تحدث في حوار مع “يمنات” عن ألم الأسر وصمت المجتمع الدولي .. الكاتب والناشط السياسي فوزي العريقي: واقع الاختفاء القسري في اليمن مرير لا يُحتمل (2-2)

يمنات – خاص
حوار: محمد الصُّهباني
» الإخفاء القسري مرتفع في تعز وإب في شمال اليمن. أما في الجنوب، فقد كانت عدن ولحج وأبين من أكثر المحافظات.
» هناك تسريبات كثيرة عن وجود مختفين قسريًا في دار العجزة بالحديدة، تبين لاحقًا عدم صحة تلك التسريبات.
» التحركات السياسية والعسكرية، خصوصًا في المناطق الحدودية بين الشطرين، كانت تشهد تدفقًا للمعلومات والأشخاص بين الشطرين، مما جعل الأمن في تلك المناطق ذا حساسية عالية.
في الحلقة الثانية والأخيرة من هذا الحوار، يغوص الأستاذ والمناضل اليساري المعروف، والكاتب والناشط السياسي فوزي العريقي، سكرتير دائرة الحقوق والحريات في منظمة الحزب الاشتراكي اليمني بمحافظة تعز، في قضية شديدة الحساسية والأهمية تتعلق بالاختفاء القسري في اليمن، وهي قضية تمس العديد من الأسر اليمنية وتؤثر بشكل عميق على النسيج الاجتماعي والنفسي للمجتمع.
يُعد هذا الملف من أكثر الملفات إلحاحًا في مجال حقوق الإنسان في اليمن، حيث تناول تأثير هذه الظاهرة على النساء بشكل خاص، مع تسليط الضوء على الأرقام المقلقة التي توثق اختطاف وإخفاء قسري لنساء يمنيات منذ اندلاع الحرب.
وفقًا للإحصائيات التي أصدرتها المنظمات الحقوقية، فقد تعرضت حوالي 1700 امرأة للاختفاء القسري، من بينهن ناشطات حقوقيات وصحفيات وإعلاميات، وهو ما يثير تساؤلات حول الأبعاد الإنسانية والقانونية لهذه الانتهاكات.
وأشار العريقي إلى التحديات التي تواجه هذه الأسر في البحث عن أحبائهم المختفين، وما إذا كانت هناك أي إجراءات عملية تقدمها الدولة لدعم هذه الأسر، مستعرضًا دور منظمات المجتمع المدني في مواجهة هذه الأزمة، وجهودها في توثيق الحالات وتقديم المساعدة القانونية والمالية للأسر المتضررة.
ورغم الجهود المبذولة، تبقى أسئلة العدالة معلقة، خاصة في ظل غياب آليات وطنية مستقلة للتحقيق والمحاسبة، وهو ما يضع المجتمع الدولي في موضع المسؤولية لممارسة الضغط على الأطراف المختلفة لتحقيق العدالة للضحايا.
سلط العريقي الضوء على الآثار النفسية والاجتماعية الكبيرة التي يتركها الاختفاء القسري على العائلات، وخاصة النساء والأطفال الذين يفقدون معيلهم وتتعرض حياتهم الاجتماعية للاهتزاز، في ظل هذه الظاهرة التي لا تقتصر على الأبعاد الفردية فقط، بل تؤثر أيضًا على المجتمع ككل، حيث تصبح أسر المختفين قسريًا عرضة للتهميش والعزلة، ويواجه أفرادها تحديات نفسية واجتماعية قد تكون مدمرة.
وتطرق العريقي في خاتمة الحوار إلى الجهود الدولية الممكنة لمعالجة هذه القضية، خاصة في ظل غياب التوقيع على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية الأشخاص من الاختفاء القسري، مثل “العفو الدولية”، التي تسعى لتسليط الضوء على هذه الانتهاكات، رغم محدودية التأثير الفعلي على الأرض.
فإلى مجريات الحلقة الثانية:
بخصوص سياق الاختفاء القسري، نسائيًا، هل تعتقد أن ملف الاختفاء القسري في اليمن يخلو من أي عنصر نسائي؟
لا، للأسف هذا هو الواقع الذي لا يمكن أن نتجاهله.
وقد كانت الحكومة اليمنية قد دعت في مايو الماضي، المجتمع الدولي، إلى الضغط على الجماعة الانقلابية لإطلاق سراح نحو 1700 امرأة تم اختطافهن وإخفاؤها.
