“البهائية” بين مطرقة السلطات وسندان المجتمع
يمنات – خاص
محمد الصلوي
تكرر في الأشهر الماضية إسم “البهائين” نتيجة للإعتداءات المتكررة التي يتعرضون لها من قبل السلطات الأمنية في بلادنا وايضاً من قبل المجتمع اليمني الذي لم يتقبل بعد فكرة إختلاف المذاهب في الإسلام خاصة مع تزايد التحريض المذهبي أثناء الحرب الدائرة حالياً.
مع هذا هناك أكثر من ألف بهائي في اليمن بحسب منظمة هيومن ريتش ويتش فكيف أستطاعت البهائية إيجاد موطئ قدم لها في بلادنا برغم الإنتهاكات المتلاحقة ضدهم وعدم تقبل المجتمع لهم..
البداية والوصول
ظهرت البهائية في القرن التاسع عشر في إيران نسبة لحضرة بهاء الله و الذي يعتبر رسول هذه الديانة الذي بشر به حضرة الباب عام 1844م و هو ايضاً رسول جاء قبل بهاء الله، حسب ماجاء في كتب البهائية، لهذا يقولون أنهم ليسو طائفة او مذهب إنما دين مستقل مثله مثل الإسلام والمسيحية واليهودية والبابية فلهم رسول بهاء الله و كتاب مقدس الكتاب الاقدس وطرق عبادة مختلفة.
يؤمن البهائيون بالاديان والرسل السماوية ويعتبرون ديانتهم إمتداد لتلك الرسالات التي لم تتوقف عند رسالة الإسلام لهذا تعتبر البهايية إحدى الديانات التوحيدية والتي تؤكد في مبدأها الأساسي على الوحدة الروحية للجنس البشري وحدانية الله، وحدة الدين و وحدة الانسانية ومن محرماتها حمل السلاح خارج إطار الدولة وممارسة السياسية.
كغيرها من الديانات الأخرى التي وصلت إلى بلادنا عن طريق أناس جاءوا من خارج البلاد كوافدين يعملون في مجالات متعددة. ومن ضمن من جاء بهائين قبل عشرات السنين وكانوا يعملون في مجالات متعددة التجارة والطب وأثناء فترة وجودهم عملوا على تعريف الناس بالبهائية. و هكذا وصلت البهائية إلى بلادنا واعتنقها المئات من اليمنيين.
تعايش ومحبة
يقول وائل العريقي أحد معتنقي البهائية اليمنين لـ”يمنات”: البهايية دين يرتكز على المحبة والتعايش والسلام الذي نفتقده هذه الأيام.
و يضيف العريقي: “لا كهنوت في الديانة البهائية وان رجال الدين من المحرمات ونحن نؤمن بجميع الرسل والديانات السابقة لكن لكل ديانة فترة محددة وتنتهي بظهور الرسول الذي يليه حيث وان روح الله واحدة وثابتة في كل الاديان و تضمحل الروح بسبب تحويل الدين الى ممارسات شكلية يتم تقديسها وتفتقر الى مضمون روح الله فيها، و هذه سنة الله وتختلف التشريعات والاحكام بما يتناسب مع العصر وتطوره.
و يشير العريقي ان معتنقي الديانة البهائية يعملون وسط المجتمع بمختلف المجالات التعليمة والانسانية التي أمرهم دينهم بها ومن خلال اختلاطك بهم ستذهلك تعاملهم ومحبتهم لكل الناس وهنا ستجد نفسك تتساءل .. اي فكر يحمله هؤلاء جعلهم على مستوي عالي من الانسانية والمحبة.
القمع المستمر
منذ دخول البهائية إلى اليمن تعرضت للقمع من قبل السلطات المتعاقبة إبتداء من عهد الإمامة حيث تم ترحيل وحبس العديد منهم وكانت تلك الإنتهاكات غائبة عن الإعلام لكن في 2008م أثناء الحرب السادسة على الحوثيين من قبل نظام صالح، المتهمين بتلقي الدعم من ايران، تم مداهمة منازل البهائين وإعتقال العشرات منهم بذات تهمة الحوثيين، ليتم بعد أشهر إطلاق سراحهم وترحيل البعض منهم الى خارج اليمن، خرجت هذه الحادثة إلى الإعلام وتناقلتها وسائل متعددة.
كان عام 2011م بمثابة بصيص أمل للأقليات والجماعات التي تعرضت للقمع والتنكيل بسبب معتقدها بأن تأخذ جزاء من حريتها وحقوقها لكن سرعان ما أنتهي ذلك الأمل حينما عاد مسلسل الإعتقالات أثناء ولاية هادي عهد ما بعد ثورة فبرائر 20111، فتم إعتقال أحد البهائين “حامد بن حيدرة” من قبل الاجهزة الامنية بتاريخ 10اغسطس/آب 2013، و مازال يقبع في السجن حتى هذه اللحظة وتعرض للتعذيب، و الآن يحاكم من قبل المحكمة الجزائية بصنعاء بسبب معتقده.
بين الحبس والإفراج والترحيل القسري عاش البهائيون في بلادنا حتى عندما أصبحت السلطة بيد من كانوا زملائهم في القمع والتهمة فداهمت السلطات الأمنية الواقعة تحت سيطرة “جماعة انصار الله” يوم 10 اغسطس/آب 2016م صالة أحد المؤسسات وسط العاصمة كان يقام بها فعالية مجتمعية نظمها البهائيون وأعتقلت كل المتواجدين بالمكان وعددهم “67” شخصاً ليتم بعدها إغلاق مؤسساتهم لكن هذه المرة بتهمة العمالة لإمريكا وإسرائيل، وبعد اسابيع أُفرج عنهم عدا واحد ما زال معتقل حتى الآن هو “كيوان قادري” إيراني الجنسية.
