العرض في الرئيسةفضاء حر

عقاب النزاهة ومكافأة الفساد..!

يمنات

نائف المشرع

عندما تكون نزيها في هذا الزمن، فإنك لا تحصل على وسام شرف، ولا تنصب نموذجا يحتذى به، بل قد يحكموا عليك بالموت البطيء! هذه ليست قصة خيالية، بل حقيقة يعيشها القاضي أحمد سيف حاشد، الرجل الذي لم يبع ضميره، ولم يركع لأمراء الفساد، فكان جزاؤه الحرمان من حقه في العلاج، وكأن صنعاء وعدن تتفقان أخيرًا على شيء واحد فقط: معاقبة النزاهة!

اتحدوا في الظلم!
من النادر أن تتفق حكومة صنعاء مع حكومة عدن على أي قضية، فهما تتبادلان الاتهامات يوميا، وكل طرف يتغنى بأنه صاحب المشروع الوطني بينما الآخر مجرد أداة خارجية. لكن فجأة، وعندما كان على الطاولة ملف إنقاذ حياة القاضي أحمد سيف حاشد، اتحدت الحكومتين في اليمن: حكومة “الأنصار” وحكومة “الشرعية” على قرار واحد لا رجعة فيه: “لندع حاشد يموت”.

عندما يكون الفاسد بحاجة إلى علاج، تفتح له أبواب الدولة على مصراعيها، وتحجز له الدرجة الأولى في أرقى مستشفيات الخارج، وحتى أفراد عائلته قد يحظون برحلة سياحية مجانية على حساب الدولة. أما عندما يكون الشخص نزيها، كــ القاضي حاشد، فإن صوته العالي ضد الفساد يصبح جريمة، والمطالبه بحقوقه تتحول إلى “تهديد للأمن القومي”!

عقوبة النزيه الموت بالإهمال!
القاضي أحمد سيف حاشد، لمن لا يعرفه، ليس مجرد شخص يطالب بحقه في العلاج، بل هو أحد الأصوات القليلة التي بقيت تقاوم التيار الجارف للفساد والديكتاتورية والاستبداد والقمع،رجل وقف في وجه الفاسدين، وعارض الظلم، ودافع عن حقوق الناس، لكنه لم يعلم أن القاعدة الأولى في سياسة النخبة اليمنية تقول: “النزاهة تعاقب، والفساد يُكافأ..

قد يقول قائل: ربما الدولة تمر بأزمة مالية، ولا تستطيع تغطية نفقات علاجه. لكن هذا العذر لم يعد مقنعًا في بلد يُنفق الملايين على مواكب المسؤولين، ويخصص الميزانيات الضخمة لحروب البيانات والمؤتمرات الفارغة، بينما يموت النزيهون وهم كثر بصمت لأنهم تجرأوا على قول كلمة حق!

بين الفساد والعدل: خيارات حكومية قاسية!

يبدو أن المسؤولين في صنعاء وعدن يتعاملون مع القضايا بطريقة غير مفهومة:
إذا كنت لصًا محترفًا، ستجد من يمولك ويعالجك ويسهّل لك السفر، وربما تصبح ما تريد يوماً ما !

أما إذا كنت نزيها، فلا تنتظر سوى التجاهل، وربما السجن، وإن كنت محظوظا، فقد “تموت طبيعياً” بالإهمال الطبي!

قد يكون القاضي أحمد سيف حاشد مجرد حالة واحدة، لكنها ليست الوحيدة. إنها صورة مصغرة لوطن أصبح فيه العدل تهمة، والنزاهة خطيئة، والحقيقة جريمة لا تغتفر.

وكأنهم يقولون”اذهب يا حاشد إلى الجحيم… نحن مشغولون بالفساد!”

بينما ينتظر القاضي حاشد في القاهرة حقه في العلاج وتذكرة السفر، يمضي المسؤولون وقتهم في اجتماعات رسمية، يناقشون كيف يمكنهم إطالة أمد الأزمة، وضمان استمرار مصالحهم الخاصة. فماذا لو مات رجل نزيه؟ لا مشكلة، طالما أن الفاسدين ما زالوا بخير!

في النهاية، لا يسعنا إلا أن نقول لحكومتي صنعاء وعدن: مبروك! لقد أثبتم أن النزاهة جريمة، وأنكم تحسنون معاقبة الشرفاء… أما الفاسدون، والمحسوبين على القطيعين،فهم دائما في أمان تحت رعايتكم الكريمة!.

ستلاحقكم لعنة حاشد للأبد. 

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليغرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى