نص احاطة المبعوث الأممي إلى اليمن في جلسة مجلس الأمن الدولي الثلاثاء 28 يوليو/تموز 2020
يمنات
شكرًا سيدي الرئيس، و أرحب بشدة بالموجودين على الشاشة من صنعاء، إنه من دواعي سروري وجودكم على الشاشة. أشكرك على هذه الفرصة، و أود أن أبدأ بتهنئة المسلمين في اليمن و في جميع أنحاء العالم بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك في نهاية الأسبوع الجاري، و أتمنى أن يجلب هذا العيد للشعب اليمني الهدوء و الصحة و بعض السلامة.
سيدي الرئيس،
في إحاطتي الأخيرة لهذا المجلس، منذ شهر أو ما يزيد عن ذلك، أوجزت جوهر المفاوضات التي توسطت فيها الأمم المتحدة بين حكومة اليمن و أنصار الله. للتذكير، تهدف هذه المفاوضات إلى التوصل إلى إعلان مشترك يتضمن اتفاقًا حول: وقف لإطلاق النار على مستوى البلاد و تدابير اقتصادية و انسانية و واستئناف العملية السياسية الهادفة إلى إنهاء الصراع بشكل شامل. و لقد حذرت من أننا وصلنا إلى لحظة حساسة و أن هناك الكثير على المحك.
استمرت هذه المفاوضات على مدى أربعة أشهر الآن، و لقد قدم كلا الطرفين ملاحظات حول مسودات و مقترحات مختلفة لكنهما لم يتوصلا بعد إلى اتفاق بشأن نص نهائي. لقد كانت هذه العملية، كما ناقشنا في المرة الماضية، طويلة و صعبة و شهدت فترات من الزخم المتزايد، كما واجهتها عقبات كبيرة. إن هذا أمر طبيعي لأي عملية وساطة تتناول قضايا عظيمة الأهمية بالنسبة للأطراف، و لكن من المهم في أن يواصل الطرفان المشاركة في هذه العملية. يجب أن تكتمل المفاوضات قبل فوات الفرصة السانحة. و بصفتي وسيطًا، لست مفاوضًا، و لكن بصفتي وسيط، ما زلت أحاول تجسير الفجوة بين مواقف الطرفين و آمل أن يقوموا بتقديم التنازلات الضرورية للتوصل إلى اتفاق فيما بينهم، و هو ليس اتفاقًا خاصًا بي بل اتفاق الأطراف، يلبي تطلعات الشعب اليمني.
لسوء الحظ، و حتى مع استمرار المفاوضات، و كما سنسمع بالتأكيد من زملائي ممن سيقدمون إحاطاتهم، أصبحت حياة اليمنيين في جميع أنحاء البلاد أكثر قساوةً. و أنا متأكد من أنّ مارك سيخبرنا إن اليمن يمر بأسوأ الأوقات.
لم يتحسن الوضع العسكري خلال الشهر الماضي. و قد تسبب استمرار الحملة العسكرية ضد مأرب في عواقب إنسانية و اقتصادية وخيمة، كما يمكن لاستمرار تلك الحملة أن يقوض بسهولة احتمالات التوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار في عموم البلاد لإنهاء القتال الدائر. لا ينبغي الاستهانة بالأهمية الاستراتيجية لمأرب، و لهذا أشرنا إليها في العديد من المرات. و أدعو إلى اتخاذ خطوات فورية و عاجلة لوقف التصعيد، الآن أكثر من أي وقت مضى في وقت حلول العيد. و يبقى مكتبي مستعدًا لدعم هذا الهدف.
أنا أشعر بالقلق، و متأكد من أن مارك يشاركني القلق، إزاء الهجمات الصاروخية التي هددت و أصابت مدنيين في مأرب، كما أستهجن الهجمات الجوية على الجوف و حجة و التي أودت بحياة ضحايا مدنيين منهم العديد من الأطفال. إنني أدين جميع الهجمات ضد المدنيين و الأهداف المدنية، كما يدينها مارك، و أدعو جميع المنخرطين في النزاع إلى الوفاء بالتزاماتهم بحماية المدنيين، و الأطفال بشكل خاص، بموجب القانون الإنساني الدولي.
لم ينخفض مستوى العنف في الحديدة، و زاد عدد انتهاكات وقف إطلاق النار. و لا تزال لجنة تنسيق إعادة الانتشار و الآليات المشتركة لتنفيذ اتفاق الحديدة لا تعمل، و سوف تسمعون المزيد حول ذلك لاحقًا من الجنرال جوها، و الذي تستمر بعثته، أُونمها، جهودها للتغلب على انعدام الثقة بين الطرفين و إعادة الحوار بينهما على الأقل.