ووفقًا لإحصائيات وثقتها منظمات حقوقية متخصصة، فإن عدد النساء المختطفات في معتقلات ميليشيا الحوثي منذ الانقلاب بلغ نحو 1700 امرأة، بينهن حقوقيات وإعلاميات وصحفيات وناشطات.
وبحسب التقرير نفسه، فقد تم توثيق اختطاف 504 نساء إلى السجن المركزي في صنعاء، و204 فتيات قاصرات، و283 حالة إخفاء قسري إلى سجون سرية، و193 حكماً غير قانوني بتهم التجسس والخيانة وتكوين شبكات دعارة والحرب الناعمة.
كيف يمكن للعائلات اليمنية الحصول على المساعدة في البحث عن ذويهم المختفين..؟
بالتأكيد، أنت تقصد المساعدة بشكل عام، والقانونية تحديدًا، لأسر المختفين قسرًا.
أسر المختفين قسرًا بحاجة إلى الاستقرار والأمان، ولذلك تقع على عاتق الأحزاب التي ينتمي إليها الشخص الذي تعرض للاعتقال والاختفاء مسؤولية تقديم المساعدة الدائمة للأسرة، لتجنب شعورها بالذل والتسول. كان حزب الوحدة الشعبية يوفر هذه المساعدة لأسر المختفين قسرًا، رغم أنه قد تكون هناك أسر لم تصلها هذه المساعدات أو الإعانات.
كما أن من مسؤولية النظام السياسي استمرار صرف مرتب المعتقلين المختفين قسرًا، مع صرف العلاوات أو أي زيادات تطرأ على الراتب. وكان هذا يتم في ظل الأنظمة السابقة للموظفين، باستثناءات قليلة، مثل المنتسبين إلى مؤسسات الجيش والأمن، والبنك المركزي اليمني.
منظمات المجتمع المدني حاليًا تقوم بدور متواضع في تقديم الدعم القانوني والمادي لبعض أسر المختفين قسرًا، حسب ما تنشره هذه المنظمات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
الاستقرار المادي والنفسي لعائلات المختفين قسرًا هو ما سيمكن هذه العائلات من التفكير السليم في البحث والتقصي عن معيلهم المختفي قسرًا، من خلال متابعة الجهات المرتبطة بالمختطفين والذين قاموا بإخفاء معيلهم، وكذلك التواصل مع منظمات المجتمع المدني، ومن خلالها إلى منظمات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان.
أشرت إلى “الدعم المالي”، هل هناك أي تفهم لدى السلطات المتعاقبة منذ خمسة أو ستة عقود على الأقل بخصوص الأوضاع المعيشية، من خلال حصول ذوي المخفيين قسرياً على أي دعم منتظم أو مرتبات، أو ما شابه ذلك؟
لا أعتقد، فالأنظمة التي أخفت الكثير من الناشطين والسياسيين والمعارضين لها، لا يمكنها أن تخصص لأسرهم مبالغ أو مرتبات شهرية، أو حتى إعانات، وهذا يفترض إنسانياً.
ما دور المجتمع المدني في اليمن في تسليط الضوء على قضايا الاختفاء القسري؟
تلعب منظمات المجتمع المدني دورًا هامًا في الكشف عن حالات الاختفاء القسري في اليمن في الوقت الحالي، حيث تقدم المساعدات المادية المتواضعة، وتوفر المساعدة القانونية اللازمة، وتسعى لدى الجهات المختصة للبحث عن المختفين قسريًا، كما تعمل على إبراز مظلوميتهم لدى الرأي العام المحلي والعربي والدولي، وبالأخص منظمات حقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية.
ما الدور الذي يمكن أن تلعبه الجهود الدولية لمعالجة قضايا الاختفاء القسري في اليمن؟ صدرت الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري بهدف منع الاختفاء القسري والجرائم ضد الإنسانية في عام 2006م، ولم تقم بلادنا بالتوقيع أو التصديق على الاتفاقية. كما تم تشكيل اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري في عام 2010م، والتي تتألف من عدد من الخبراء المستقلين، وتعمل على تنفيذ بنود الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري من جانب الدول الأطراف في تلك الاتفاقية.
