العرض في الرئيسةفضاء حر

أحمد سيف حاشد الرجل الذي قدم الكثير ولم يلقَ إلا التجاهل في أحلك الظروف

يمنات

محمد المخلافي

عاش أحمد سيف حاشد طفولة مليئة بالتحديات والمعاناة. كان يساعد والدته في كل ما لا تستطيع القيام به؛ إذ كان يكنس المنزل، ويرعى الأغنام، ويكدح في حصاد الأرض.

ومع كثرة العمل والدخان الذي تعرض له، أصيب بالربو وكاد أن يفقد حياته مرتين. كان يقطع كل يوم مسافة تزيد عن عشرة كيلومترات للوصول إلى المدرسة، ويعود بنفس المسافة، وكأن كل خطوة كانت اختبارًا لإرادته وصبره.

كانت تجربته في الدراسة في القسم الداخلي قاسية، حيث عاش معاناة الجوع والعوز وسوء التغذية، مما زاد من صعوبة حياته. لم يكن والده رحيمًا، بل كان يضربه كثيرًا، مما أضاف عبئًا إضافيًا على كاهله.

كانت أيامه مليئة بالعمل الشاق، بدءًا من الفجر وحتى المساء، وأحيانًا حتى ساعات متأخرة من الليل. ومع ذلك، لم يستسلم لهذه الظروف، بل تمرد على سلطته المفرطة، مقاومًا الظلم الذي كان يشعر به.

على الرغم من كل هذه الصعوبات، واصل كفاحه حتى أنهى دراسته الثانوية، ثم التحق بجامعة عدن حيث حصل على ليسانس الحقوق في عام 1989.

قبل ذلك، درس دبلومًا في العلوم العسكرية في الكلية العسكرية في عدن بين عامي 1981 و1983، مما أضاف إلى رصيده الأكاديمي قدرات متنوعة. بعد ذلك، أكمل تعليمه في المعهد العالي للقضاء، وحصل على دبلوم دراسات عليا في السياسة الدولية من كلية التجارة بجامعة صنعاء بين عامي 1991 و1992، مما يعكس فهمه العميق لأهمية المعرفة المتعددة في بناء شخصية متكاملة قادرة على تحقيق التغيير الإيجابي في مجتمعه.

تدرج أحمد سيف حاشد في مسيرته المهنية ليشغل منصب رئيس محكمة ابتدائية من 23 يوليو 1997 حتى فبراير 2003.

ومنذ عام 2003، أصبح عضوًا في مجلس النواب وشارك في لجنة الحريات العامة وحقوق الإنسان، مما يعكس التزامه العميق بقضايا حقوق الإنسان. كما أسس وامتلك صحيفة “المستقلة” ودار “المستقلة” للطباعة والنشر، بالإضافة إلى كونه ناشر موقع “يمنات” الإخباري وصحيفة “يمنات”.

وتعكس هذه الأنشطة التزامه بتعزيز حرية التعبير والمساهمة في المشهد الإعلامي في البلاد.

بعد فوزه بمقعد في البرلمان عام 2003، أصبح أحمد سيف حاشد صوتًا مسموعًا يعبر عن آمال وتطلعات الشعب اليمني، متجاوزًا حدود دائرته الانتخابية. لم يكن نضاله مجرد كلمات تُقال، بل كان رحلة طويلة من التضحيات الجسيمة.

في خضم الحروب والصراعات، أظهر شجاعة استثنائية عندما اعترض على الحرب العشوائية التي شنتها السلطة ضد الحوثيين، داعيًا إلى السلام والعدالة. كما لم يتردد في الوقوف بجانب مظلومية الجنوبيين، ساعيًا إلى نصرة قضاياهم بكل ما أوتي من قوة.

إن شجاعته في مواجهة السلطة تعكس التزامه بمبادئه، مما يجعله رمزًا للأمل والتغيير في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن. أحمد ليس مجرد سياسي، بل هو ناشط يسعى إلى تحقيق التغيير الإيجابي، مما يبرز دوره الفاعل في الساحة اليمنية.

على مدار اثنين وعشرين عامًا، كان أحمد سيف حاشد قدوة ومثالًا يُحتذى به في الدفاع عن حقوق الشعب وحرياته. كان رجلًا غيورًا على مصلحة الوطن، ولم يكن نائبًا تقليديًا أو سياسيًا عاديًا، بل كان شعلة تمرد على الظلم والزيف، وسندًا للمظلومين. وقف في مجلس النواب اليمني كقلب نابض بالحقيقة، لا يخشى قولها، ومضى في درب محفوف بالأشواك، متمسكًا بمبادئه مهما كلفه الأمر.

بعد هذه الرحلة الطويلة، خرج من العمل والنضال بلا أرصدة أو ممتلكات، وتعيش عائلته اليوم في شقة إيجار. ومع ذلك، يحتفظ أحمد بكرامته، لأنه آثر أن يظل وفيًا لقيمه ومبادئه.

لكن قلبه المليء بالحب والنضال من أجل الحرية والحياة الكريمة لم يتحمل كل هذا الظلم المحيط بالوطن، مما أدى إلى إصابته بجلطة قلبية.

خضع لعملية جراحية، ثم نُقل إلى القاهرة حيث تفاقم مرضه بشكل حرج. لا ينام إلا وهو يستخدم جهاز التنفس، ويستطيع النوم ساعة واحدة في اليوم، وهو بحاجة الآن إلى عملية جراحية مكلفة في الخارج.

ما يثير العجب هو تجاهل الحكومة لحالة هذا المناضل، حتى وصل الأمر إلى تنظيم حملة تبرع من أجل إنقاذ حياته من قبل رفيق دربه القاضي الشهم عبد الوهاب قطران.

ومع ذلك، رفض أحمد فكرة تنظيم حملة التبرع، متشبثًا بمبادئه، مما يعكس عمق التزامه بالقضية التي ناضل من أجلها.

في هذه اللحظة الحاسمة، أناشد جميع الأطراف ورجال الأعمال التكاتف والإسراع في تقديم الدعم المالي اللازم لإجراء العملية الجراحية العاجلة لأحمد سيف حاشد في الخارج.

هذا المناضل البارز قدم تضحيات جسيمة من أجل الصالح العام، واليوم يحتاج إلى مساعدتنا لإعادة صحته وقدرته على مواصلة نضاله من أجل الحرية والحياة الكريمة.

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليغرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى