مناضلو الثورة .. حتى مرتباتهم توقفت
يمنات
عبد الرحمن بجاش
وحده الأستاذ القدير عبد الله عبدالإله من يغرف من ذاكرته و ارشيفه الشخصي كل ما يتعلق بإزالة الغبار عن وجه مناضلي ثورة 14 أكتوبر المجيدة من أول طلقة إلى 30 نوفمبر 67. ما يقوم به يفترض أن تقوم به هيئة بكامل فريقها؛ للأسف لم يعمل على تهيئتها و إيجادها أحد..! و ستأتي لحظة لن يشار إلى الشهداء في هذه البلاد إلا من يختارون بعناية، حتى الشهادة لن تمنح إلا لمن دعت لهم أمهاتهم، و على الآخرين أن يصمتوا في قبورهم..!
سؤال صغير جدًّا في حجمه، كبير جدًّا في مدلوله، تهرب من قراءته كثيرون، و السبب أعرفه جيدًا، إذ إن كثيرين أيضًا لا يدرون شيئًا عن الاستقلال..! و في مناهجنا التي حشيت بالكلام الإنشائي عن أحداث لها تاريخ، لا يدري أبناؤنا – من الابتدائية حتى الجامعة – عنها شيئًا..! أضف إلى ذلك أن القراءة عدو الجميع إلا من رحم ربي، لذلك ضحكت عندما لاحظت أن هناك ضمن جدول كلية الآداب مادة “الثقافة العامة”، التي تخرج مجرد جهلة، بالكاد يحملون شهاداتهم إلى وزارة الخدمة، و برفقتها وساطة من الشيخ أو الأفندم..!
بالصدفة لاحظت أن صديقًا عزيزًا أنزل على صفحته صورة تفاصيلها تقول إن جنديين من الإنجليز؛ أحدهما يراقب و الثاني يقوم بإجراء الإسعافات الأولية ليمني جرحته رصاصات الإنجليز..! سألت عن مدلول ذلك، للأسف فلم يعلق أحد عليها، لأن لا أحد يعرف شيئًا؛ لأن القراءة عدو الجميع.
عندما تكتب و تتمنى أن يتم تكريم المناضلين، فتذهب الأذهان باتجاه الحكومة، و الحكومة أي حكومة ماضية أو حاضرة أو تلك التي ستأتي، فلا علاقة لها بمناضلين إلا بمن يفرض نفسه بحكم قوة العادة..! أما أن أحدًا سيذهب إليه بباقة ورد، فلن يذهب أحد، ناهيك عن كبش في اليد..!
وحده الأستاذ عبد الله عبد الإله من كان جزءًا من الفعل، ما زال يحتفل بطريقته، و يسلط الضوء على من قدموا. و هناك بعض المناضلين و إحساسهم بأن لا أحد يذكرهم أو يتذكر أدوارهم، فيكتبون و على استحياء، احترامًا للنفس، و ما أكثر المحتاجين منهم، و من لا يجد كفاف يومه..
في العالم، إضافة إلى الدولة و هي هناك مفهومة المعالم، فتقوم الحكومة كواجب عليها ضمن منظومة قيم عامة، بتكريم من ناضلوا بكل أشكال النضال في سبيل الوطن، تقوم بتكريمهم و رعايتهم، و بالتوازي، و لأن المناهج و وسائل الإعلام تسلط الضوء على ما قدموا، فهناك هيئات و منظمات و سلوك عام يكرمهم بكل صور التكريم.
في الاتحاد السوفيتي أيامها و الآن روسيا و أخواتها، حتى على جدران عربات القطارات و وسائل المواصلات المختلفة، فتذكر العبارة نفسها: “الأولوية في الجلوس لـ…… و أبطال الحرب”، و لأن الوعي عالٍ بالأمر، فترى من يحملون على صدورهم النياشين يجلسون مكان من يقفون فورًا عندما يرون أحدهم و قد صعد..! في المدارس و الجامعات و حتى في الشارع لا بد أن ترى يدًا تحمل باقة ورد تمد بها إلى أيدي أولئك الذين قدموا للوطن كل شيء حتى حياتهم.
في البلدان الجاهلة و المتخلفة يتم حتى سرقة مرتباتهم، هذا إذا كان لهم راتب من الأساس.
تمنيت أن أرى، و في جنوب البلاد تحديدًا، من يخرج للبحث عن المناضلين، و يتم تكريمهم بكل أشكال التكريم، و تمنيت أن يصدح صباح 30 نوفمبر بكل أشكال التكريم، و يعزف النشيد الوطني في كل مكان حتى على السيارات. للأسف لم أرَ شيئًا مما تمنيت، و في شمال البلاد يتم الاحتفال رسميًّا بالـ30 من نوفمبر كرسالة سياسية توجه إلى جهة ما. احتفال ليس له مدلول أكثر من الخطابات الإنشائية التي يعاد إلقاؤها كل نوفمبر من كل عام..! و كفى الله المؤمنين القتال.
وحده الأستاذ عبد الله عبد الإله من كان جزءًا من الفعل، ما زال يحتفل بطريقته، و يسلط الضوء على من قدموا. و هناك بعض المناضلين و إحساسهم بأن لا أحد يذكرهم أو يتذكر أدوارهم، فيكتبون و على استحياء، احترامًا للنفس، و ما أكثر المحتاجين منهم، ومن لا يجد كفاف يومه!
لذلك أنزل ذلك الصديق تلك الصورة التي لها ألف معنى، التي تقول في واحدة منها: “قارنوا بين قبل و بعد الاستقلال”.
يصبح الأمر باديًا للعيان، يجعل الأجيال المتعاقبة تنبذ التضحية في سبيل الوطن، لتحل معها نية “طلبة الله” بكل ما هو وطني.
المصدر: خيوط
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.