يقول عز الدين الشرعبي صحفي لدى “انصار الله” لـ”يمنات”: “نحن مع حرية الأديان والمعتقدات والمذاهب لأي أقلية كانت داخل اليمن تحت إطار الثوابت الوطنية العامة، و نرفض أي وصاية على هذة الحريات التي قد تؤدي إلى صراعات مستقبلية و حروب دموية.
و يضيف الشرعبي: “نرفض وندين أي إنتهاكات أو إعتقالات يمارس ضد اي أقلية يمنية سواء كانت هذه الأقليات مختلفة مع انصار الله مذهبياً ومناطقياً وسياسياً ونطالب السلطات والجهات الرسمية الإفراج فوراً عن بقية المعتقلين من الطائفة البهائية في اليمن و محاسبة كل المتهمين بجريمة الإعتقال في حالة ثبت إن البهائين لا يخلون بالأمن والإستقرار وليس لهم اي علاقة او صلة مباشرة وغير مباشرة مع تحالف قوى العدوان”.
اعتقالات في عدن
لم يمر بضعة أيام على الإفراج عن البهائين بصنعاء حتى أعتقلت سلطات مطار عدن في صالة المغادرة بتاريخ 11يناير/كانون ثان 2017، اثنين منهم: “نديم السقاف” الذي كان ضحية إعتقال في سجون سلطة صنعاء و خرج قبل أيام ليتم اعتقاله مرة أخرى في عدن، و عمه والد زوحته ذو السبعة عقود “حشمت الله ثابت” إيراني الجنسية، و الذي كان بدوره مسافراً لتلقي العلاج و تجديد جواز سفره في دولة الإمارات و مازالا مخفيان حتى هذه اللحظة.
رابط مشترك
ثمة رابط مشترك بين السلطات المتعاقبة هو التناوب على التنكيل بالبهائيين. يقول عبدالله العلفي أحد معتنقي البهائية لـ”يمنات”: القمع والتنكيل الذي تعرضوا له البهائيون لم يتوقف حيث ينتقل من سلطة لأخرى وبتهم متعددة العمالة لايران عملاء لبريطانيا عملاء لامريكا وكلها تهم باطلة يبرروا بها الإنتهاكات لكل مخالف لهم دينياً او فكرياً.
و يتساءل العلفي: “كيف يكونوا تابعين لايران وهي من نكلت بهم وقتلت منهم الألاف وما تزال تسفك دماءهم”..
و يشير العلفي إلى أن “اثنين من البهائين مازلوا يقبعون في سجون السلطات بصنعاء أحدهم منذ عام 2013م “حامد بن حيدرة” و يحاكم من قبل المحكمة و الأخر “كيوان قادري” منذ خمسة اشهر و مهدد بالترحيل، و ايضاً ما زالت سلطة هادي بعدن تعتقل “نديم السقاف” و عمه “حشمت الله ثابت” ولا نعلم مصيرهم”.
بين دعوات التعايش والتطرف
القانون و مخرجات الحوار والإتفاقيات الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان الموقعة عليها بلادنا تنص على عدم التميز ضد جماعة أو فرد حسب الدين أو العرق أو اللون. لكن تبقى تلك القوانين مجرد حبر على ورق، هذا بخصوص السلطة الحاكمة و تطبيقها للمعاهدات التى وقعتها. لكن كيف يرى المجتمع اليمني البهائين و بالذات أنه مجتمع محافظ جداً لم يتقبل بعد فكرة الإختلاف بالمذاهب داخل الإسلام، خاصة أثناء الحرب الدائرة حالياً فما بالك بدين جديد.
غزو فكري
يقول عبد الحافظ سلام إمام أحد المساجد بمحافظة ذمار، لـ”يمنات”: البهائية دين وضعي مثله مثل البوذية دين من صناعة البشر لهذا لايمكن أن يكون لهم وجود بيننا، فالإسلام هو الدين الصالح لكل مكان و زمان لهذا كل ما أنتشر الإسلام قام الغرب بغزونا غزو فكري من أجل إنهاء الإسلام، احيانا بتفكيكنا إلى مذاهب و احيانا بصناعة الإرهاب بإسمه و احيانا بإدخال علينا مثل هذه الأفكار التي تستهدف ديننا و أمتنا الإسلامية.
الدولة العلمانية
من جهتها تقول الدكتورة اروي الخطابي دكتورة تاريخ بجامعة صنعاء لـ”يمنات”: “من حق البهائين ممارسة طقوسهم بكل حرية و أمان وسلام لكن لن يتحقق ذلك إلا بوجود دولة علمانية تكفل للجميع حريتهم، هذه الدولة التي ستقدم لهم الحماية الكاملة لممارسة طقوسهم و ستصون حقهم في الوصول الى السلطة و الثروة متساوين مع غيرهم”.
نسير على طريق
عبد الله العلفي أحد معتنقي البهائية اليمنيين من جهته يقول: “لا غرابة في عدم تقبل المجتمع لنا لأن كل الديانات بدأت بهذا الشكل و مورس عليها القمع و البطش لكن في نهاية الأمر أنتشرت و أصبح لها حضور و تأثير في العالم، و نحن نسير على هذا الطريق”.
للاشتراك في قناة يمنات على التليجرام انقر هنا