ماذا يعني شكوى السعودية بالحوثيين إلى مجلس الأمن الدولي بعد “6” سنوات حرب..؟
يمنات
صلاح السقلدي
شكَــتْ المملكة العربية السعودية يوم الثلاثاء الــ 24 تشرين ثاني نوفمبر الجاري الحركة الحوثية (أنصار الله) باليمن إلى مجلس الأمن الدولي بعد الهجوم الصاروخي الذي استهدف شركة أرامكو النفطية السعودية في مدينة جدة جنوب شرق المملكة، وخلّــفَ فيها أضرارا متوسطة، دعتْ فيه المجلس الى العمل على وقف التهديد الحوثي لأمنها وأراضيها. قبل أن تتدارك ذلك قائلة أنها لن تدّخر جهدا بحماية نفسها.
فهذه الشكوى و هذا الاستهداف الصاروخي الدقيق لمنشأة اقتصادية تشكل عصبة الاقتصاد السعودي كشركة أرامكو النفطية العملاقة يشير الى عدة مؤشرات غاية في الأهمية منها على:
– أن الحسم العسكري الذي تحدّث عنها التحالف الذي تقوده السعودية باليمن قد أصبَــحَ بعيد المنال، بل مستحيل الحدوث من المنظور العسكري والسياسي، فضلا عن استحالة بلوغ صنعاء عسكرياً وإعادة الحكومة اليمنية الموالية للرياض الى سدة الحكم هناك وهزيمة الحركة الحوثية والقوى اليمنية المتحالفة معها بحسب هدف عاصفة الحزم التي أعلنتها الرياض في أذار مارس 2015م.
– أن الدفاعات الجوية السعودية وبالذات شبكة صواريخ الباتريوت الأمريكية التي زوّدتْ بها واشنطن المملكة منذ سنوات وعززتها بشكل كبير غداة استهداف الحوثيون لذات الشركة النفطية في شرق المملكة في أيلول/سبتمبر 2019م قد فشلت فشلا ذريعا في وقف هكذا هجمات بصواريخ وطائرات مسيّــرة متواضعة الإمكانيات التقنية والفنية والقتالية، وصارت هذه الشبكة مشلولة القدرة بشكل يثير حيرة ودهشة كثير من المراقبين، خصوصا أن يجعل شبكة الباتريوت الأمريكية على المحك، وهي الشبكة الدفاعية التي ترى فيها الولايات المتحدة دُرّة تاجها العسكري الدفاعي.
– أن السعودية بعد ستة أعوام حرب دامية أصبحت بحاجة لمن ينقذها من الحوثيين، وهي المملكة التي قالتْ ذات يوم أنها أتت الى اليمن لإنقاذه من الحوثيين. وبالتالي فقد أضحى المنقذ بحاجة لمنقذ ينقذه.
– أن صحّـتْ الأخبار التي ترددها وسائل الإعلام السعودية بأن إيران مستمرة في تزويد الحوثيين بالأسلحة، فهذا يشير أيضاً ليس فقط الى قدرة إيران على اختراق الحظر الصارم الذي يفرضه التحالف على اليمن برا وجوا وبحرا، بل إلى فشل هذا الحصار فشلا ذريعا، وما وصول السفير الإيراني الى صنعاء قبل شهرين وإدخال مئات الكيلو جرامات من المخدرات الى ميناء عدن في الجنوب إلَا نماذج لصور هذا الفشل.
– أن الحركة الحوثية قد أمسكت بزمام المبادرة العسكرية ليس فقط بجبهة حربها مع السعودية، بل على مستوى جبهات القتال مع خصومها المحليين على الأرض. فتمكُــنها من السيطرة قبل أسبوع على أكبر المعسكرات في محافظة مأرب (معسكر ماس الاستراتيجي) 50 كم من مأرب المدينة، العاصمة الإدارية لحزب الإصلاح، أكبر الأحزاب داخل الحكومة، و سيطرتها أي (الحركة الحوثية) على مواقع عسكرية و مساحات واسعة من مديريات المحافظة ومحافظة الجوف المجاورة يعزز هذا الاعتقاد، كما ويشير بالمقابل إلى الوضع المنهار لقوات الحكومة الموالية للرياض التي يهيمن عليها حزب الإصلاح (إخوان اليمن) التي لا تنفك الأجنحة المتصارعة داخلها على إطلاق تُـهم الخيانة فيما بينها، بل واتهام التحالف ذاته بأنه يتثاقل بالتغطية الجوية ويماطل بالإمداد بالسلاح والعتاد.
– أن السعودية التي تعتبر استمرار استهداف أكبر منشآتها الاقتصادية ليس فقط استنزافا لطاقاتها المالية والاقتصادية ويضعها في زاوية الحرج داخليا وإقليميا بل يضرب سمعتها العسكرية في الصميم، وينال من مكانتها السياسية وريادتها بالمنطقة وفي العالم، ويطيح أرضاً بهيبتها العسكرية التي لطالما تفاخرت بها وبالمخزون الهائل من السلاح الذي تستورده من الغرب بمليارات الدولارات، وتزهو دوماً بقدراته التدميرية والتقنية الفائقة بمواجهة أعداءها بالمنطقة، برغم ما تلاقيه من انتقادات كبيرة من هيئات ومنظمات حقوقية دولية مناوئة لهذه الحرب ومنددة بالانتهاكات الخطيرة التي تخلفها الهجمات الجوية.
– هذا الاستهداف لأرامكو سيعزز من الرغبة السعودية بوضع نهاية لهذه الحرب، وبالعمل جِدياً على دعم الجهود الأممية الساعية لوقف إطلاق النار والشروع بعملية سياسية شاملة إعمالاً بمبادرة المبعوث الأممي لليمن (مارتن جريفت) المسماة بـــ(البيان المشترك)، التي تحظى بشبه أجماع من الفرقاء المحليين, وبرضاء سعودي وإماراتي، يعززه ضغوطات دولية كبيرة لوقف الحرب بعد أن بلغ الوضع الإنساني مبلغا خطيرا من التدهور، بحسب تقارير وتصريحات دولية كان آخرها ما قاله الأمين العام للأمم المتحدة (أنطونيو غوتيريس) قبل يومين و حذّرَ فيه من مجاعة لم يشهد لها العالم مثيلا منذ عقود ستضرب اليمن إن لم يكن هناك جهود لإفساح المجال لإيصال قوافل الإغاثة لملاين المحتاجين ووقفا لهذه الحرب. كما يعززها أي (الرغبة السعودية لوقف الحرب) القناعة السعودية بأن الإدارة الأمريكية القادمة التي توعّـدَ رئيسها القادم (جو بايدن) المملكة, بأنه سيعمل على وقف هذه الحرب ونبذ السلطة السعودية بسبب الحرب باليمن والانتهاكات الخطيرة بالداخل السعودية – بحسب بايدن-.
المصدر: رأي اليوم
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.