في علامة أخرى على ازدياد صعوبة الحياة على اليمنيين، تسير جميع المؤشرات الاقتصادية في الاتجاه الخاطئ. كما سيوضح مارك، فإن أسعار المواد الغذائية ترتفع بينما تنخفض قيمة العملة، و تخلو جيوب معظم اليمنيين مما يكفيهم لتلبية احتياجاتهم الأساسية. لا توجد حلول سريعة لمشاكل الاقتصاد اليمني، بل يجب على الأطراف التوافق حول خطوات لتحييد الاقتصاد عن الصراع لأن شعب اليمن هو الذي يعاني عندما يتم تسيس الاقتصاد و استخدامه كسلاح. تهدف عملية الإعلان المشترك إلى التوصل إلى اتفاق بين الطرفين بشأن تدابير اقتصادية و إنسانية من شأنها على الأقل أن تجلب بعض الفوائد الملموسة لحياة الناس، و نتطلع للطرفين ليتوافقا بشكل عاجل على آليات تنفيذ هذه التدابير.
سيدي الرئيس،
أبلغت المجلس الشهر الماضي بأننا نُشرك الأطراف لإيجاد حل يسمح بالدخول المستمر و المنتظم للسفن التي تحمل مشتقات النفط إلى ميناء الحديدة. إن هذه الجهود مستمرة. تزداد صعوبة العواقب الإنسانية لتلك الأزمة يومًا بعد يوم. لا يمكن لهذا الوضع أن يستمر، فمن الضروري إزالة العوائق التي تعترض الاستيراد و التوزيع المحلي للوقود و غيره من السلع الحيوية للمدنيين.
لقد اتخذت الحكومة اليمنية خطوة إيجابية بالسماح بدخول عدد من سفن الوقود في الأسابيع الأخيرة و نشجعها على الاستمرار في السماح للمزيد من السفن بالدخول. و أود هنا التأكيد على موقفنا من هذه المسألة لأنه يتم إساءة فهمه في الكثير من الأحيان: نحن نريد و نحتاج و نود أن نرى تلك السفن تدخل ميناء الحديدة.
إلا أن هذا الاجراء يوفر تخفيفًا مؤقتًا فقط للمعاناة. لقد أرسلنا أفكار للأطراف حول كيفية المضي قدمًا في المدى القريب قبل الوصول لاتفاق حول الإعلان المشترك، إلا أن هناك حاجة إلى حل طويل الأجل. و لذا، فأنا أحث الأطراف من خلالكم، سيدي الرئيس، و من خلال هذا المجلس، على التفاعل البناء مع مقترحاتنا حتى يحصل اليمنيون على الوقود الذي يحتاجونه بشدة. كما يجب على الطرفين، كما يعلما، الاتفاق بشكل عاجل على آلية لصرف الإيرادات من ميناء الحديدة كمساهمة في رواتب موظفي الخدمة المدنية كما اتفقا في السويد قبل ثمانية عشر شهرًا.
سعى مكتبي باستمرار إلى دعم الأطراف في التوصل إلى اتفاق بشأن دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية لجميع اليمنيين وفقًا لقاعدة بيانات الرواتب لعام 2014. و أنا أكرر ذلك هنا، سيدي الرئيس، لأن هناك البعض ممن ينكرون ذلك. إن لهؤلاء الموظفين المدنيين الحق في تلقي رواتبهم بالكامل و في موعدها. سنستمر في مناقشة مقترحات مع الأطراف لتحقيق هذا الهدف ذو الأهمية الحيوية، و لإيصال تلك المستحقات للناس لأهميتها الاستثنائية للمتطلبات الإنسانية في اليمن.