لكن بلادنا لا تستفيد من الاتفاقية الدولية ولا من نشاط اللجنة المعنية بالمخفيين قسراً. لذلك، فإن الملجأ الوحيد لبلادنا ولمنظمات المجتمع المدني والأفراد هو منظمة العفو الدولية، التي ترصد حالات خرق الاتفاقية الدولية لحقوق الإنسان وحالات الاعتقال والاختفاء القسري، من خلال ما تتلقاه من بلاغات من المنظمات والأحزاب والأفراد، وتصدر تقريراً سنوياً بذلك.
كما تقوم منظمة العفو الدولية بحملة نشطة من أجل الحالات التي يتعرض فيها الأشخاص للاختفاء القسري، وتواصل ممارسة الضغط على الحكومات لتحديد مصيرهم ومساعدة أسرهم. كما تدعو منظمة العفو الدولية الحكومات إلى:
إجراء التحقيقات، وفي حالة وجود أدلة كافية، مقاضاة المشتبه في مسؤوليتهم الجنائية في محاكمات عادلة أمام المحاكم المدنية العادية.
العمل على جعل الاختفاء القسري، سواء تم على أيدي عملاء الدولة أو الجهات الفاعلة المسلحة غير الحكومية، جريمة بمقتضى القانون الوطني، والمعاقبة عليها بعقوبات مناسبة تأخذ في الاعتبار مدى جسامتها.
تنفيذ الاتفاقية الدولية وقبول الولاية القضائية للجنة المعنية بالاختفاء القسري، والنظر في المراسلات من أو بالنيابة عن الضحايا والدول الأخرى.
ضمان حصول الناجين والأشخاص الذين فقدوا أحبائهم على الحق في جبر الضرر، ويشمل ذلك: التعويض، وإعادة التأهيل، ورد الاعتبار، وضمان ألا تقع حوادث الاختفاء مرة أخرى.
إلغاء أي قانون عفو أو أي إجراءات أخرى للإفلات من العقاب، مثل قانون التقادم.
لكن كل ذلك يظل في الإطار النظري، ويظل مجرد جهود لم تفضِ إلى تقليل حالات الاعتقال والاختفاء القسري أو التقليل من آثارها على أسرهم.
كيف يؤثر الاختفاء القسري على النسيج الاجتماعي اليمني وعلى نفسية العائلات؟
الاختفاء القسري للناشط يعني غياب العائل الرئيسي للأسرة، وفي اليمن عادة ما يكون العائل الوحيد، أو أحد العائلين لأبويه أيضاً. وغيابه يمثل كارثة اقتصادية تلحق بأسرتِه الصغيرة وأبويه.
يفقد أولاده حنان والدهم ورعايته، ويقابل ذلك عزوف من أقرب الناس عن زيارة أسرة المختفي قسرياً ومساعدتهم في تجاوز أزمة غياب معيلهم. وذلك في ظل نشاط محموم من الأجهزة الأمنية في نشر الشائعات عن المختفي، فهو في نظرهم مخرب، شيوعي، ويتلقف العامة ذلك ويروّجون لمثل هذه الشائعات، فيتعرض الأولاد والأم للتنمر من قبل المجتمع والعزل، وكذلك الحال في المدارس التي يدرسون فيها، وكذلك نشطاء التنظيمات الدينية. وبذلك يتحول المجتمع إلى بيئة معادية للأسرة بسبب الاختفاء القسري لعائلهم.
ما هو مصير الأطفال والنساء الذين تأثروا بالاختفاء القسري لأقاربهم في اليمن؟
على ما أعتقد أنني أجبتُ سابقاً على سؤال مشابه لهذا السؤال في سياق هذا الحوار.
أي سؤال سابق بالذات؟
السؤال التالي: كيف يؤثر الاختفاء القسري على النسيج الاجتماعي اليمني وعلى نفسية العائلات؟
حسناً، استمر أستاذ، نحن على وشك الانتهاء من هذا الحوار..
هل هناك قصص موثقة لاستعادة مختفين قسرياً في اليمن؟ وكيف تعامل المجتمع مع هذه الحالات
هل هناك قصص موثقة لاستعادة مختفين قسرياً في اليمن؟ وهل ترى أن هناك أملاً في تحقيق العدالة للضحايا؟
مع انطلاقة ثورة 11 فبراير 2011م، ارتفعت وتيرة الاغتيالات والاعتقالات الاختفاءات القسرية.
وبالمقابل، بدأت في السنوات التالية تسريبات عن وجود مختفين قسرياً، كما هو الحال في دار العجزة في الحديدة، ونُشرت صور قيل إنها تعود لمختفين قسرياً.
