درس من التاريخ .. مفاوضات فيتنام
يمنات
أحمد الحبيشي
(لم يتبق لنا سوى خلع ملابسنا الداخلية) .. هكذا قال الجنرال الأسطوري نجوين جياب قائد جيش التحرير الشعبي الفيتنامي، ردا على مصفوفة مفاوضات السلام التي تقدم بها الامين العام للأمم المتحدة بضغط أميركي عام 1972، لإجراء مفاوضات سلام بين حكومة فيتنام الجنوبية العميلة و فيتنام الشمالية.
بعد ان رفض الجنرال جياب مصفوفة التفاوض مع الحكومة العميلة في سايجون، وقع الرئيس نيكسون مرسوما قضى بتفويض الجيش الاميركي باستخدام أقصى مستويات القوة لإجبار جيش التحرير الشعبي الفيتنامي على قبول خطة السلام التي تقدم بها الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك.
كان جياب يرفض أي مشروع لحل الصراع في فيتنام، لا يلزم اميركا بوقف عدوانها على الشعب الفيتنامي، و لا يعتبرها طرفا معتديا رئيسيا في الحرب الفيتنامية.
في هذا السياق كان الجنرال جياب يقول دائما، ان الكرامة الوطنية للفيتناميين لا تسمح لهم بالتفاوض مع الدمى العميلة في الجنوب المحتل، و لن تسمح لهم بالاستسلام للغطرسة الأميركية.
تنفيذا لتفويض الرئيس نيكسون بحسم المعركة بالقوة المفرطة، شنت القوات الاميركية أكبر هجوم شرس بعد الحرب العالمية الثانية، استخدمت فيه كل انواع طائراتها و صواريخها الجوية و البرية و البحرية لعامين متتاليين، بعد ثمانية أعوام مدمرة من العدوان الأميركي على الشعب الفيتنامي الصامد.
و في الأخير رضخت اميركا و اعترفت بجيش التحرير الشعبي الفيتنامي، و تفاوضت مع قادته الأبطال في جنيف وفق شروطهم، و انتهت المفاوضات بانسحاب ذليل للقوات الاميركية وعملائها، و انتصار جيش التحرير الفيتنامي.
من نافل القول ان سبب انتصار الشعب الفيتنامي، يعود الى غياب الأصوات الجبانة و المرتعشة التي تعتبر الاستسلام نصرا و الخضوع شجاعة.