أهم الأخبارالعرض في الرئيسةفضاء حر

مائةُ يومٍ خلف الشمس وهاماتُنا تعانقُ السحاب

يمنات

عبدالوهاب قطران

مائةُ يومٍ مرّت…

لا نعدّها بألم الانتظار، بل بعدّاد الصمود في وجه الطغيان.

مائةُ فجرٍ أشرق، ولم يشرق معه وجهُ أخي عارف محمد قطران، ولا ظلُّ نجله عبدالسلام.

مائةُ يومٍ وهما «خلف الشمس»، في زوايا العتمة التي تظن السلطة أنها ستحجب بها نور الحق، وسبعةٌ وستون يومًا من الإخفاء القسري الكامل…

صمتٌ ثقيل، لكنه ليس صمت العاجز، بل سكون الواثق بعدالة قضيته.

يسألون: أين هما؟

ونحن نجيب بملء الفم:

هما – وإن غُيِّبت أجسادهما – حاضران في وجدان كل حر، شامخان شموخ الجبال، لا تهزهما ريح، ولا يكسرهما قيد.

هذه سلطة أدمنت استعراض فائض القوة المنفلتة،

تخاف الكلمة، وترتعد من القانون،

لامحاسبة برلمانية لان البرلمان مات.

وعطّلت القضاء لأنه ميزان الحق،

وصادرت الإعلام لأنه صوت الحقيقة،

وظنت – واهمةً – أنها بشرعة الغاب ستحولنا إلى قطيع في حظيرتها.

ولكن هيهات…

فالهامات التي جُبلت على العزة لا تنحني إلا لخالقها.

أكتب إليكم اليوم لا بصفتي قاضيًا يعرف كارثية السلطة المطلقة و تعطيل الدستور والقانون ومصادرة الحقوق فحسب، بل أخًا صلبًا، وعمًّا لا يلين، ومواطنًا يمنيًا حرًا يرفض الضيم. أكتب بلغة الحق الذي لا يسقط بالتقادم، وبصوتٍ يعرف أن للظلم جولة، وللحق جولات لا تنتهي.

ما يجري اليوم ليس استهدافًا لآل قطران وحدهم، بل اختبارٌ لكرامة كل يمني.

نحن أمام سلطة تستقوي علينا بالحديد والنار، وتراهن على الملل، وعلى اعتياد الظلم، وعلى أن يتحول الخوف إلى قدر… وهيهات.

لقد توحّش الطغيان حتى صار يرى في الإخفاء القسري إنجازًا، وفي تغييب البشر بطولة، متناسيًا أن الظلم مرتعه وخيم، وأن ليل الظالمين – مهما طال – لا بد له من فجرٍ صادق.

أيها الأحرار:

أخي عارف وابنه عبدالسلام ليسا رقمين في قوائم المخفيين،

إنهما كرامتكم التي تُهان،

وحريتكم التي يُراد لها أن تُصادَر،

وصورتكم في مرآة هذا الزمن القاسي.

ارفعوا أصواتكم عاليًا، لا تضامنًا معنا فحسب، بل دفاعًا عن أنفسكم، ورفضًا لأن تتحول بلادنا إلى غابة لا يحكمها سوى أنياب القوة الغاشمة.

أين هما؟

سؤالٌ لن نسحبه، ولن نخفف حدته، وسنظل نطلقه سهمًا في خاصرة الحقيقة، حتى ينكسر القيد، أو يُفضَح السجان

مائةُ يومٍ من التغييب …

وسبعةٌ وستون يومًا من الإخفاء القسري…

والجريمة ما تزال مستمرة.

فليسمع من به صمم،

وليعلم القاصي والداني:

أننا همدان… أحلاسُ الخيل وأحلافُ الليل،

نصبر ولا نجزع،

نُسجَن ولا ننكسر،

زر الذهاب إلى الأعلى