تم التواصل مع أسرة المختفي قسراً الرفيق مطهر عبدالرحمن الإرياني، وكانت زوجته قد توفيت، ولم يكن أحد من الأسرة قد شاهد الرفيق مطهر قبل اختفائه. كما أن من تم تقديمه للأسرة كان يحمل اسماً مغايراً، فقبلت به بناته على أنه والدهن، وبقي في منزل الأسرة لعدة أشهر.
تم إرسال فحص الحمض النووي (DNA) من قبل وزارة الداخلية، وآخر من قبل أسرة المختفي، لكن النتيجة كانت سلبية. الشخص الذي تم تسليمه لأسرة مطهر كان يردد اسمه الحقيقي، فعملت الأستاذة ندى، ابنة المختفي الكبرى، على نشر اسمه وصورته على حسابها في “فيسبوك”، فتواصل معها أقرباؤه من محافظة إب، وتوجهوا إلى الحديدة لاستلام قريبهم، الذي تبين أنه كان من المختفين قسرياً منذ عقود بسبب انتمائه للجبهة الوطنية الديمقراطية.
أحد ضباط الأمن تواصل مع أسرة أحد المختفين قسرياً، وأعلمهم أن معيلهم في دار للعجزة في الحديدة. تم اغتيال هذا الضابط بعد أيام من الاتصال، ولما توجه أقرباء المختفي إلى دار العجزة، تبين أنه تم نقل المختفي إلى جهة غير معلومة.
هناك تسريبات كثيرة عن وجود مختفين قسرياً في دار العجزة بالحديدة، تبين لاحقاً عدم صحة تلك التسريبات، وكذلك نُشرت صور لمختفين قسرياً مع أخبار عن تسليمهم وعودتهم إلى أسرهم، إلا أنه تبين لاحقاً عدم صحتها.
كيف يمكن تقديم الدعم النفسي والاجتماعي لأسر الضحايا في ظل غياب بنية تحتية قوية؟
من الممكن تقديم الدعم النفسي والاجتماعي لأسر الضحايا من خلال تطوير برامج مجتمعية شاملة، حتى وإن كانت البنية التحتية ضعيفة.
يمكن التعاون مع المنظمات غير الحكومية والمؤسسات المحلية لتقديم خدمات الإرشاد النفسي والدعم الاجتماعي. يمكن تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية للتوعية حول التعامل مع الصدمات النفسية، بالإضافة إلى إنشاء مراكز دعم مجتمعي في المناطق التي تشهد حالات اختفاء قسري. يمكن تعزيز التنسيق بين مختلف الجهات لتوفير الدعم اللازم حتى لو كانت البنية التحتية غير متكاملة، باستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة لتوفير الاستشارات النفسية عن بُعد.
برأيك، ما الخطوات العملية التي يمكن اتخاذها من قبل الحكومة اليمنية والمجتمع الدولي للحد من ظاهرة الاختفاء القسري في اليمن؟ وهل ترى أن هناك أملاً في تحقيق العدالة للضحايا؟
فيما يتعلق بالخطوات العملية التي يمكن اتخاذها، ينبغي على الحكومة اليمنية أولاً تعزيز سيادة القانون وتطوير المؤسسات القضائية المستقلة لضمان محاسبة المسؤولين عن حالات الاختفاء القسري. من المهم أن يتم إنشاء آلية وطنية مستقلة للتحقيق في هذه الحالات، مع إشراك المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية في هذا الدور.
أما على مستوى المجتمع الدولي، يمكن الضغط على الحكومة اليمنية لتوفير حماية أكبر للمدافعين عن حقوق الإنسان وضمان عدم تعرضهم للتهديدات أو الاعتقالات. يمكن أيضًا تكثيف الدعم للمنظمات التي تعمل على توثيق حالات الاختفاء القسري وتحقيق العدالة للضحايا من خلال محاكمات دولية أو محاكم خاصة.
فيما يتعلق بالأمل في تحقيق العدالة، رغم التحديات الكبيرة، لا يزال هناك أمل من خلال الضغط الدولي والمشاركة الفعالة للمنظمات الحقوقية والمجتمع المدني المحلي. ومع استمرار توثيق هذه الانتهاكات، قد تتمكن الجهات المختصة في المستقبل من تقديم المسؤولين عن تلك الممارسات إلى العدالة.
