدول العربية الأخرى.
فلماذا كُتب على اليمني العذاب، حتى وهو يبحث عن العلاج في مستشفيات العالم؟
ولكم أن تتصوروا رحلة السفر من اليمن إلى الهند، وما فيها من أهوال التنقل عبر أكثر من دولة وصولاً إلى الهند!
يشترط عليك، إذا ما كنت تريد السفر إلى الهند، أن يكون لديك رصيد مالي لستة أشهر في بنك الكريمي.
ولم ينتهِ الوضع عند هذا الحد، بل إذا توفّر هذا الشرط، فيجب عليك أن تسافر بعد ذلك إلى جيبوتي، وهناك تظل لأيام تنتظر موافقة السلطات الهندية واليمنية للسماح لك بالسفر، ولكن إلى الأردن. وإذا ما كُتب لك الوصول إلى الأردن، فلا شك أنك ستظل تعاني الأمرين هناك: غلاء المعيشة، وربما إذا لم يساعدك الحظ في السفر إلى الهند، ستجد نفسك وقد نفدت كل ما تمتلكه من أموال السفر، وربما ستلجأ، إذا سمح الله، إلى الشحاذة.
رحلة السفر من اليمن إلى الهند، عبر جيبوتي والأردن، رحلة شاقة بالفعل، تحمل في طياتها معاناة لا توصف. فيها ما يشبه اختبارًا قاسيًا، يحمل أعباء الصبر على الأعصاب المرهقة، والقلوب المثقلة بالأمل والقلق في آن.
وفي بلد كاليمن التي ما تزال تحت وطأة الأزمات والحروب، مغمورة بألم المرض الذي لا يُحتمل، فكل خطوة تخطوها محفوفة بالمخاطر، والظلام الذي يحيط بالأفق.
عبر البحر الأحمر إلى جيبوتي، حيث كل شيء هناك ضبابي، تشعر وكأنك في مكانٍ بعيدٍ جدًا عن الوطن، وكأنك تمضي في طريقٍ غير مرئي، محاطًا بالهم والشكوك ومرارة التنقل. كل لحظة تزداد تعقيدًا، والمخاوف تتسارع، والعقبات تتوالى.
حتى حين تصل إلى الهند، فإن الوصول نفسه يحمل في طياته فرحةً ممزوجة بالمرارة، لأننا نعلم أن العلاج قد يبدأ، لكنه لا ينهي رحلة المعاناة التي بدأت منذ غادرت منزلك.
إن رحلة السفر المتعرجة لم تكن مجرد انتقال من مكان إلى آخر، بل كانت مسارًا للتحدي، والتصميم على النجاة، والكفاح من أجل الحياة في وجه مستمر من العواصف.
رحلة تحمل في طياتها قصصًا من الألم، ولكنها لا تنتهي أبدًا دون أن تترك أملًا في قلب المسافر.
إن موضوع تسهيل السفر من اليمن إلى الهند للعلاج يعدّ من القضايا الحساسة التي تعكس الفساد الإداري والسياسي في الدولة. حيث إن حق الإنسان في الحصول على العلاج هو حق أساسي لا يجب التهاون فيه، لكن الواقع للأسف يعكس صورة قاتمة عن تقاعس الجهات المعنية.
عندما نجد أن المرضى اليمنيين يتعرضون لعقبات بيروقراطية معقدة تعيق سفرهم إلى الخارج لتلقي العلاج، يصبح من الواضح أن هناك خللاً كبيرًا في النظام. فبدلاً من توفير التسهيلات اللازمة، نجد أن الفساد يغطي الكثير من جوانب تلك الإجراءات، مما يؤدي إلى زيادة معاناة المرضى الذين يكافحون بين الأوجاع والروتين المعقد.
لا يمكن اعتبار هذا الأمر مجرد إهمال؛ بل هو مؤشر على فساد عميق يستوجب الوقوف ضده بقوة. فالاستجابة السريعة لمطالب الناس، خاصةً في مجال الصحة، تعكس مدى اهتمام الدولة بمواطنيها.
لكن ما يحدث في اليمن هو العكس تمامًا. إذ لا تُبذل الجهود الكافية لتسهيل إجراءات السفر، فيما يظل المرضى عالقين دون أمل بمعالجة حالتهم.
ومن المثير للاستياء أن الفساد المالي والإداري يتجلى بشكل واضح في هذه القضية، إذ تُستخدم الموارد العامة بشكل غير صحيح وتُهدر الميزانيات في صفقات مشبوهة، بينما يُحرم المواطن من حقه في العلاج.
لذا، فإن المطالبة بإصلاح شامل وشجاع أمر ضروري، إذ يجب على الحكومات أن تتحمل مسؤولياتها وأن تضمن حصول المواطنين على حقوقهم الأساسية دون عوائق أو فساد.
في النهاية، إن معالجة الفساد يجب أن تكون أولوية وطنية، حيث إن صحة المواطن هي انعكاس لصحة الدولة نفسها. وعلينا جميعًا أن نرفض هذا الواقع المرير ونطالب بتغييرات حقيقية تضمن لنا وللأجيال القادمة نظامًا صحيًا عادلًا وشفافًا.
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليغرام انقر هنا