تغاريد غير مشفرة (109) .. الاستفراد في حكم صنعاء يعني مزيدا من الاستبداد
يمنات
أحمد سيف حاشد
(1)
قد تتصور أن بمقدورك في صنعاء أن تنتصر في خطوة الحسم الأولى، ولكن لن تستطيع تحافظ على انتصارك، كما أن التدعيات واردة جدا في ظرف شديد الحساسية والتعقيد وعدوان متربص بك وبالوطن الدوائر.
(2)
طالما وأحمد علي عبد الله صالح في الإمارات فأنه (كرت خطر جاهز للاستخدام) فلن تنتهي ما تفكر فيه على النحو الذي تريد حتى وإن قتلت الطلقة الأولى والده.. ولتحالف العدوان أيضا خطته.
(3)
صار صالح اليوم غير صالح في الأمس الذي كاد يدركه اليأس الثقيل وكادت حياته والحفاظ على أمواله هي كل أمله.. اليوم صالح يحلم بالعودة للسلطة وعلى نحو أقوى مما كان بعد أن فشل كل خصومه بما فيها فشلكم في إدارة الدولة..
لا تستسهلوا اليوم الخلاص من حليفكم صالح وإن كانت بيدكم السطوة والقدرة على النيل منه بمقتل.. فهناك غيره ينتظر اللحظة لتغيير المعادلة في صنعاء، ولن يدوم انتصارك عليه في صنعاء الذي أنا مقتنع أنكم تستطيعون تحقيقه في الوهلة الأولى.. فأنتم الوحيدون الذين تعرفون أين ينام صالح.
لا تستسهلوا الخلاص من صالح بعد أن تحالفتم معه بالحق والباطل، وقويتموه إلى الدرجة الذي صار شعبيا غالبا عليكم، وأعدتموه إلى صدارة المشهد، وتقاسمتم معه الفساد والمال العام والمرتبات.. فاللوم عليكم مضاعف أكثر منه.
لقد فاتكم أو فوتم أنتم لا نحن لحظة الانتصار الذي يدوم، أما اليوم فالأمر مغامرة ومقامرة والعواقب بالتداعي..
(4)
صالح اليوم صار له مالا ودعما خارجيا ونصف حكومة وأتباع، بل وأنظم إليه كل من يكرهونكم أو ينتقمون منكم..
صحيح أن لديكم الآن القوة والشوكة والغلبة العسكرية في صنعاء، ولكن في ظل العدوان واحتمال وجود الظهير الذي يدعمه أو سيدعمه لن يكون الخلاص منه يسيرا، بل مغامرة ومقامرة جديدة ترتكبونها رغم ما قد يبدو عليه عسكريا من ضعف وقلة حيلة..
فلازال للتحالف أو بعضه خطته وبديلها حال فشلها بعد تصفية صالح إن تمت.
(5)
لو كنتم غير متورطين في الفساد وغير فاشلين في إدارة الدولة ولازالت اخلاقكم الحربية ومصداقيتكم في قول الحقيقة هي تلك التي كانت قبل عمران لكان حالكم اليوم مختلف أو على أقل تقدير سيكون أفضل في مواجهة صالح وإزاحته..
أما وقد تحالفتم معه ومكنتموه، وفي المقابل غرقتم أنتم في الفساد الكبير والفشل الذريع وتآكلت مصداقيتكم وتراجعت أخلاقكم وزال الفرق بينكما وبينه في الفساد والفشل فانتم تكونون أحوج للمراجعة وتصحيح الأخطاء والخطايا أكثر من حاجتكم للمقامرة في تصفية صالح، وهي فخ جديد ينتظركم مثل ذلك الفخ الذي جعلكم تدخلون صنعاء وتصلون إلى تعز وعدن وغيرها لشرعنة العدوان ومنح الذريعة..
(6)
نحن الذين في صنعاء ولسنا معكم ولا مع صالح ولا مع هادي ولا مع الإصلاح ولا مع العدوان والاحتلال ولا مع الحرب الداخلية.. من مصلحتنا في الوقت الحاضر أن لا يستفرد أنصار الله أو صالح بصنعاء، لأن انتصار طرف على آخر يعني أن المنتصر سيستبد علينا ويتعسف حقنا ويسحق معارضيه بقسوة ..
ونحن دون شك سيكون بعض من هذه المعارضة المستهدفة أو سنكون أول الضحايا بامتياز..
وجودكما معا على الأقل يعطينا قدر من هامش المعارضة ضدكما أو ضد واحدا منكما أو حتى هامشا للمناورة نحتاجه للمعارضة والاحتجاج عليكما..
(7)
المؤتمر يريد يمرر مبادرة نراها ترتقي إلى حد الخيانة، واستعداد أكبر للتخلي على ما هو أهم مقابل رفع العقوبات عن قادته وإعادته للحكم، ومجلس نوابه مستعد أن يشرعن أي شيء بما فيها الخيانات الكبيرة.. والسؤال هو: من سيقف ضده؟؟؟
أنصار الله يريدون تطيف المساجد والمدارس والمرافق، وتغير المناهج على نحو يخدم الجماعة على حساب الوطن، ويريدون تسريح الجيش وإحلال جيش آخر محله ذا ملمح طائفي ينتمي ولاؤه للجماعة وليس للوطن، وتسريح موظفي ما قبل 2014 واستبدالهم بموظفين آخرين يغلب عليهم الولاء الأضيق من وطن، وما قطع المرتبات المقدور عليها إلا ملمح لهذه السياسية.. وزائد على هذا وذاك يريدون أدلجة المجتمع وفرض تفاصيل الجماعة عليه، وفرض الشعار على كل الجدران والأبنية والساحات والأزقة، وترديد الشعار مع كل صلاة إن أمكن. والسؤال هو : من يقف ضد هذا التوجه؟
باختصار أن استفراد أنصار الله أو المؤتمر بحكم صنعاء وما والاها يعني أن هناك مشروع صغير سيمر أو سيتم فرضه علينا وهو في الحقيقة ليس مشروعنا ولا مشروع الوطن، ولا مشروع المستقبل.. لهذا لا نريد أحد منهم أن يستفرد في حكمها حتى يجعل الله لنا طريق وللوطن.