ما دور الحزب الاشتراكي في تعز في متابعة قضية المختطفين أكرم الزبيدي وأيوب الصالحي، اللذين مضى على اختطافهما 2016م لدى سلطة الأمر الواقع في تعز؟
فيما يتعلق بالحزب الاشتراكي في تعز ودوره في متابعة قضية المختطفين مثل أكرم الزبيدي وأيوب الصالحي، فإن الحزب الاشتراكي كان دائمًا منخرطًا في قضايا حقوق الإنسان والمظالم التي يتعرض لها المواطنون، خاصة في المناطق التي تشهد توترات أو عمليات اختطاف.
كان الحزب الاشتراكي يسعى لدعم القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان في تعز وفي عموم اليمن، سواء عبر الضغط السياسي أو من خلال تقديم الدعم للعائلات المتضررة. تتعلق قضية المختطفين بمواقف الحزب التي تطالب بالكشف عن مصيرهم وعودتهم إلى ذويهم، مع التأكيد على ضرورة محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات.
منظمة الحزب تتابع قضية اختطاف أيوب الصالحي وأكرم الزبيدي، واختفائها القسري، بالتنسيق مع السلطة المحلية، وتم التواصل مع المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان. نتمنى أن تثمر هذه الجهود في الإفصاح عن مكان احتجازهما وإطلاق سراحهما، وكذلك إطلاق سراح المختفين الآخرين.
وهناك جهود كبيرة تبذلها لجنة متابعة المخفيين قسريًا في تعز من أجل توثيق أسماء المختفين قسريًا في تعز، ومتابعة الجهات المختصة.
هل توصلتم إلى مكان اختفائهما، أم أن هناك تنصلًا من الاعتراف باختطافهما أصلاً؟
لم يتم التوصل إلى شيء، وهناك وعود ببحث حالتيهما من قبل السلطة المحلية.
وأنت ابن منطقة الأعروق في تعز، القريبة من مدينة الراهدة، ثاني أكبر منطقة في مديرية خدير بتعز، ماذا تعرف عن جهازها الأمني قبل الوحدة، خاصة وأن الراهدة كانت تقع بين شطري الوطن، وكانت منطقة حسَّاسة أمنيًا بالنسبة لطرفي النظامين آنذاك؟
أنا مولود في مدينة عدن، ودرست في مدارسها الحكومية منذ الصف الأول الابتدائي وحتى الثاني ثانوي علمي. اضطُررتُ للانتقال إلى شمال الوطن لظروف أسرية، وواصلتُ دراسة الثانوية العامة في مدرسة الثورة الثانوية، بتعز، وأديتُ خدمة التدريس الإلزامي لمدة عام في القرية. بعد ذلك، انتقلتُ إلى صنعاء للعمل ومتابعة الدراسة الجامعية.
بالنسبة لجهاز الأمن في منطقة الراهدة قبل الوحدة اليمنية، لا بد من الإشارة إلى أن الراهدة كانت فعلاً منطقة حساسة على الصعيدين الأمني والسياسي، حيث كانت تمثل نقطة تماس بين شطري اليمن الشمالي والجنوبي، وكانت هناك تفاعلات بين أطراف مختلفة في النظامين السابقين. في تلك الفترة، كان جهاز الأمن في المنطقة يركز بشكل كبير على مراقبة التحركات السياسية والعسكرية، خصوصًا في المناطق الحدودية بين الشطرين، والتي كانت تشهد تدفقًا للمعلومات والأشخاص بين الشطرين، الأمر الذي جعل الأمن في تلك المناطق ذا حساسية عالية.
سؤال أخير وسريع: لماذا لم نرَ لك مؤلفًا بشأن اهتمامك بقضايا الاختفاء القسري؟
ظاهرة الاختفاء القسري تناولتها في إطار كتاباتي عن المناضلين والمعتقلين خلال فترة النضال السري في الجمهورية العربية اليمنية.
وقد تناولت في هذه الكتابات عشرات المناضلين والشهداء والمختفين قسريًا، ولا يمكن عزل تلك الظاهرة عن الملاحقات والاغتيالات والاعتقالات التي طالت آلاف المناضلين.
أشكرك على إتاحة هذه الفرصة الثمينة من وقتك، أستاذ فوزي.
أهلاً وسهلاً بك.
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليغرام انقر هنا