سيدي الرئيس،
لقد مر أسبوعان منذ جلسة هذا المجلس تحت رئاستك بشأن الخزان العائم، “صافر”، و هي ناقلة النفط المتداعية التي تهدد بتسرب أكثر من مليون برميل من النفط في البحر الأحمر. في تلك الجلسة، دق مارك و آخرون ناقوس الخطر مرة أخرى بشأن التهديد البيئي و الإنساني الهائل الذي تشكله هذه الناقلة. في بداية هذا الشهر، أكد أنصار الله كتابةً أنهم سيصرحون لبعثة فنية تشرف عليها الأمم المتحدة مخطط لها منذ فترة طويلة بالوصول إلى الناقلة. إلا أننا ما زلنا ننتظر الأذونات اللازمة لنشر هذا الفريق. و قد أوضحت الأمم المتحدة لأنصار الله مهمة الفريق: و هي لتقييم حالة الناقلة و إجراء أي إصلاحات أولية محتملة و صياغة توصيات بشأن الإجراءات الإضافية المطلوبة. يُعتبر التقييم بواسطة الخبراء أمرًا بالغ الأهمية لفهم نطاق وحجم المشكلة و الحلول الممكنة بشكل كامل. سأبقي المجلس على علم بأي تطورات في هذا الصدد، كما سيفعل مارك ذلك أيضًا، في الأيام و الأسابيع المقبلة.
في المحافظات الجنوبية، سيدي الرئيس، يسرني أن مستوى النشاط العسكري قد انخفض في الأسابيع الأخيرة بالرغم من بعض الاشتباكات المحدودة على خط المواجهة في أبين. و يستمر التوتر حول مؤسسات الدولة في عدن و مناطق أخرى، و هو أمر مقلق بشكل خاص في ظل الظروف الإنسانية الحالية. كما نعلم، فإن حكومة اليمن و المجلس الانتقالي الجنوبي منخرطان في جهود يومية في الرياض تحت رعاية المملكة العربية السعودية للتوافق حول المضي قدمًا في تنفيذ اتفاق الرياض. و كنا نأمل في الحصول على أخبار بعينها حول تلك القضية قبل هذه الجلسة، إلا أننا نعتقد أنه قد تكون هناك أخبار جيدة وشيكة في هذا الصدد، و هو أمر بالغ الأهمية بالنسبة لنا جميعًا و بالنسبة للإعلان المشترك.
سيدي الرئيس،
إن العناصر قيد التفاوض في الإعلان المشترك مهمة للطرفين و للشعب اليمني على حد سواء. و لقد شهدنا جدلاً مكثفًا في أوساط المجتمع المدني و بين شخصيات أخرى حول هذه القضايا. أنا ممتن للغاية للنصائح و الإرشادات التي تلقيناها منهم. إن مكتبي ملتزم تمامًا بعملية وساطة تشمل الجميع و سيستمر في التعامل مع الجهات الفاعلة في المجتمع المدني بما يتضمن استخدام أدوات رقمية كما يقتضي، كما تعلمون جيدًا، قرار مجلس الأمن رقم 2216. إن إدراج النوع الاجتماعي هو أولوية عالية، كما أعلم أنه كذلك بالنسبة لك أيضًا سيدي الرئيس، و يقوم مكتبي بإدماج المنظورات الجنسانية بشكل منهجي في نص الإعلان المشترك و التخطيط المتعلق بتنفيذه لاحقًا.
في النهاية، سيدي الرئيس،
ما زلت آمل أن تحول مفاوضات الإعلان المشترك المسار في اليمن بعيدًا عن تلك الصورة القاتمة و نحو السلام، لكنني لا أرغب في تجميل الواقع اليوم. إن الفرصة التي تمثلها هذه المفاوضات عرضة لخطر الإفلات بشكل حقيقي مما يهدد بدخول اليمن في مرحلة جديدة من التصعيد المطول و الانتشار الجامح لداء كوفيد-19 و الانهيار الاقتصادي الحاد و الخطير.
إن الأمم المتحدة ملتزمة ببذل كل ما في وسعها لدعم الأطراف في التوصل إلى اتفاق يضع اليمن على الطريق نحو مستقبل من السلام و الازدهار. و أدعو جميع الدول الأعضاء من خلالكم سيدي الرئيس، بما في ذلك أعضاء هذا المجلس و غيرهم من الدول صاحبة المصلحة في استقرار و مستقبل المنطقة إلى تقديم دعمهم الكامل لنا لإقناع جميع المنخرطين للمضي قدمًا و بشكل عاجل نحو الاستكمال الناجح لتلك المفاوضات. إلا أن المسؤولية تقع على عاتق الأطراف في النهاية لاستكمال هذه المفاوضات بنجاح. لقد قلتها سابقًا و أتمنى ألا أقولها كثيرًا مجددًا، ستختبر الفترة القادمة إرادة الأطراف السياسية لتحقيق انفراجة، و أتمنى أن أستطيع إبلاغكم عن أخبار أفضل عندما نلتقي في المرة القادمة، سيدي الرئيس.
شكرًا جزيلاً
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.