قراءة سريعة في مشهد سقوط التربة بتعز في يد التطرف

يمنات

عبد الجبار الحاج

ليست المرة الاولى الذي يحدث فيها الامر على النحو الذي حصل اليوم في التربة من مسرحية هزلية تكرر مشاهد بطولة ابو العباس .. و هو خبر سيطرة القاعدة ونسخها المطورة والاكثر بشاعة ليس الا. اي خبر السيطرة على مدينة التربة واطلاق سجناء هناك.

ليس في الامر جديد ونحن نتابع ونراقب تطبيقات السيناريو المعد سلفا .. وهو سيناريو يجري تنفيذه بطريقة لا ادري لماذا يتكرر على النحو ذاته بطريقة تروجه مسميات المقاومة، كما لو انه خارج حسابات قيادتها بألوانها الفصائلية المتباينة الشكل فحسب .. دون ان يصدر عادة عن مسمى الاجنحة التي تدعى او تزعم انها شكل مختلف ومتخالف مع تركيبة ومنهاج جماعات التطرف وابرزها جماعة ابو العباس (عادل عبده فارع الذبحاني).

برهنت وقائع الحرب في تعز تماما كما لو ان مسمى المقاومة ليست الا النسخة الاولى التي تتقدم مسارا تتوالى احداثه بدراماتيكية تؤول فيها السيطرة في اخر كل مشهد من المسلسل الى صيرورة انتصار وسيطرة الاكثر تطرفا .. “ابو العباس” نموذجها الاوسع..

اما الاشكال التي قدمت نفسها للمجتمع في تعز مثالا لا حصرا باعتبار ماضي احزابها العريق والمناهض والمعادي والمحارب للوهابية والارهاب المقبولة اجتماعيا يتوقف دورها عند دروب ومواقع تعتليها وتزيدها هكذا جماعات .. والسؤال: لماذا ليست هي ما دامت تدعي انها جزء من مسمى المقاومة..؟ واحد تجليات حضورها..

تسليم مناطق هامة لجماعة ابو العباس..?!

هكذا برزت الصورة بوضوح منذ بداية مشاهد سقوط الاحياء في مدينة تعز بطريقة مريبة ومثيرة للشك حول الدور الذي ادته فصائل بعينها في نهاية المشهد يطل البطل ابو العباس مسيطرا لهذا الموقع او ذاك في كل نهاية لمشاهدها المتتالية.

بالتوازي وتباعا وتزامنا مع تساقط خريفي الصورة لمناطق في المظفر والقاهرة والجمهوري في قلب مدينة تعز..

ثم وادي القاضي والروضة التي كانت بقبضة المدعو حمود سعيد تالية للبدايات في القاهرة. مرورا بشارع جمال الذي كان زعم يومها التنظيم انه تحت سيطرته وكان ادعائه هذا متزامنا مع اعتداء او محاولة اغتيال قيل ان امين التنظيم الناصري تعرض لها بحسب بيان صادر عنهم.

و اتضحت الصورة اكثر يومها في مشاهد الجمهوري وفي صمت اتخذته منظمة الاشتراكي بتعز جراء اقتحام مقرها الواقع قرب المستشفى الجمهوري بتبرير رئيسها او سكرتيرها الصمت حفاظا على وحدة الصف و ياله من صف تتكشف تداعيات جرائمه على العنف والقمع الممارس على اعضائه المغرر بهم وهو ما يتجرعونه من ممارسات غليظة وقاسية في غياب سكرتيرها المتنقل بين جدة والرياض تاركا من غرر بهم يواجهون واسرهم مصائر سوداء من جرحى وقتلى ومفقودين ومطردين ايضا من الوية مزعوم المقاومة.

و هكذا جرت عمليات السيطرة العباسية ومن ثم المدينة القديمة ومداخلها باب موسى والباب الكبير ومنذ شكلت عمليات التسليم المبطن والمتواطئ من قبل صفوف تدعي تناقضها مع الجماعة كان حجر الاساس يستدعي احجاره التالية في البناء التالي والاخذ بالظهور اعلى من سواه ويعتلى المنصة ابو العباس وزريق ومن في شاكلتهم وتطرفهم الاعلى.

