فضاء حر

حروب الكراهية القادمة

يمنات

خالد سلمان

نحن ماضون صوب حروب متناسلة، متفرعة لا تنتهي واحدة، حتى تمد حبلها السري للتالية، حتى و ان جاءت التسوية لتضع حداً بين احتراب متاريس المتواجهين، الا اننا بحربنا، نكون قد أسسنا لروح الكراهية المجتمعية، لحروب خارج السيطرة، تقوم على المشاعر، و الصورة الذهنية التي كونها كل منا عن الآخر..

لقد أصبحت مشاعرنا في حالة سيولة تامة، غير محددة او منضبطة تجاه المختلف، في التوجه والمعتقد، في الجغرافية أو المذهب. يكفي مربعك الجغرافي، الذي اجبرت ان تولد فيه، و لَم تختره انت، يكفي ان يكون مبرراً كافياً لاغتيالك المعنوي، او حتى الجسدي.

هذه الحرب التي نعيشها الان، لن تكون خاتمة احزاننا، و لن تكون الجريمة الوحيدة المرتكبة، بحق ناس و قادمي ناس هذه البلاد، الجريمة الحقيقية، هي الآن في حالة تخلق، و بدأت تطل بمشاعرها العدائية، خارج الجبهات، إلى الشارع، إلى الرجل البسيط، الذي يحملك آثام الكون، و يجد فيك جذر شقائه، و لولاك لكان حاله أفضل، في الوظيفة التي سرقت منه، أو السكن الذي نهب منه، أو قطعة الارض، التي لم تعد تسعه و إياك بسببك، أو غلاء الأسعار، التي لولا وجودك المزاحم، لتغيرت آلية السوق، و قانونية العرض و الطلب.

كأننا نمضي إلى حروب صغيرة متناثرة، أشعل حطبها، ساسة الغباء، لحسابات آنية، ثم نسيوها، بعد استنفاد مهمتها، نسيوها تحت لحم المجتمع، تلهب مشاعره، و تغذيه بكل أسباب الكره، تجاه جغرافية الآخرين و شهادات ميلادهم و ميلاد آباءهم، بل و تحميلهم مسؤولية مزاحمتهم لهم حتى في القبر.

الحروب القادمة، هي حروب الكراهية المتبادلة، و لعمري هي حروب يمكن ان تشعلها، في لحظة طيش غاضب، و لكنك لن تستطيع اطفائها حتى و ان أردت.

حروب الكراهية القادمة، هي بنزين وعود ثقاب، بلا سيارة إطفاء، و هي جحيم خارج السيطرة، هي جحيمنا، إن لم نحاصر جمره الآن، فإنه بلا اكلاف دامية باهظة، لن ينتهي.

حائط الكاتب على الفيسبوك

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى