حصاد الجيش الأبيض للقطيع
يمنات
م. خلدون العامري
مناعة القطيع: مصطلح مأخوذ من علم الأوبئة البيطرية، حيث يتم الاهتمام بالصحة العامة للقطيع، ويترك الحالات الفردية تواجه مصيرها دون إلتفات.
تقوم هذه السياسة، على مبدأ السماح للناس بارتياد الأماكن العامة والتفاعل فيما بينهم، حال تفشي وباء ما، ولم يوجد له علاج أو لقاح، أي أن السلطات تسمح بانتشار العدوى على نطاق معين وليس على نطاق واسع،،
وذلك بهدف إكساب الناس المناعة الذاتية، وذلك حين يتعافون بشكل تلقائي من الإصابة، خصوصا حين يكون الفايروس غير فتاك، شرط أن تقتصر الأعراض على القليل من العامة وبشكل غير خطير، ولا تظهر على الغالبية العظمى التي تتمتع بارتفاع المناعة الذاتية.
————————————————————————-
هناك تجارب معاصرة تزامنت مع تفشي وباء الكورونا،أبرزها السويدية والإيرانية:
1- التجربة السويدية المعلنة، والموسومة بالنجاح وذلك لما تتميز به دولة السويد من مستويات عالية من الثقة، ليس بين الناس فقط، وإنما بين المواطنين ومؤسسات الدولة.
كما أن السويديين عموما أكثر صحة من مواطني العديد من البلدان الأخرى”،،
فيما أقدمت بعض الأنظمة على تطبيق هذا الخيار معرضين شعوبهم والعالم لمخاطر كبيرة، الأمر الذي أستدعى خروج المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ الصحية لمنظمة الصحة العالمية، الدكتور مايك رايان محذرا من “إن مفهوم مناعة القطيع خطير، مؤكدا إن العالم بحاجة إلى توخي الحذر عند استخدام المصطلح، لأنه يمكن أن يؤدي إلى عملية حسابية وحشية للغاية لا تضع الناس والحياة والمعاناة في مركز تلك المعادلة واظاف رايان بينما نجد أن مخاوفه تلك تنطبق حرفيا على ما يجري في اليمن عموما وفي عدن خصوصا.
مع العلم بأن فهم آلية التفشي وتقييم المخاطر التي تنطبق على دولة ما في العالم، لا تنطبق على دولة أخرى،،
2- التجربة الإيرانية الغير المعلنة، التي مازال النظام يتحفظ على نتائجها حتى الآن، إلا أنها ظهرت جلية للعالم، من خلال فحوصات المسحة التي أجرتها الدول المحيطة وذات العلاقة على القادمين من إيران والتي أظهرت أن نسبة الإصابة فيهم 100% ، وقد لجأت هذه الدول للفحص الشامل بعد إن اقتصر رصد وتسجيل الحالات المؤكدة على الوافدين من إيران او المخالطين لهم، كما يعزى سبب التفشي في دول الشرق الأوسط لهذه التجربة. وبالرغم من أنها مازالت سرية، غير معروفة النتاج إلا أنها أصبحت نموذج ملهم لكثير من الأنظمة الشمولية التي لا تحترم شعوبها.
———————————————————
في آخر المستجدات حول تفشي وباء الكورونا في اليمن:
“ارتفع عدد حالات الإصابة بـ #كورونا بنسبة 325% خلال أسبوع، مع نسبة وفيات مثيرة للقلق بلغت 15.9%.”
حسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية OCHA
وحتى نعرف حقيقة الوضع سنستعرض هنا العوامل التي تحدد نسبة التفشي والتي تحدد الوفيات في أي بلد.
===========
العوامل التي تحدد نسبة تفشي الوباء :
1- الاستقرار العام للبلد والمستوى الخدماتي. (تناسب طردي)
2- نسبة الوعي العام لدى الشعب، ومستوى الانضباط والتقيد بالتعليمات. (تناسب طردي)
3- الكثافة السكانية، والتداخل الاجتماعي حيث يقل التفشي كلما خف الازدحام وخف التداخل الاجتماعي. (تناسب عكسي)
4- مستوى المناعة العامة للشعب، وهنا يكون (التناسب طردي).
===========
العوامل التي تحدد نسبة الوفيات:
1- المستوى الصحي العام للشعب (تناسب عكسيا).
2- مستوى التفشي الحاصل للأمراض والأوبئة (تناسب طردي).
3- الرعاية الطبية المتوفرة وتشمل:
*السعة السريرية،
*التجهيزات الطبية من أجهزة تنفس، مواد طبية، أدوية، ومحاليل، مختبرات.