ليس مصادفة اختيار مناطق ذات حضور يساري حقيقي واستخدام اسماء ناصرية واشتراكية كواجهة قيادية للمقاومة .. وبناء معسكرات .. وتحشيد وتجيش كغطاء يسهل من خلاله تأمين حضور جماعات التطرف في المعافر .. المواسط .. الشمايتن .. صبر .. اكثر من منطقة بالحجرية .. كذلك مناطق بعينها صبر، و تحديدا مشرعة وحدنان ثم الصراري حالتين مترابطتين ببعض ومتصلات بأحداث اخرى.

جري تاليا تحويل مناطق مثل ذبحان والاكاحل ووو.. ومحيط التربة كل ذلك بعناصر ذات ولاء وهابي اخواني وهكذا ينقل الامر والراية الى الاكثر تطرفا..

و تقول الوقائع ان اعمال انتقامية يتعرض لها محسوبون على المقاومة. بداوا يقراؤن المشهد بنتائجه الوخيمة عليهم وعلى اسرهم وقراهم ومحافظتهم المستهدفة.

منذ اللحظة الاولى لاندلاع المواجهات ومنذ اليومين الاولين راحت تسوق قوائم بأسماء يسارية حقيقية وهي قوائم ما اسموها بالعار..

ليس الا القرار بإحكام الموت الذي مجرد سريان وانتشار القائمة وتداولها بين اهالي المنطقة هي بمثابة حضر هؤلاء ومنعهم من العودة إلى المنطقة..

الملاحظ التركيز على سلسلة جبيلة ليس لاستخدامها كمواقع استراتيجية في المعركة بل كحصون ومواقع دائمة للإرهاب.

مناطق من نوع المخلاف وشرعب انخرط معظم شبابها في مليشيات حمود سعيد سرعان ما انقلب العديد منهم في عكس موقفه الى الضد وتنقلوا الى القتال في الطرف الاخر المسمى الحوثي وصالح.

السؤال لما تبدو هذه المناطق بمنأى عن الحرب واين تتواجد العناصر التي جندها حمود المخلافي وصادق سرحان الآن واي دور تؤديه واين هي..?.

برهنت وقائع الحرب في تعز تماما كما لو ان المقاومة هي النسخة الاولى المقبولة اجتماعيا يتوقف دورها عند مواقع تعتليها جماعات واحدتها; تسليم مناطق هامة لجماعة ابو العباس ليس اخرها نجد قسيم وليست مناطق في المظفر والقاهرة في تعز الا البداية وحجر الاساس الذي مضى تحت غطاء دخان الإحتراب الذي لم ينتبه اليه احد بعد. وبالتالي لم يقرأ الناس احد مشاهد الحرب واهدافها الجلية. كما هي الحال تفضي الى دروب تقرر مساراتها ومالاتها بمقاليد وقوانين متطرفة..

مشاهد اخرى باتت احداثها معروفة النتائج والمآلات التي تسير بطريقة متماثلة.

كما لا يمكن فصل المشاهد المترابطة بمسلسل معلوم الاهداف ونهاية المصب. لا يمكن فصل ماجرى في مشرعة وحدنان قبل اكثر من عام مع ماجرى في الصراري التي لم تجف دماء ابريائها المدنيين واخرين لا يعرف مصيرهم هم رهن الاختطاف ما يسموهم بأسرى علقت المشانق لهم وانتقلت الى اقبية عدنان زريق في احدى اروقة واقبية المدينة القديمة.

بهذا المقال هو قراءة سريعة .. حاولت ان اقدمها لتفحص ما امكن من كنه المشهد في حلقته في مدينة التربة اليوم .. كي يتجلى امام الجميع مالذي يجري ومن يدير المعارك ويوجهها ومنهم الادوات الذين قدموا انفسهم مجرد فاتحي طريق لالوية التطرف التي تأتي اخر الامر كما لو انها تغلبت على مسمى الوية المقاومة التي ادعت طويلا انها النقيض لـ”أبو العباس” وجماعات مماثلة وان اسموها غلاطا جماعات سلفية فهي هي في المبنى والمعنى والهدف الارهابي والمنشاء الوهابي وبالتالي فقاسة واحدة. وسأعود بحلقات تتسع لحجم الموضوع وخطره الداهم، مضافا الى مخاطر الاحتراب الداخلي ومنتجاته الظاهرة تباعا.