فضاء حر

الشيطان الإماراتي..!

يمنات

محمد الصهباني

من العدالة، وإن غابت عن المواثيق الدولية وتواطأت معها كبرى المنظمات، أن يُحاكَم محمد بن زايد على جرائمه في اليمن، وعلى كل قطرة دم سُفكت في بلدان كانت تناضل من أجل التحرر من تدخلات إمارة النعاج. لا يمكن الحديث عن مآسي الوطن العربي دون أن تحضر هذه اليد الآثمة، التي لا تكتفي بالتخريب، بل تتفاخر به وكأن الخراب وسامٌ يُعلَّق على صدر الخيانة.

وأنت تُعدّد جرائم هذا الشيطان، لا بد أن تكون صورته أمامك: بقرونه وخبثه وملامحه الملطخة بدماء الضحايا، لتستحضر كل قواك في اللغة، كل كلماتك المسنونة، كل مفرداتك المنذورة للثأر. فهو لم يكن يوماً مجرّد حاكم طامح أو أمير يجرّب أدوات النفوذ، بل مشروع استعماري بالوكالة، غايته خنق الثورات واقتلاع الشعوب من جذورها.

في اليمن، لم تكتفِ الإمارات بتحالفها مع آلة الحرب السعودية، بل صنعت أذرعاً عسكرية عميلة، أنشأت سجوناً سرية، مزّقت النسيج الاجتماعي، وشطرت الجغرافيا. زرعت كيانات انفصالية، وحين عجزت عن احتلال الأرض، عمدت إلى احتلال القرار.

في مصر، موّلت الانقلاب على أول تجربة ديمقراطية بعد ثورة يناير، وأعادت العسكر إلى السلطة على جثث الشباب الذين حلموا بدولة مدنية. دفعت المليارات لإسقاط الثورة، واشترت الذمم والرصاص معاً، لتعيد البلاد إلى مربّع القمع والاستبداد.

في ليبيا، غذّت الحرب الأهلية بكل أدوات التدمير، موّلت المرتزقة، جهّزت الطائرات، وأسقطت المدن بيد ميليشيات حفتر، فقط لأنها رأت في الثورة تهديداً لمصالحها ومشروعها التخريبي.

في تونس، حيث كانت الثورة تحاول أن تصمد، أرسلت الإمارات جيوشها الإعلامية والسياسية، عملت على إسكات كل صوت حرّ، ودفعت نحو مسار خنق التجربة من الداخل بعد أن فشلت في إسقاطها بالقوة.

وفي فلسطين، حين بلغ الخذلان مداه، طبّعت علاقاتها مع الاحتلال الإسرائيلي بلا مقابل، ثم استغلّت هذا التطبيع لتجريم المقاومة وتشويه رموزها، وكأنّ العدو هو الفلسطيني، لا المحتلّ.

هذه ليست تدخلات عابرة، بل جريمة منظمة، تبدأ بالتخطيط وتنتهي بإراقة الدم. محمد بن زايد ليس رجل دولة، بل مدبّر للنكبات، يتسلّل تحت لافتات “الاستقرار” فيما يزرع الفوضى، ويقدّم نفسه كصانع سلام بينما لا يسير إلا على ركام المدن وأشلاء الشعوب.

والتاريخ، وإن كُتب اليوم بأقلام المرتزقة، لا ينسى. والعدالة، وإن خذلتها المحاكم، لا تموت. وستأتي اللحظة التي يُساق فيها هذا الشيطان إلى ساحة الحساب، لا تملكها محكمة دولية، بل تصنعها الشعوب، وتكتبها دماء الشهداء سطراً سطراً.

زر الذهاب إلى الأعلى