* التجهيزات الفنية من مستشفيات ثابتة ومتنقلة ووسائل النقل، وتوفر الكادر الطبي التمريضي. حيث وأن نسبة الوفيات تتناسب عكسيا مع الرعاية الطبية.
=============================
*اليمن ومناعة القطيع امتياز لغثاء الفئة على حساب ندرة الفرد.
انخفاض المناعة الذاتية هي الصفة العامة للشعب في اليمن، سواء الفقراء وهم الغالبية العظمى الذين يعانون من سوء التغذية المزمن، أو الأغنياء وهم القلة الذين لاتتوفر لديهم الثقافة الغذائية السليمة، وإن توفرت فلا يجدون الغذاء المناسب بسبب تدني الجودة المتوفرة في السوق.
حين تشرع دولة ما في تطبيق مناعة القطيع فإنها موازاة مع ذلك، تقوم باتخاذ إجراءات وقائية لحماية الثروة القومية ورصيدها الأكاديمي العظيم ذوي الأهمية العلمية العليا،،
كما تقوم بحماية الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالوباء ومضاعفاته مثل كبار السن ومن يعانون أمراضا مزمنة،،
وفي حين أن سياسة مناعة القطيع بغير ضوابط، تتصف بأنها قرار مناعة يحقق القيمة العامة للمخزون الجمعي ولو كان متصفا بالغوغاء، ويلغي محاذير الفرد ولو كان الفرد خلاقا وذو أهمية، إلا أن السلطات في اليمن اتخذت هذا الخيار منهجا وأقرته إجباريا في وقت مبكر -ولو لم تصرح به- فمن أول موجة تفشي لاحظنا ارتفعاع معدلات الإصابة بنسبة 325% ، وإرتفاع مهول في عدد الوفيات التي وصلت 15.9% من عدد الاصابات ، كأعلى نسبتين تسجلان علئ مستوى العالم حسب تقارير الأوتشا، حيث لا توجد مناعة ذاتية لدى السكان ولا نطاق تعتد به كما في بقية البلدان، وبالإظافة إلى أن الفايروس ينتقل بصورة سريعة وصامتة فإن اليمن قد تفرد بعوامل صحية وبيئية واقتصادية واجتماعية وسياسية تسببت بمضاعفة الكارثة أبرزها:
– الكارثة الإنسانية الحاصلة بسبب الحصار الدولي وعدوان الخارج وصراع الداخل منذ سنوات
– معاناة السكان من التشرد والنزوح ونقص الغذاء والدواء والمياه النظيفة.
– ضعف نظام الرعاية الصحية، وتفشي الأوبئة وانتشار الأمراض، وتواضع الإمكانات المالية المتاحة أو التي يمكن تسخيرها لمواجهة الوباء.
– كما أن العوامل السياسية والإدارية لها الدور الأبرز في هذا الانهيار، تلك المتمثلة بانقسام السلطة والإدارة السيئة للبلاد.
– كما أن للعوامل الاجتماعية أثرا بالغ في هذه الكارثة منها قلة وعي المجتمع بمخاطر الفايروس، الترابط الإجتماعي المتين، وحالة اللامبالاة العامة التي يعيشها الشعب..
أما الخيار الجمعي فأنه يعطي امتياز لفئة معينة -القطيع الجاهل-، على حساب أصل الفرد الواحد كإنسان.. كما هو حاصل في اليمن التي أعطت امتياز للتضخم الفتي العاطل والغير مؤهل ذلك القطيع المنخرط في العمل العسكري -كخيار وحيد متاح- لدى مختلف الكيانات المتصارعة في البلد شمالا وجنوبا شرقا وغربا، على حساب العنصر الفردي الراقي ذلك المخزون البشري العظيم الذي تم بناؤه إنسانيا أكاديميا خلال عقود من الزمن، نعم على حساب ذلك العنصر الفردي الثمين الذي يعد خط الدفاع الأول للشعب.
في صنعاء وبسبب هذا التفشي فقدنا البروفيسور على حمود المؤيد استشاري المسالك وأمراض الكلى وكوكبة من عمالقة الطب .. فهل هؤلاء قطيع؟
وفي عدن فقدنا كوكبة من العظماء أبرزهم البروفيسور يونس أنيس استشاري المخ والأعصاب ورفاقه هل هؤلاء قطيع؟؟
بالله عليكم هل أولئك الأكاديميون الذين تنعيهم جامعة عدن كل يوم هل هم قطيع؟؟
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.